ومن حزمه أنه لما رأى ما يصدر عن شرب الخمر من الأمور التي وقع تحريمها سببها، جعل التحذير منها لجنده ورعيته وسيلة إلى الله في اتباع أوامره والإيقاع بزواجره ، وإلى ما يحصل به غرضه من كف يد التعدي ، وردم زبى الأشر التي لا يأمن السكران من الانكفاء فيها والتردي ، ومنع أفراس الألسنة من الجولان في مضمارالفضول ، وحراسة الأعراض والأموال التي بصيانتها يطول المرء ويصول ، ولما كان غرضه ذلك لم يبال بما سقط من ضمانها ، فكان في كل يومم ألف دينار ، ورأى أن التحصل من الخيرات بقدر ما يقرب إلى الجنة يبعد من النار ، ولم يكفه ذلك حتى منع الدعوات والاجتماعات في الخلوات ، وجعل العيون له على من يحذر بطره وأشره وعلى العين عينا يصغي إليه بسمعه ويلحظه ببصره ، فتمكن منهم التخيل حتى لقدااستشعر كل منهم من آمه وأبيه ، وصاحبته وأخيه ، وجدار منزله الذي يؤويه . ولقد بالغ في المنع مما حظر عليهم الاجتماع عليه ، والنظر بعين الرغبة إليه ، حتى أنه سمر وسمل ، وشنق وغرق ، وحبس ونفى.
ومن حزمه ما صدر عنه من (إعمال) الحيلة على قتل الزين الحافظي ، فإن ه حسم مادة الإغراء بالإسلام ، وسد باب الترغيب لهولاكو في قصد البلاد بما فتح علي من باب الإعدام ، ولو زيد له في الإملاء لاستمر على عادته في الإشلاء ، لكن لله سلم بما أراه للسلطان من الحزم في قتله ، والتعجيل به إلى العذاب الذي نوع من أجله .
مخ ۳۱۴