الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم مطرت عليها السرور سنة واحدة* وفى العرائس كان آدم جسدا ملقى على باب الجنة أربعين سنة وكان يمطر عليه الحزن ثم مطر عليه سنة واحدة السرور فلذلك كثرت الغموم فى أولاده وتصير عاقبتهم الى الفرح والراحة وفى هذا قيل
أىّ شئ يكون أعجب من ذا ... لو تفكرت فى صروف الزمان
حادثات السرور توزن وزنا ... والبلايا تكال بالقفزان
وكان الله ﷿ يخمر طينته بيد القدرة من غير مشاركة الغير فجعل فى جبلته وطبيعته ما أراد وعن ابن مسعود عن النبىّ ﷺ أنه قال خلق الله آدم يوم الجمعة من كل تربة من البلاد رأسه من بيت المقدس وصدره من العراق ومقعده من بابل ويده اليمنى من البيت العتيق ويده اليسرى من فارس ورجليه وقدميه من أرض الهند وأرض يأجوج ومأجوج فلذلك اختلفت ألوان بنى آدم وفى رواية ابن عباس فرجه من بابل ويديه من أرض الكعبة ورجليه من أرض الهند وكليتيه من أرض الصحراء وعظامه من الجبال وأمعاءه من الجزائر وكبده من أرض الموصل وطحاله من أرض الحجاز وفخذيه من أرض اليمن وبطنة من أرض الطائف وظهره من أرض الشام ووجهه من أرض الجنة وعينيه من أرض الكوثر وقلبه من نور العرش كذا فى بحر العلوم* وكان فى الاوّل ترابا فعجن بالماء فصار طينا فمكث ما شاء الله فصار حمأ أى طينا تغير واسودّ من طول مجاورة الماء مسنونا منتنا فخلص فصار سلالة فصوّر فيبس فصار صلصالا أى طينا يابسا غير مطبوخ يصلصل أى يصوّت اذا نقر ثم غير ذلك طورا بعد طور حتى سوّاه ونفخ فيه من روحه كذا فى المدارك وأنوار التنزيل*
غريبة من الفتوحات
وفى الفتوحات المكية ان الله تعالى لما خلق آدم ﵊ الذى هو أوّل جسم انسانى تكوّن وجعله أصلا لوجود الاجسام الانسانية فضلت من خمير طينته فضلة خلق منها النخلة فهى أخت لآدم ﵇ وهى لناعمة وسماها الشرع لناعمة وشبهها بالمؤمن ولها أسرار عجيبة دون سائر النبات وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر السمسمة فى الخلفاء فمدّ الله من تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء اذا جعل العرش وما حواه والكرسى والسموات والارضون وما تحت الثرى والجنات كلها والنار فى هذه الارض كان الجميع فيها كحلقة ملقاة فى فلاة من الارض وفيها من العجائب والغرائب ما لا يقدر قدره ويبهر العقول أمره وفى كل نفس يخلق الله فيها عوالم يسبحون الليل والنهار لا يفترون وفى هذه الارض ظهرت عظمة الله وعظمت عند المشاهد لها قدرته وكثير من المجالات العقلية التى قام الدليل الصحيح العقلى على احالتها موجود فى هذه الارض وهى مسرح عيون العارفين العلماء بالله تعالى وفيها يجولون وخلق الله من جملة عوالمها عالما على صورنا اذا أبصرهم العارف يشاهد نفسه فيهم وقد أشار الى مثل ذلك عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فيما روى عنه فى حديث هذه الكعبة بيت واحد من أربعة عشر بيتا وان فى كل أرض من السبع الارضين خلقا مثلنا حتى ان فيهم ابن عباس مثلى وصدقت هذه الرواية عند أهل الكشف*
(ذكر الروح)
* قال فى أنوار التنزيل ويسئلونك عن الروح أى الذى يحيى به بدن الانسان ويدبره قل الروح من أمر ربى أى من الابداعيات الكائنة بكن من غير مادّة وتولد من غير أصل كأعضاء جسده اذا وجد وجدت بتكوينه على أن السؤال عن قدمه وحدوثه وقيل مما استأثر الله تعالى بعلمه لما روى أن اليهود قالوا لقريش سلوه عن أصحاب الكهف وعن ذى القرنين وعن الروح فان أجاب عنها أو سبكت فليس بنبىّ وان أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبىّ فسألوه فبين لهم القصتين وأبهم لهم أمر الروح وهو مبهم فى التوراة وقيل جبريل وقيل خلق أعظم من الملك وقيل القرآن ومن أمر ربى معناه من وجيه* وفى المواهب اللدنية
1 / 38