الاحمر والابيض والاسود والاصفر وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب كذا فى المصابيح* وفى الوفا بعث الله عزرائيل فقبض منها قبضة وكان ابليس قد وطئ الارض بقدميه فصار بعض الارض بين قدميه وبعض الارض موضع أقدامه فخلقت النفس مما مس قدم ابليس فصارت مأوى الشرّ ومن التربة التى لم يصل اليها قدم ابليس أصل الانبياء والاولياء* قال فى العوارف فكانت درّة رسول الله ﷺ موضع نظر الله تعالى من قبضة عزرائيل لم يمسها قدم ابليس وقيل لما خاطب الله تعالى السموات والارض بقوله ائتيا طوعا أوكرها الآية أجاب من الارض موضع الكعبة ومن السماء ما يحاذيها* وعن ابن عباس أصل طينة النبىّ ﷺ من سرّة الارض بمكة يعنى الكعبة وهو مشعر بأن ما أجاب من الارض درّته ﷺ ومن الكعبة دحيت الارض فصار النبىّ ﷺ هو الاصل فى التكوين* وقال فى العوارف عقبه وتربة الشخص مدفنه فكان مقتضى ذلك أن يكون مدفنه هناك لكن قيل لما تموّج الماء رمى الزبد الى النواحى فوقعت جوهرة النبىّ ﷺ الى ما يحاذى تربته الشريفة بالمدينة فكان مكيا مدنيا فلمكة الفضل بالبداية وللمدينة بالاستقرار والنهاية انتهى قال فصعد عزرائيل بالقبضة الى السماء فأمره فجعلها طينا أربعين سنة حتى صار لازبا ثم حمأ مسنونا أربعين سنة ثم تركه حتى يبس وصار صلصالا أربعين سنة فجعله جسدا موضوعا على طريق مكة للملائكة الذين يصعدون من الارض الى السماء أربعين سنة فكلما مرّ عليه ملأ عجبوا من حسن صورته ولم يكونوا رأوا قبل ذلك على صورة آدم شيئا من الصور حتى مرّ به ابليس فقال الشىء مّا خلق الله هذا أجوف يأكل الطعام فقال لاصحابه انى لأرى صورة مخلوق سيكون له شأن أرأيتم هذا الذى لم تروا على صورته شيئا من الخلق ان فضل الله عليكم هذا ماذا أنتم صانعون قالوا نطيع ربنا ولا نعصى له أمرا فقال ابليس فى نفسه لئن فضل علىّ لا أطيعه ولئن فضلت عليه لأهلكنه هذا ما فى بحر العلوم* وفى المشكاة عن أنس أن رسول الله ﷺ قال لما صوّر الله آدم فى الجنة تركه ما شاء الله أن يترك فجعل ابليس يطوف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك رواه مسلم وعن ابن عباس أن ابليس مرّ على جسد آدم وهو ملقى بين الكعبة والطائف أى بوادى نعمان لا روح فيه فقال لامر ما خلق الله هذا ثم دخل من فيه وخرج من دبره وقال انه خلق لا يتمالك لانه أجوف ثم قال للملائكة الذين معه أرأيتم ان فضل هذا عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون قالوا نطيع أمر ربنا قال ابليس فى نفسه والله لو سلطت عليه لاهلكنه ولئن سلط علىّ لأعصينه كذا فى معالم التنزيل* وقال محيى السنة أرى هذا الحديث مشكلا جدّا أى بين حديثى أنس تناف فقد ثبت بالكتاب والسنة أن آدم خلق من أجزاء الارض فدل على أنه أدخل الجنة وهو بشر حىّ وقال القاضى الاخبار متظاهرة على أن الله خلق آدم من تراب قبض من وجه الارض وخمر حتى صار طينا ثم تركه حتى صار صلصالا وكان ملقى بين مكة والطائف ببطن نعمان لكن لا ينافى ذلك تصويره فى الجنة لجواز أن تكون طينته لما خمرت فى الارض وتركت فيها حتى مضت عليها الاطوار واستعدّت لقبول الصورة الانسانية حملت الى الجنة فصوّرت ونفخ فيها الروح كذا ذكره الطيبى فى شرح المشكاة وكذا فى شرح المشارق* وقال وهب روى أن الله تعالى قال لعزرائيل أنت تصلح لقبض أولاده وسماه ملك الموت وسلطه على ذلك وكما جعله لقبض التراب الذى بدأ به خلقهم جعله لقبض أرواحهم وختم به عمرهم كذا فى بحر العلوم* روى أن عزرائيل لما قبض تلك القبضة من التراب خلط بعضها ببعض وجمعها بين مكة والطائف فطرت عليها قزعة أربعين سنة من بحر الاحزان وهو بحر تحت العرش يقال له بحر الاحزان ولذا قيل لا يمرّ على بنى آدم يوم بلا حزن* وفى بهجة النفوس فطرت عليها
1 / 37