وفي 4 أغسطس سنة 1898 دخل محفل بدر حلوان فنال الدرجات العالية فيه، ومد إليه يد المساعدة، وأهدى إليه عدة أدوات على سبيل التذكار، وهو كريم جواد كثير الشغف بالأعمال الخيرية شديد الغيرة على أبناء ملته، ولا سيما الفقراء منهم، فقد بنى لطائفته كنيسة في حلوان من ماله الخاص، ولا يزال الناس يقبلون عليها، ويصلون فيها وله مآثر جليلة في عمل البر والخير تذكر له بالحمد والثناء. (5) استدراك
اكتفينا في هذه الطبعة بنشر هذه التراجم الوجيزة التي وصل إلينا ملخص تواريخ أصحابها مؤملين من حضرات قراء هذا الكتاب المعذرة على هذا الاكتفاء الذي دعانا إليه تعذر الوصول إلى بقية تراجم مشاهير الأمة الإسرائيلية في الشرق، فضلا عن أننا لو أردنا تدوين تراجم سائر الأفراد المشهورين في أوروبا وأميركا لالتزمنا طبع مجلدات كبيرة بهذا الموضوع، على أننا نرجو ممن يعثر على تراجم عائلات أو أفراد من هذه الأمة الكريمة امتازوا بفضلهم، وجليل أعمالهم في مصر والشام، أن يوافينا بها لننشرها في الطبعة الثانية من هذا الكتاب، وله منا مزيد الشكر.
الفصل الثالث عشر
في نوابغ الإسرائيليين
نشرنا في هذا الفصل ترجمة البعض من الذين عرفناهم وخبرناهم زمنا طويلا، ورأينا من براعتهم في أعمالهم وتفننهم في مصالحهم وإخلاصهم في معاملتهم وشهامتهم وكرم أخلاقهم ما أوجب علينا تدوين ملخص تراجمهم؛ لتكون مثالا جليلا لطلاب العلى والفخر من الشبان الأذكياء وقدوة صالحة لغيرهم من المجتهدين النجباء؛ ولكي يتحفنا قراء هذا الكتاب بتراجم غيرهم من النوابغ الكرام الذين لم تتيسر لنا معرفتهم لنضيفها إلى الطبعة الثانية إن شاء الله. (1) فيكتور هراري باشا
هو صاحب السعادة والوجاهة ابن المرحوم روفائيل هراري، ولد في مصر سنة 1857، ونما على فضائل التربية الجيدة، ولما بلغ العاشرة من عمره أرسل إلى أوروبا لتلقي العلوم في مدارسها، فلبث في مدارس فرنسا وإنكلترا ثماني سنوات نال في أثنائها نصيبا وافرا من الآداب والمعارف المهيئة للنجاح، وحظا عظيما من المبادئ المقوية للهمم والعزائم، ثم رجع إلى مصر ولبث فيها عدة سنوات يزاول شئون الحياة، ويمارس فنون الحنكة والاختبار، حتى إذا تجلت عليه أمارات الفضل والكفاءة دخل في خدمة الحكومة المصرية في أول شهر سبتمبر سنة 1876، فأظهر نشاطا فائقا واجتهادا نادرا، وفي 25 يناير سنة 1880 عين رئيسا لقلم الموازين في نظارة المالية ، وفي 18 فبراير سنة 1882 عين ناظرا لقلم الحسابات بالنظارة نفسها، وفي سنة 1883 أنعم عليه المغفور له توفيق باشا بالرتبة الثانية جزاء إخلاصه وعلو همته في خدمة الحكومة، وفي 18 مايو سنة 1884 عين ناظرا لإدارة الخزينة بالمالية، وفي السنة نفسها انتدب للذهاب مع بلوم باشا بصفة سكرتير لحضور المؤتمر المالي في لندن، فمكث هناك إلى شهر أغسطس من تلك السنة، ثم عاد إلى مصر، وفي 23 أغسطس سنة 1890 عين مديرا لعموم الحسابات بالمالية بالتوكيل عن مديرها.
وقد انتدبته الحكومة المصرية لإصلاح ميزانية الأوقاف، فأظهر لدى هذه المهمة مقدرة الرجال الأكفاء وحاز شهرة بعيدة بين أقرانه ومعارفه، ومقاما رفيعا في عيون عظماء الموظفين وأكابرهم فأجلوه قدره ورفعوا مكانته، وخدم الأوقاف أجل خدمة كما يعلم الواقفون على سر أعماله.
وفي 10 نوفمبر سنة 1890 عين مراقبا للحسابات العمومية في الحكومة، وفي 11 مايو سنة 1892 نال الوسام المجيدي الثاني، وفي أول يناير سنة 1899 عين مديرا لعموم الحسابات المصرية، فقام بهذه الوظيفة المهمة قيام الرجل الخبير المحنك، وفي يناير سنة 1901 نال رتبة الميرميران الرفيعة، وفي 30 يناير سنة 1904 نال العثماني الثاني، وفي صدره الرحب من سامي الرتب والنياشين مثل ما في نفسه الكبيرة من سامي الهمم والمدارك.
وهو الآن مندوب الحكومة في البنك الأهلي، ومندوبها أيضا في البنك الزراعي، وعضو في المجلس الأعلى للمجالس البلدية، وعضو في المجلس الأعلى المختص بالسكك الحديدية الضيقة، ومندوب الحكومة لإصلاح مالية ديوان الأوقاف من سنة 1897، ويدير غير ذلك من الأعمال المفيدة العائدة بالخير والنفع على البلاد، وهو يحسن اللغات العربية والفرنسوية والإنكليزية والإيطالية. (2) الخواجه أفرايم عداه
الخواجه أفرايم عداه ابن المرحوم إسحاق عداه، ولد في مصر في سنة 1858، ولما ترعرع أدخل في مدرسة ألفرير فتعلم فيها اللغات العربية والفرنسوية والإيطالية، وكانت مخائل النجابة والذكاء ظاهرة عليه من صغره، حتى كان الذين يترددون على منزلهم من الأقارب والأصدقاء يتوسمون له مستقبلا حميدا وطالعا سعيدا لما كان يزدان به من رقة الأخلاق واللطف والأدب.
ناپیژندل شوی مخ