تاریخ اسلامي: یوه لنډه مقدمه
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
المؤسسات
نعرف من قصة التاريخ الإسلامي كيف كانت المجتمعات الإسلامية المختلفة على مر العصور، ونعرف أيضا أن مصائر المسلمين والإسلام تأرجحت باختلاف الزمان والمكان؛ بل أحيانا في الزمان والمكان الواحد. وحتى لو قصرنا اهتمامنا على زمان ومكان معينين، ثمة مقاييس متنوعة يمكن في ضوئها قياس المجتمعات الإسلامية؛ فرغم كل ما يقال عن «العصور الذهبية» - تحت حكم الخلفاء الراشدين أو العباسيين الأوائل أو الأمويين الأندلسيين أو في أي وقت آخر - نادرا ما كان اعتناق الإسلام، والإنتاجية الثقافية الإسلامية، والحكم السياسي الإسلامي يتزامن بعضها مع بعض في أي مكان.
إلى حد ما، يمكن تفسير هذا التنوع اللافت للنظر عن طريق التعريف بالشعوب المختلفة التي برزت في التاريخ الإسلامي؛ كل بما يحمله من مخزون ثقافي خاص به. لكن ضيق المساحة يجبرنا على تقديم بعض التعميمات (التي نأمل التماس العذر فيها)؛ فبالطبع ليس كل الأتراك متفتحي الذهن مثلما أنه ليس كل الفرس فخورين أشد الفخر بثقافتهم رفيعة الشأن. ثمة طريقة أخرى لتفسير هذا التنوع وتوضيحه، وهي دراسة المؤسسات التي كانت طابعا مشتركا - من الناحية النظرية - في كل المجتمعات الإسلامية، وإن كانت مختلفة - على أرض الواقع - في الأماكن والأزمنة المختلفة من التاريخ الإسلامي. ودراسات الحالة الثلاثة المختارة هنا هي المسجد، والجهاد، والخلافة (أو الإمامة). الأولى مؤسسة مادية، والثانية دينية قانونية، أما الثالثة فتجمع بين سمات المؤسستين الأولى والثانية معا.
المسجد
في الحلقة الأولى من المسلسل التليفزيوني البريطاني الشهير «الحضارة» الذي يدور حول تاريخ الفن، علق لورد كلارك على أن المباني الرومانية الإغريقية تميزها:
نفس اللغة المعمارية، ونفس التصوير الخيالي، ونفس المسارح، ونفس المعابد؛ فيمكنك العثور عليها في أي وقت على مدار 500 سنة في جميع أرجاء دول البحر المتوسط - في اليونان، أو إيطاليا، أو آسيا الصغرى، أو شمال أفريقيا، أو جنوب فرنسا ... هذا المبنى ... هو معبد إغريقي صغير ربما وجد في أي مكان في العالم الروماني الإغريقي.
اتصفت بعض المساجد الأولى التي بنيت في الأقاليم المفتوحة بالسمات المعمارية الرومانية الإغريقية أيضا، ولكن بدلا من الإشارة إلى أن الثقافة الإسلامية كانت الوريث للتقاليد الكلاسيكية، أظهرت تلك المساجد العكس تماما. لم يحاول الحكام المسلمون أن يفرضوا طراز بناء (رومانيا إغريقيا) موحدا في كل مكان ذهبوا إليه؛ بل كانت العادات المحلية هي التي تؤثر في المسلمين الذين كيفوا المباني القائمة - ومواد البناء وأساليبه حينما كانوا يبدءون من لا شيء - بما يتلاءم واحتياجاتهم. وفقا لذلك، أثر الموروث الثقافي الروماني الإغريقي على المعمار الإسلامي فقط في الأراضي التي استولى عليها المسلمون من أيدي البيزنطيين.
ما الذي يحتاجه المسجد؟ على وجه التدقيق، ثمة نوعان من المساجد؛ الأول هو المسجد أو «مكان العبادة»، والثاني هو الجامع، وهو مسجد يقام في المدينة، ومثلما يشير الاسم فإنه يجمع المسلمين معا من أجل الصلاة وغيرها من الأمور الدينية الأخرى. ولما كانت المساجد مكانا للعبادة، فإنها تستلزم في المقام الأول وجود متعبدين وأئمة للصلاة. ومع أن بعض المتعبدين يبقون في المسجد بين الصلوات (بل يتناولون الطعام وينامون هناك)، فهؤلاء الأشخاص ربما يمثلون جزءا من أثاث المسجد وليس تصميمه المعماري. يستلزم المكان نفسه وجود مكان للوضوء قبل الصلاة (بما في ذلك المصدر الضروري للمياه النقية)، و«محراب» يحدد مكان مكة التي يتخذها المسلمون قبلة للصلاة، وأيضا - في أغلب الأحيان وليس جميعها - «منبر» تلقى منه الخطب، ومئذنة يدعى من خلالها المسلمون للصلاة خمس مرات يوميا.
شكل 3-1: مسجد في غرب أفريقيا (جينيه، مالي).
1
ناپیژندل شوی مخ