220

د مصر په قديم ملي غورځنګ تاريخ: د تاريخ له شپږمې ورځې څخه تر عربي فتح پورې

تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي

ژانرونه

وقال في موضع آخر: «ليس من العدل أن يقول قائل إن كل من أسلم من الأقباط إنما كان يقصد الدنيا وزينتها، فإنه مما لا شك فيه أن كثيرا منهم أسلم لما كان يطمع فيه من مساواة بالمسلمين الفاتحين، حتى يكون له ما لهم، وينجو من دفع الجزية، ولكن هذه المطامع ما كانت لتدفع إلا من كانت عقائدهم غير راسية، وأما الحقيقة المرة فهي أن كثيرين من أهل الرأي والحصافة قد كرهوا المسيحية لما كان فيها من عصيان لصاحبها؛ إذ عصت ما أمر به المسيح من حب ورجاء في الله، ونسيت ذلك في ثوراتها وحروبها التي كانت تنشب بين شيعها وأحزابها، ومنذ بدا ذلك لهؤلاء العقلاء لجئوا إلى الإسلام فاعتصموا بأمنه، واستظلوا بوداعته وطمأنينته وبساطته.»

41

وقال لمناسبة الصلح الذي عقد على تسليم الإسكندرية للعرب: «ولا نزال نسائل النفس عن السبب الذي حمل أهل الإسكندرية على قبول ذلك الصلح، والمبادرة إلى الرضا عن قيرس (المقوقس) بعد أن كانوا قد وثبوا به وأرادوا أن يحصبوه، ولكنهم لم يكونوا صادرين عن نزق في انصرافهم عن دولتهم (دولة الرومان)، وصدوفهم عنها ورضائهم بالإذعان لحكم الإسلام، وليس ثمة إلا رأي واحد فوق ما سبق لنا ذكره نفسر به ما كان منهم؛ ذلك أنهم كانوا قد سئموا من كثرة ما أصابهم من الحدثان، وكرهوا فساد الحكم الذي أثقل كواهلهم مدة أربعين عاما، وقالوا في أنفسهم: لعلنا نجد في حكم المسلمين استقرارا واطمئنانا نأمن فيه على ديننا فلا نكره فيه، وعلى أموالنا فلا نتحمل من الخراج والجزية إلا قدرا نطيقه، ولعل أكثر ما حملهم على الرضا بحكم العرب رفع ما كان يبهظهم من الضرائب، فقد كان الرومان يجبون من مصر أموالا يتعذر علينا أن نعرف مقدارها، ولكنها كانت بلا شك كثيرة الأنواع ثقيلة الوطأة شديدة الأذى، فأحل العرب محلها الجزية وخراج الأرض، ومهما يكن من مقدارها فقد كانت لها فضيلة البساطة، وكانت ثابتة المقدار ومحدودة القصد، وكانت أقل في جملتها مما كان يجبيه الرومان.»

42

هذا، وإن ما شاهده المصريون أو استذكروه من مظالم البطالمة، ثم مظالم الرومان، ومن قبلهم ظلم الفرس والآشوريين، قد أنار بصائرهم وزاد من وعيهم، وجعلهم يعتقدون بحق أن الحكم الأجنبي لا يمكن الاطمئنان إليه؛ فلقد رأوا الإسكندر بادئ الأمر منقذا لهم من ظلم الفرس ثم ما لبث خلفاؤه البطالمة أن اتخذوا مصر مستعمرة لهم، ثم رأوا من ظلم الرومان شرا مما رأوا من البطالمة.

فهذه التجارب التي استمرت عدة قرون جعلتهم يفكرون في أن لا بد لهم من اتجاه جديد في الروابط الدولية، يجعلهم آمنين على حياتهم وعقائدهم ومستقبلهم واستقلالهم.

فاعتزموا، وقد ساءت ظنونهم في المجموعة الأوروبية، أن ينضموا إلى الكتلة العربية الشرقية؛ إذ وجدوا فيها العدل والإنسانية والفضائل القومية، فانضمت مصر إلى المجموعة العربية.

وفي الحق إن المستعمرين من الإغريق والرومان أو الأعاجم من الشرقيين، قد برهنوا على أنهم أقوام قساة القلوب، غلاظ الأكباد، لم تعرف الإنسانية إلى قلوبهم سبيلا، وهذا ما جعل المصريين ينظرون إلى الفتح العربي كمنقذ لهم من ظلم الرومان واليونانيين، ومن قبلهم ظلم الأعاجم من الشرقيين كالفرس والآشوريين.

قد لا يكون هذا الاتجاه نتيجة تمحيص وتحقيق، بل هو إلهام للشعوب في الساعات الفاصلة في تاريخها، وخاصة في ظروف الانتقال، وهو بالنسبة لمصر دليل على ما فطر عليه الشعب المصري من إرهاف للحس، وحسن بصر في الأمور، فالشعب المصري بماضيه في الحياة القومية والحضارة المجيدة، قد أحس أنه أقرب للعرب جوارا وصلات روحية وثقافية، فاتجهت نفسه بفطرته السليمة إلى أن يكون جزءا من الكتلة العربية، بدلا من الكتلة الأوروبية أو الشرقية الأعجمية.

أضف إلى ذلك ما كان من تأثير عامل اللغة في هذا التطور، فإن انتشار اللغة العربية في مصر على تعاقب السنين قد مهد لجعل المصريين عربا؛ لأن اللغة هي ولا ريب من أقوى الروابط بين الأمم والجماعات، بل هي من أركان القوميات.

ناپیژندل شوی مخ