وكان الخليفة قد كتب إلى عميد الملك: أسأل مولانا أمير المؤمنين التطول بذكر ما شرف به الخادم الناصح شاهنشاه ركن الدين فيما رغب فيه، وسمت نفسه إليه. وأراد أن يقول الخليفة ما يلزمه من الإجابة، ففطن لذلك وغالطه وقال: قد سطر في الجواب ما فيه كفاية. فانصرف عاتبا، وذهب مغاضبا. وراح راحلا ورد المال إلى همذان، وأخبر بالحال السلطان.
وكان الخليفة قد كتب إلى خمارتكين الطغرائي يشكو من عميد الملك وإلحاحه.
فكتب في جوابه يشير بالرفق والتطلف، وينص على التثبيت والتوقف. فنسب عميد الملك قطع الحديث في الوصلة إلى مخامرة خمارتكين فتغير، السلطان عليه فرهب وهرب، وتسرع وتسرب. وكتب السلطان إلى قاضي القضاة والشيخ أبي منصور يوسف بالعتب الممض، والخطب المقض، وقال: هذا جزائي من الإمام القائم وقد قتلت أخي في طاعته، ووهبت عمري لساعته، وأنفقت أموالي في خدمته، وطلبت فقري لثروته! فما باله ما بالي برد قولي، وقال بردي، وصد قصدي، وقصد صدي! وكتب إلى عميد الملك بأن يقبض الإقطاعات ولا يترك للخليفة إلا ما كان باسم الإمام القادر قديما، وأن يكون لمعارضة أسبابه مستديما. فحضر العبيد رئيس العراقيين بيت النوبة وعرض الكتب، وأعاد العتب. فخرج جواب الخليفة: ما رجونا من ركن الدين ما صنع، وما توقعنا ما وقع، وبين يديك الإقطاعات فاقطعها، وقد ارتفعت الموانع فامنعها.
مخ ۱۹۵