والسلطان يعتذر عن تأخره وتراخيه، بما شغله من وتر أخيه. فمهد عذره، وهمد ذعره، وقلده الخليفة سيفا تبرك به. وكان قد خرج معه من الدار وذلك يوم الأحد الرابع والعشرين من ذي القعدة، واستقر أن يدخل إلى الدار غدا، ويعيد بعودة عيش الإسلام رغدا. فلما أصبح السلطان تقدم إلى باب النوبي وجلس مكان الحاجب. فلما قرب الخليفة، قام وأخذ بلجام بغلته، ومشى في خدمته إلى باب حجرته، وذلك يوم الإثنين الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 451 ه، فعادت الأنوار إلى الطلوع، والأنوار1إلى الهموع، وحل الشرف في موطنه، وفاض الكرم من معدنه.
قال: وهرب البساسيري إلى حلة دبيس بن على بن مزيد، وقد ولت سعادته فهو مطلق في زي مقيد. فسير السلطان وراءه عسكرا، مقدموه: سرهنك ساوتكين وأنوشروان وخمارتكين الطغرائي وأردم، وأنفذ معهم ابن منيع الخفاجي، فواقعوا البساسيري وأوقعوه، ووقع في فرسه سهم رميت به فرمته، وحام حوله حماته فما حمته. وصادفت وجهه ضربة أدمته. وكمش كمشتكين العميدي فأسره، ثم احتز رأسه، وحمل إلى بغداد، وعلق قبالة باب النوبي، وزالت بزواله نوبة النبوة الحالة بالمحل النبوي، واستقام الأمر، وأرج النشر، وتولت الغماء، وتوالت النعماء. وكان طغرلبك بواسط فقدم بغداد في صفر سنة 452 ه، فعمل له الخليفة في روشن التاج سماطا، وأحضر عليه من أكابر دولته رؤساء وأوساطا. ثم عمل للسلطان في ثاني ربيع الأول سماطا آخر، فاضل به من قبله من الملوك وفاخر. وتوجه في خامس الشهر إلى الجبل.
ودخل عميد الملك إلى الخليفة فأقامه في موضع الاصطفاء، ولقبه سيد الوزراء.
قال: وفي سنة 451 ه احترقت ببغداد دار الكتب التي وقفها الوزير شابور ابن أردشين بين السورين، وأخذ عميد الملك ما سلم من النار وكان أحد الحريقين.
وتوفيت في ذي القعدة سنة 452 ه خاتون زوجة السلطان بزنجان.
قال: ولما رحل السلطان استصحب معه أرسلان خاتون ابنة أخيه زوجة الخليفة.
مخ ۱۹۳