366

============================================================

ذكر ذي القرنين 55ى ليس هذا برأي أن تهلك الناس بيننا فيتفانوا فهل لك أن تبرز إلي وأبرز إليك فأينا غلب صاحبه كان الملك له؟ فقال ملك الهند: نعم، وكان رجلا بادنا عظيما جسيما وكان ذو القرنين رجلا قصيرا فطمع فور أن يغلبه فيأخذ ملكه فأمرا عساكرهما بالكف عن القتال وخرج كل واحد منهما إلى صاحبه وكانا قد توائقا على أن لا يعين أحدهما على صاحبه بل ينفرد كل واحد بالآخر بنفسه فلما تجاولا ساعة على مكانهما ولم يظفر آحد منهما على صاحبه قال ذو القرنين السنا قد تواثقنا على أن لا يعين واحذا منا على صاحبه غيره، قال: بلى، قال: فمن هذا الذي خلفك؟ فظن فور آثه قد جاءه بعض أصحابه لعونه ولم يكذب ذو القرنين بل عرض تعريضا فالتفت فور إلى ما وراءه وطن عليه ذو القرنين فضربه ضربة صرعه عن دابته فأسرع إليه حتى قتله، فلما رأت الهند صاحبهم حملت حملة رجل واحد وجذوا في القتال وقاتلوا قتالا لم يسمع بمثله، وكان ذو القرنين ظن أنهم ينهزمون إذا رأوا ملكهم صريغا، فلما أن رأى جدهم في القتال ناداهم يا معشر الهند ما لكم تهلكون أنفسكم وقد قتلت صاحبكم؟ قالوا: لسنا نقاتل له وإنما نقاتل عن آبائنا وأولادنا ودورنا وأموالنا، فقال لهم ذو القرنين: فاعلموا أني قد آمنت كل من وضع السلاح ولست أصنع بكم إلا ما تريدونه ولا آلوكم نصحا وسلاما والله علي بذلك شهيد، فلما سمعوا بذلك سألوه الوثاقة فوثق لهم بالمواثق حتى سكنوا إليها وألقوا السلاح وتركوا القتال ودخل ذو القرنين بلاد الهند صلحا وأمر بملكهم فور حتى كفن ودفن وصالح الهند على السمع والطاعة وأداء الخراج إليه ومر في بلاد الهند فيما يقال على سميت قسمهر إلى بلاد الترك من نواحي تبت وذكر بعض أهل الأخبار منهم الحسن أنه قال إنه بلغ ذو القرنين أن في بلاد الهند قوما من الحكماء وأهل العلم بالطب والنجوم والهندسة في بلاد يقال لها برجماس فقصد نحوهم فكتب إليه الملك إن كنت تأتينا طمعا في مال أو نفع فإنه لا شيء لنا وإنما نحن أناس جفاة عراة لا لباس لنا ولا ثياب فضلا عما سوى ذلك وإن كنت تطلب ما عندنا من الحكمة فيما بيننا فنحن بين يديك فسار إليهم ذو القرنين فلما دنا من أرضهم ضرب عسكره وشخص في طائفة من أصحابه إليهم فرآهم قوما حفاة عراة مساكنهم الظلال والغيران ولا شيء لهم من الدنيا فسألهم عن حالهم وقال: كيف تركتم الدنيا؟ قالوا: لأنه لا بقاء لها، قال: فسأل رجلا منهم وقال: أمن مات من أهل الدنيا أكثر أم من بقي؟ فقال: لا، بل من مات فإنما مضى من الدنيا اكثر مما بقي، قال: فسألهم عن الطب والنجوم وما أراد من أنواع علومهم فأخبروه بما سأل ثم قال لهم: سلوني حاجة بجماعتكم تنتفعون بها؟

مخ ۳۶۶