298

============================================================

ذكر ما كان من فساد بني إسرائيل وتسلبط العدو عليهم الأخبار وقال بعضهم لا بل فسادهم الآخر قتلهم زكريا وسنذكر ما رواه الفريقان وأما أرميا النبي فهو أن الله تعالى ذكر في التوراة خراب بيت المقدس وكان في بني إسرائيل رجل يقال له دانيال الأكبر وهو غير دانيال الذي سياه بخت نصر فكان يقرأ يوما التوراة فبلغ هذا الموضع فقال: يا رب ومن هذا الذي يخرب بيت المقدس ويهلك بني إسرائيل، فأراه الله تعالى في منامه أن ذلك يتيم بأرض بابل يقال له بخت نصر فلما أصبح تجهز بمال عظيم وخرج نحو بابل فأتاها وملكها يومئذ سنحاريب فنزل فبعث إليه سنحاريب ودعاه وسأله عن حاله فقال إني كنت نذرت أن أفرق مالا على اليتامى فجئت إلى أرضك فأفرق المال على اليتامى فجاءه الملك خير وأخذ دانيال في طلب اليتامى لكي يظفر بخت نصر ولا يظفر به حتى آيس منه ثم إن غلاما لدانيال خرج إلى بعض أشغاله فرأى يتيما مريضا على الطريق قد افترش الرماد من تقذر الناس إياه فقال له: ما حالك فقال له: أنا غلام يتيم كنت اكسب على أمي فصرت الآن من المرض كما ترى، فقال له غلام دانيال: ما اسمك؟ قال: بخت نصر فجاء الغلام إلى دانيال فأخبره ومضى مع غلامه إليه حتى غسله وكساه وحمله وقال له: هل لك أحد؟ قال: نعم لي آم فأتى به أمه وأنفق عليه حتى بريء وصح وكان بخت نصر قبل مرضه يخرج مع غلمان آتراب له من الفقراء فيحتطبون وكانوا قد أمروا بخت نصر على آنفسهم فلما صخ بخت نصر من المرض قال أحسن إليك، قال: نعم يا سيدي قال: فما رأيك في أن وصلت إلى مكافأتي قال: يا سيدي وكيف آقدر على مكافأتك؟ قال دانيال: آرأيت إن ملكت يوما بابل وغزوت بني إسرائيل أفلي أمان منك ولأهل بيتي قال: أتسخر مني يا سيدي، قال: لا، ولكن الجد مني فاكتب لي كتابا بالأمان واجعل بيني وبينك علامة وأعطيك عشرين ألف درهم. وفي رواية أخرى أن دانيال كان يسأل عن بخت نصر حتى ذ أن بخت نصر فتى في قرية كذا وكذا، فجاءه فنزل على آم بخت نصر وهو غائب في محتطبه فلما رجع وجاء وعلى رآسه حزمة حطب فألقاها فدفع دانيال إليه ثلاثة دراهم وقال: اشتر بهذا نفقتنا الليلة ففعل فأكلوا فلما أصبحوا أعطاه مثل ذلك وكذلك اليوم الثاني والثالث، ثم قال له: أحب أن تكتب لي أمانا إن ملكت يوما من الدهر قال بخت نصر: أتهزأ بي؟ قال: لا أسخر وما عليك أن تفعل هذا فقالت أمه لا يضرك فافعل فكتب له أمانا، فقال: أرأيت إن جئتك والناس حولك فحيل بيني وبينك فاجعل لي آية تعرفني بها، فقال آية ذلك أن تجعل صحيفتك إلي على قصبة فأعرفك بها فكسا دانيال وأته، ثم أعطاها مالا ورجع، ثم إن بخت نصر عمد إلى الدراهم التي دفعها إليه دانيال، وفي الرواية الأولى نفقها على الغلمان الذين كانوا قد أمروه عليهم واشترى لهم الدواب وكان بخت نصر ظريفا كاتبا أديبا ثم إنه ذهب إلى سنحاريب في أصحابه فانتسب له وكان من الأولاد الأشراف غير أن

مخ ۲۹۸