============================================================
ذكر سليمان عليه السلام إلى ما أعطاه الله تعالى سليمان قال لعمري إن آل داود قد أعطوا ملكا عظيما فسمع سليمان قوله فأمر الريح حتى حملته إليه فقال له: ما قلت؟ قال: قلت كذا وكذا، قال سليمان: صدقت لقد أوتي آل داود مما أوتوا الناس ومما لم يؤتوا ولكن أخبرك بمن أوتي أفضل مما أوتي آل داود، فقال: بلى يا نبي الله، قال سليمان من أوتي ثلاثا العدل في الرضاء والغضب والقصد في الغناء والفقر وخشية الله في السر والعلانية ، وفي رواية أخرى أخبرك بمن أعطي أفضل مما أعطي آل داود قال الرجل: بلى، قال: من أدرك آخر الزمان وقرأ القرآن فقد أعطي أفضل مما أعطي آل داود. وروي آنه ركب يوما مركب الريح فمز برجل بيده مسحاة يثير أرضا فلما رأى سليمان على حاله وقف الرجل ينظر إليه ساعة ثم سلم على سليمان فرذ عليه سليمان السلام فقال له: ما حاجتك؟ قال: أريد أن أسألك عن شيء فتخبرني به قال: يا نبي الله هل تجد لما مضى من ملكك لذة؟ قال سليمان: لا، قال: وهل توقن بشيء بقي من ملكك قال سليمان: لا، قال الرجل فامض يا نبي الله فما أراك ستبقى بكثير شيء فقال سليمان إني لأراك رجلا حكيما أفلا تصحبني فأكرمك فقال الرجل يا نبي الله حتى أسألك أولا عن شيء قال: سل قال: إن صحبتك فهل تقدر أن تزيد في رزقي شيئا قال: لا، قال: وهل تقدر على آن تزيد في عمري شيئا؟ قال: لا، قال: فهل تقدر على أن تغفر لي من ذنبي شيئا؟ قال: لا، قال الرجل فدعني يا نبي الله فأكون بباب من يقدر على هذه كلها فتركه سليمان ومضى، فأما ما قص الله تعالى من خبر النمل قال ابن عباس ركب سليمان مركب الريح راجعا من اصطخر إلى الشام فسلك مدينة الرسول فقال لمن معه هذه دار هجرة النبي الأمي الخارج في آخر الزمان طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اقتدى به واتبعه، ثم مضى حتى مر بمكة وقال وهذه مولد ذلك النبي ثم مر بوادي الشريف من ناحية الطائف(1) فأتى على واد النمل فقالت نملة من نمل الوادي ويقال إنها كانت رئيسة تلك النمل ويقال إنها كانت عرجاء خلفها الضعف عن النمل فقالت يكأيها التمل أدخلوا مسكنكم لا يحطمتكم سليمن ولجنوده وهز لا يشعرون} [النمل: الآية 18] يعني عسكر سليمان لا يشعرون بكم فيطؤوكم ويقال والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم كلامه وكان سليمان كلما مر بموضع لا يتكلم شيء إلا وتحمل الريح كلامه إلى سمع سليمان فلما سمع سليمان كلام النمل تبسم ضاحكا من قولها وأن ضحك الأنبياء لا يكون إلا التبسم وقال رتب أوزفنى أن أنكر يقستلك الق أنعمت على وعلل ولدك} [النمل: الآية 19] بما أكرمتنا حتى نفهم كلام الأشياء ثم إنه أمر (1) الطائف: بعد الألف همزة ثم فاء وهي مسيرة بين مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة، ياقوت الحموي، معجم البلدان 8/4
مخ ۲۵۶