250

============================================================

ذكر داود عليه السلام من ولدك وأجعل له ذكره وشرفه وأجره وفخره، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن داود كان إذا رأى بين الأحجار التي ينقل حجرا حسنا عزله لنفسه ليبني لنفسه محرابا وروي آنه رأى حجرا ملسا لينا فعزله، وقال: افرشه في المحراب لأسجد عليه فيكون السجود عليه فلم يرض الله له ذلك فأوحى الله تعالى إليه: يا داود آثرت نفسك ولقد حرمت بناءه عليك، فقال: يا رب اجعله في ولدي، قال: نعم فأذن الله لسليمان حتى آتم بناءه وعاش داود بعد التوبة ثلاثين سنة فتم عمره مائة سنة وقيل إنه مات فجاة وقد روي آنه أراد يوما من الأيام أن يرتقي إلى محرابه الذي كان يخلو فيه للعبادة فلما بلغ بعض المراقي لقيه ملك الموت فسلم عليه فرة عليه داود وقال له ما جاء بك يا ملك الموت قال: جئتك لأقبض روحك قال: ألم اكن قد سألتك أن تخبرني بقرب أجلي إذا اقترب فاستعد للموت قال ملك الموت: بلى، قد فعلت وأخبرتك، قال: إنه لا يأتيني أحد من جهتك قال ملك الموت: بلى، قد أتاك رسلي، قال داود: ومن كان رسولك؟ قال: فإن بياض شعرك بعد سواده كان من رسلي، وإن كلال عينيك بعد حدتها كان من رسلي، وإن ثقل آذنيك بعد نفاذ سمعك من رسلي، وإن تقوس قامتك وانحناءها بعد اعتدالها من رسلي فقد كثرت رسلي عندك ويخبرونك بالموت وكلتك الغفلة عنه قال داود: فدعني أنزل إلى أهلي فأوصي لهم وأودعهم، فقال: ليس لي إلى ذلك سبيل، فقال: دعني أرتقي إلى محرابي وأصلي ركمتين قال: هيهات قد رآيت حفظتك يصعدون بديوانك إلى السماء وقد فنيت آرزاقك ونفدت آيامك فلست بموثر بعد هذا أثرا قال: فأهوى داود ليسجد على تلك المرقاة التي كان يسجد عليها فقبض ملك الموت روحه على تلك الحالة. قال وهب: فحضر الناس جنازته وذلك كان في يوم صائف فأذاهم الحر، فشكوا إلى سليمان فأمر سليمان الطير حتى أظلتهم بأجنحتها ويقال: حضر جنازته أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوى سائر الناس وأنه لم يمت بعد موسى وهارون نبي كان بنو اسرائيل أشد حزنا عليه أي على داود عليه السلام.

مخ ۲۵۰