============================================================
ذكر داود عليه الشلام فتعجب من حسنه، وكان له ابن صغير فقال في نفسه لو أخذت هذا الطائر لأبني يفرح به فمذ يده إليه تباعد عنه قليلا حتى فعل ذلك مرارا ثم إن داود قام من مجلسه وترك الزبور ونسي ما كان الله تعالى أخبره به من ابتلائه فطار الطائر في كوة البستان فطلبه داود من الكوة فطار تحو بستان آوريا وكان بجنب محراب داود فنظر داود ليعلم آين ذهب الطائر فرأى امرأة عند حوض في البستان عريانة تغتسل فوقعت عين داود عليها ورأت المرأة في الماء صورة ظل رجل فرفعت رآسها فرأت داود وكانت ذا شعر كثير فنفضت شعرها وجللت جسدها بذوائبها وشعرها، وأن داود لما وقعت عينه عليها استرجع وانصرف إلى مكانه وفي نفسه ما فيها من آمرها وكانت امرأة أوريا من أحسن أهل زمانها وأجملهم خلقا وصورة ثم إنه بعث غلاما من غلمانه الذين يحدثونه خاصة ويعتمده في آموره وحوائجه وقال: اذهب فانظر من هذه المرأة وما حالها فرجع وقال هي تشايع بنت شايع امرآة أوريا بن حنانا وهو غائب في جيش أيوب بن صوريا إلى البلقاء وكان أتوب ابن أخت داود أمير ذلك الجيش وكانوا قد حاصروا قلعة هنالك فكتب داود إلى أيوب ابن أخته يعزم عليه أن يأمر أوريا ليتقدم التابوت يوم الحرب فيقاتل على باب الحصن ولا يرجع، فإما أن يقتل وإما أن يفتح الله تعالى عليه قال : وكان من سنتهم أن يتقدم كل عام ويقال في كل حرب رجل التابوت من سبط من أسباط بني إسرائيل على المناوبة بينهم فيقاتل قدام التابوت ولا يرجع إلى أن يفتح الله تعالى عليه أو يقتل فلما ورد الكتاب على أيوب قرأه على أوريا قال: سمعا وطاعة وتقدم التابوت يوم القتال وخرجت إليه مقاتلة الحصن وكان أوريا من فرسان بني إسرائيل، فقاتل القوم وفتح الحصن فبعث صاحب الجيش ابن أخت داود بشيرا بالفتح وبصنيع أوريا وانتظر أن يكون لأوريا من داود وأيوب كرامة على فعله فكتب داود إليه يأمره بالتقدم إلى قلعة أخرى أحصن وأشد شوكة من الأولى وأن يأمر أوريا بتقدم التابوت فقرأ الكتاب على أوريا فقال: سمعا وطاعة فتقذم قدام التابوت وخرج إليه أهل الحصن فقاتلهم وقتلهم ففتح الحصن فبعث صاحب الجيش إلى داود بشيرا بالفتح وبفعل أوريا وانتظر له حمدا وكرامة فكتب داود إلى ابن أخته صاحب الجيش يأمره أن يتقدم إلى أوريا إلى الحصن فلما ورد عليه الكتاب وقرأه على أوريا فقال أوريا قد علمت ما يريد ولكن سمعا وطاعة فتقدم التابوت نحو الحصن فكان أول قتيل أوريا وفي رواية أخرى أنه قتل في أول حرب تقدم التابوت والله تعالى أعلم، فكتب صاحب الجيش ابن أخت داود إليه بمصيبة أوريا وقال: إذا أتيت داود فلا تدفع إليه الكتاب وإن لم يشق عليه فادفع الكتاب إليه فلما ورد البريد على داود وأخبره بمقتل أوريا لم ير فيه ضجرا فدفع إليه الكتاب فإذا فيه أن أوريا قتل وقد شق مصابه على الجيش مشقة شديدة فكتب داود في جوابه كذلك يكون أمر الحرب سجالا مزة لكم ومرة عليكم فلا يكون
مخ ۲۴۱