154

============================================================

ذكر موسى عليه السلام الضرائب يؤدونها كل يوم من قبل أن تغرب الشمس فإن غربت قبل أداء الضريبة غلث يمينه إلى عنقه شهرا عقوبة له وأمر أن يعمل بشماله، وأما النساء فكن تغزلن له الكتان وغير ذلك وينسجنه، كذلك وكان فرعون قد نكح منهم امرأة يقال لها آسية بنت مزاحم، وآسية هي التي ذكرها الله تعالى في قوله: وضرب الله مثلا للذي امثوا امرأت فرعون [التخريم: الآية 11] وسنذكر قصتها إذا وصلنا إلى ذكر قتلها، ثم أخذ فرعون في قتل أولاد بني إسرائيل قال الله تعالى: يذيح ابناءهم ويستخىء نساء هم} [القصص: الآية 4] واختلف الناس في سبب ذلك فقال قوم إنه رأى رؤيا هائلة وذلك أنه كان أمر فاتخذ له مركبا من الخشب فحبسه على ظهر الماء، فكان يركب أياما وليالي ويؤمر بطعامه وشرابه هنالك، فهو يأكل ويشرب وينام ويقوم وهو على ظهر النيل والنيل يجري تحته فأعجب بحاله فذلك قوله: أليس لى ملك مضر وهدذه الأنهر تجرى من تحتى أفلا تبصرون) [الزخرف : الآية 51]، وكان الله قد مد له في عمره حتى عاش أربعماثة سنة شاب السن لا يصدع ولا يحم ساعة ولا يصبه هم ولا يناوئه عدو فبذلك أعجبته نفسه حتى ادعى الربوبية وكان وزيره هامان رجلا من القبط مثله في قساوة قلبه وخبثه فلما أعجب بنفسه رأى رؤيا كأنه ينظر فإذا هو بنار جاعت من قبل الشام حتى وقعت بناحية مصر فلم تدع شيئا إلا أحرقته من بيوت مصر ثم حصونها وقراها أيضا وما حولها فاستيقظ فرعون من نومته فزغا مذعورا فجمع ملأ من قومه وأخبرهم برؤياه فقالوا له: إن صدقت رؤياك أيها الملك فإنه يخرج من الشام رجل من ولد يعقوب يكون هلاكك وهلاك أهل مصر على يده فعند ذلك أخذ في ذبح أولاد بني إسرائيل، ويقال إنه رأى أن مناديا ناداه من السماء بأن الله يريد أن يرزق بعض عبيدك الذين استعبدتهم ولذا يهلكك ويهلك قومك ويصير الملك والدولة له ولقومه، فلما انتبه قص رؤياه على قومه فهونوا عليه أمر الرؤيا وقالوا: أحلام لا تعبير لها، لقد عشت دهرا طويلا لم يلقك مكروه ولا ناوأك عدو فلا تشتغل برؤياك فإن الرؤيا تصدق وتكذب ولا يكون إلا ما اشتهيت ولكن اسأل العرافين والكهنة إن شئت فابعث إليهم واجمعهم واسألهم فحضروا فسألهم فطيبوا نفسه، وقالوا مثل ما قال الأولون، ثم قال لهم: انظروا في علومكم هل ترون شيئا يضرني في ملكي؟ فقالوا: أنظرنا وأمهلنا أربعين يوما تنظر في الأمر فأجلهم فصعد المنجمون والعرافون إلى الجبال وجعلوا ينظرون في النجوم وجعل الكهنة يسألون شياطينهم ليخبروهم فأوحى الله تعالى إلى حملة عرشه أني خالق مولودا من بني إسرائيل في بلاد الإسكندرية(1) تحمل به أمه ليلة الجمعة في (1) الإسكندرية: الإسكندرية في بلاد مصر بناها الإسكتدر ذو القرنين، ياقوت الحموي) معجم البلدان .17211

مخ ۱۵۴