148

Tareekh Nuzool Al-Quran

تاريخ نزول القرآن

خپرندوی

دار الوفاء - المنصورة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

مصر

ژانرونه

أقوم بما كان ينزل من سورة القرآن الكريم، وكيف يقع الناس فى الظلمات إذا انقطع عنهم وحى الله وحرموا منه. وأما فترة انقطاع الوحى فليست كما زعم المشركون من ترك الله له، أو إهماله إياه أو بغضه له. بل يتنزل الوحى بأمر الله وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [مريم: ٦٤] وفى الوقت الذى يشاء وبالأمر الذى يريد سبحانه: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ أى ما تركك، وَما قَلى أى وما أبغضك، فهذه حال رسول الله ﷺ دائما، وهذه مكانته عند ربه فهو معه يحفظه ويكلؤه ويحبه دائما. وهذا رد على المشركين فيما مضى من حياة الرسول ﷺ، وأما فيما يستقبل فالآخرة خير لك من الأولى، فكل حالة متأخرة من أحوالك فإن لها الفضل إلى الحالة السابقة فلم يزل رسول الله ﷺ يرتفع فى درجات الصعود والتمكين له والنصر على أعدائه حتى لقى ربه. وكذلك ما يكون من أمر حياته فى الآخرة فهى خير له من الأولى؛ ولهذا كان رسول الله ﷺ أزهد الناس فى الدنيا وأعظمهم لها إطراحا كما عرف من سيرته، ولما خير رسول الله ﷺ فى آخر عمره بين الخلد فى الدنيا إلى آخرها ثم الجنة، وبين الصيرورة إلى الله ﷿ اختار ما عند الله على هذه الدنيا، روى الإمام أحمد- ﵀ عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: نام رسول الله ﷺ على حصير فأثر فى جنبه فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت: يا رسول الله، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا؟، فقال رسول الله ﷺ: «ما لي وللدنيا، إنما مثلى ومثل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها» ورواه الترمذى وابن ماجة من حديث المسعودى، وقال الترمذى: حسن صحيح. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) وهذا عطاء جامع يشمل كل ما يرضى رسول الله ﷺ وهو يرضى الخير لأمته فى الدنيا والسعادة لهم فى الآخرة، وفيما أعد له من الكرامة. ومن دلائل إكرام الله لرسوله ﷺ والتى يشاهدها الناس من المؤمنين ومن المشركين الحاقدين ما ذكره الله سبحانه: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوى (٦) فقد توفى أبوه وهو فى بطن أمه، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان فى كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفى وله من العمر ثمانى سنين، فكفله عمه أبو طالب ثم لم يزل يحوطه بنصره ويرفع من قدره، ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره المبارك. هذا وأبو طالب على دين قومه، كل ذلك بقدر الله وتدبره الحسن الجميل، إلى أن توفى أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم

1 / 152