تراجم مشاهير الشرق په نولسمه پېړۍ کې (لومړی برخه)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
ژانرونه
فبعث عبد الله باشا إلى الأمير أن يعد رجاله ويأتي لدفع الجنود المصرية عن عكا، وكتب إبراهيم باشا بمثل ذلك لما بينه وبين والده من العهود، فوقع الأمير في حيرة بين أن يطيع رئيسه الشرعي أو يقوم بمواعيده لدى والي مصر، وكان حاقدا على عبد الله باشا؛ لأنه رأى منه استبدادا فيه بعد أن كان هو السبب في عوده إلى ولاية عكا، فترجح إليه أفضلية نصرة الجنود المصرية، فجمع رجاله وسار قاصدا عكا، وكان إبراهيم باشا قد استبطأ حضوره فكتب إلى والده بذلك، فغضب محمد علي وكتب إلى الأمير يهدده، فأدركه الكتاب وهو قادم إلى عكا، وفي جملة ما قال له فيه: «إذا تأخرتم عن الحضور إلى ولدنا إبراهيم أخربنا داركم وغرسنا موضعها زيتونا»، فظل سائرا إلى صحراء عكا فاستقبله إبراهيم باشا بترحاب؛ لأنه كان في حاجة كلية إلى مساعدته فيما جاء من أجله.
وكان الأمير عضدا قويا للجنود المصرية في حصار عكا وغيره من أعمالهم في سوريا. وكان إبراهيم باشا يحترمه كثيرا ويدعوه «والدنا»، وكان اعتماده في كثير من المواقع عليه وعلى أولاده، ولا سيما الأمير خليل فإنه حارب عنه حروبا كثيرة في طرابلس وغيرها. أما أهل لبنان فكان دروزهم ضد إبراهيم باشا ونصاراهم معه، غير أن الدروز اضطروا أخيرا إلى الإذعان بمساعي الأمير وتهديده، وقد جاهد هذا مع الجنود المصرية جهادا حسنا، وعرض بنفسه للخطر مرارا حتى كان يضطر أحيانا إلى التنكر بلباس الفعلة وغيرهم خوفا من مكامن الدروز.
وبعد أن فتح إبراهيم باشا عكا وقبض على عبد الله باشا وبعث به إلى الإسكندرية سار إلى دمشق وبعث إلى الأمير أن يوافيه إليها فجند إليها وفتحوها، وعاد الأمير إلى بيت الدين، وخرج إبراهيم باشا لفتح حمص ففتحها وسار منها إلى حلب يحارب الجنود العثمانية ففتحها ثم فتح أيقونية، وهناك قبض على الصدر الأعظم قائد الجنود العثمانية وزحف على مرسين فترسيس، وما زال في فتوحاته حتى توسطت الدول الإفرنجية وتم الصلح بين الدولة العلية وإبراهيم باشا على أن يقف عند حدوده في سوريا وأن يكون واليا عليها جابيا لأموالها (كما تقدم في ترجمة محمد علي باشا).
ولما كادت تهدأ الأحوال انتفض النابلسيون وهاجوا وماجوا، حتى اضطر محمد علي إلى المجيء بنفسه لنجدة ولده، فأتى وأخمد الثورة وعاد، وكان ذلك عام 1833.
ثم رأى إبراهيم باشا أن الأمر لا يستتب له إلا إذا جرد اللبنانيين والنابلسيين وغيرهم من السلاح، فعهد بذلك إلى الأمير فجمع السلاح ولم يكن جمعه كافيا لاستتباب الراحة لأن البلاد لم ترضخ لحكومته رضوخا تاما، والدولة لم تفتأ عن محاربته تارة بعد أخرى، فقضى إبراهيم باشا في سوريا نحوا من تسع سنوات لم يهدأ له فيها بال، وفي سنة 1837 قدم الدكتور كلوت بك كبير الأطباء المصريين إلى بيت الدين فطلب إليه الأمير أن يستأذن محمد علي باشا في إرسال بعض اللبنانيين يدرسون الطب في القصر العيني على نفقة الحكومة، فنال ما طلبه وبعث بعضا منهم إلى تلك المدرسة، وفي سنة 1838 أمر إبراهيم باشا أن يلبس أولاد الأمير بدل العمائم الطرابيش ، وكتب الأمير إلى أقاربه أن يفعلوا ذلك أيضا ففعلوا.
وفي سنة 1840 توسطت الدول الأوربية ثانية في فض الخلاف فعقدوا مؤتمرا أقروا فيه على وجوب إخلاء الجنود المصرية للديار السورية، ومما حملهم على إخلائها أيضا أن الحكومة المصرية جندت عسكرا أدخلت فيه شبانا من الذين كانوا قد أرسلوا لدراسة الطب في مصر، فلما بلغ نصارى لبنان وسوريا ذلك خافوا أن يجري هذا التجنيد عليهم إذا استقام الأمر للمصريين بينهم، فانقضوا عليهم، وكان الأمير بشير مع ذلك يحاول إقناعهم في الخضوع فلم ينجح، وحاول جمع سلاحهم ثانية فلم يفز.
ورأت الدول أن إبراهيم باشا لا بد من إخراجه من سوريا بالقوة، فجاء ريشارد وود الإنكليزي بمأمورية سرية، وكان يعرف العربية فأغرى السوريين على كتابة عرض يطلبون فيه من الدولة العلية وسفراء دول إنكلترا وفرنسا والنمسا أن يخرجوا الجنود المصريين من بينهم، فكتبوا وأرسلت الكتابة إلى الآستانة.
فجاء الأميرال نابيه في عمارة إنكليزية إلى ميناء بيروت، وبعث يتهدد متسلمها ويبشر اللبنانيين والسوريين بقدوم عمارات أخرى لإنقاذ سوريا من الدولة المصرية، ثم جاءت العمارة العثمانية وفيها بوارج إفرنجية كما تقدم، وأطلقت المدافع على بيروت فتحققت الجنود المصرية أن الانسحاب أولى بهم بعد أن دافعوا دفاع الأبطال وصبروا صبر الرجال.
أما الأمير فخاب أمله وكان يظن فرنسا تساعده عند الحاجة فلم يتحقق ظنه، فاضطر إلى التسليم فسلم فأمر بالذهاب بمن أراد من أهله وذويه للإقامة في مالطة، فأخذ أولاده وحفدته وكاتبه المعلم بطرس كرامة وسائر الحشية، وسار مودعا لبنان بدموع الأسف في مركب أعد له حتى أتى مالطة، فأقام فيها مكرما نحو سنة ثم استأذن للإقامة في الآستانة فأذن له، فأقام فيها مع أولاده نحو ثلاث سنوات، ثم أرسل إلى الأناضول إلى بلدة اسمها زعفر أنبول فأقام فيها سنة ونصف سنة، ثم أقام في بروسة سنتين منفيا أيضا، ثم عاد إلى الآستانة ومات هناك شيخا هرما، ودفن في كنيسة الأرمن الكاثوليك بغلطة.
أما أولاده: فالأمير أمين اعتنق الديانة الإسلامية بعد مجيئه الآستانة واستأمن فلم يسر مع والده إلى المنفى، وأما الأمير خليل فبقي مسيحيا حتى توفي في الآستانة.
ناپیژندل شوی مخ