تراجم مشاهير الشرق په نولسمه پېړۍ کې (لومړی برخه)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
ژانرونه
ولم يكن في القطر المصري يوم توليه إلا خط حديدي ممتد بين القاهرة والإسكندرية فأنشأ كثيرا من الخطوط الأخرى الممتدة إلى سائر أنحاء القطر شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، ومد أسلاك التلغراف حتى أوصلها إلى السودان، وقد بلغت نفقات الخطوط الحديدية والآلات البخارية والعربات والآلات التلغرافية التي أحدثها بين عام 1281 و1290ه 9658327 جنيها على تقدير المرحوم صالح مجدي بك.
ومن آثاره «الإسماعيلية»، بناها على قنال السويس وسماها باسمه وجعل فيها الحدائق والقصور، وأنشأ المنارات في البحرين الأبيض والأحمر، وزين حديقة الأزبكية بغرس أشجارها وتسويرها، ورتب فيها الموسيقى، وبنى بنايات كثيرة بالقرب من طرة على طريق حلوان لمعامل البارود والأسلحة الصغيرة، أنفق على بنائها مبالغ كبيرة، ولكنه لم يستعملها ، وبنى ليمان الإسكندرية والحمامات المعدنية في حلوان ولولاها لم تعمر حلوان، وبنى المرصد بالعباسية وكثيرا من معامل السكر في سائر أنحاء القطر، هذا فضلا عن الترع الكثيرة والجسور الهائلة، ومن أشهر تلك الترع الإبراهيمية بالصعيد، والإسماعيلية بين القاهرة والسويس، ومن أعظم الجسور كوبري قصر النيل الموصل بين القاهرة والجزيرة، وبنى حوضا لترميم السفن في السويس.
ومما تم على يده من الأعمال العظيمة إبطال تجارة الرقيق وإتمام فتح السودان وإخضاعها، فافتتح مملكة دارفور عام 1291ه وما بعدها حتى بلغت جنوده الدرجة الرابعة من العرض الجنوبي وراء خط الاستواء، وعني في تحسين أحوال السودان فمهد شلال عبكة، وفتح سدا كبيرا جنوبي مديرية فشودة طوله ستون ميلا، كان يعيق مسير السفن في النيل الأبيض، فتسهلت طرق التجارة كثيرا، ومن مآثره تسهيل اكتشاف ما غمض من قارة أفريقيا بمد أصحاب الخبرة.
وكانت المدارس التي أنشأها جده رحمه الله قد أخذت في الاضمحلال لإغفال أمرها بعده، فأعاد رونقها وأحدث غيرها، فمن المدارس التي أسسها أو حسنها مدارس المبتديان والتجهيزية والمهندسخانة والمساحة والألسن والعمليات والإدارة واللسان القديم والتجارة ومدرسة البنات في السيوفية وغير ذلك من المدارس في القاهرة والإسكندرية والأرياف، وفي عهده تأسست المحافل الماسونية الوطنية، وبحمايته تعزز شأن الجمعية الماسونية في مصر وانتشرت مباديها حتى انتظم في سلكها نجله المغفور له الخديوي السابق وجماعة كبيرة من أمراء البلاد ووجهائها.
وخلاصة القول: إن مصر كانت في أيامه زاهية زاهرة، والناس في رغد ورخاء، وخصوصا بعد ارتفاع أثمان الأقطان أثناء حرب أميركا، فإن ثمن القنطار الواحد بلغ 16 جنيها، فكان سكان هذا القطر السعيد وفيهم الكاتب، والشاعر، والتاجر، والصانع، يتحدثون بمآثره وإنعامه وتنشيطه، على أن العقال منهم كانوا لا يغفلون عن ذكر ما كان من إسرافه فوق ما تحتمله حال البلاد، وتنبأ بعضهم بمنقلب تلك الحال ووقوع مصر في وهدة الدين وتعريضها لمطامع الدول الأجنبية، والواقع أنه لم يترك هذه الديار إلا وقد بلغت ديونها زهاء مائة مليون جنيه كما رأيت، وهي لا تزال تئن من وطأتها إلى الآن ، وكان ذلك من أعظم الأسباب لمداخلة الأجانب في إدارة البلاد ومراقبة أعمالها.
على أننا لا ننكر أن الإصلاحات التي أجراها ببعض تلك الأموال قد عادت على البلاد بالنفع الجزيل، ولكننا لا نرى أنها تعوض الخسارة كلها، وزد على ذلك أنه لو أحسن التصرف في النفقات وسار بها سيرا قانونيا لكانت العواقب أحسن كثيرا ولأصبحت مصر في غنى عن كل هذه التقلبات، ويقال إن مقدار الأموال التي دفعت من خزينة الحكومة المصرية بأمره بغير تسمية المدفوع إليه، بمعنى أنه كان يرسل إلى المالية تذكرة بإمضائه يقول فيها: ادفعوا إلى رافعه المبلغ الفلاني، فيدفعونه وهم لا يعلمون مصيره، فقد جمعت هذه المبالغ فبلغت 84 مليونا من الجنيهات، فإذا صحت هذه الرواية كان هذا المبلغ وحده كافيا لوفاء دين مصر. (3) صفاته
كان إسماعيل باشا ربعة، ممتلئ الجسم قوي البنية، عريض الجبهة، كثيث اللحية مع ميل إلى الشقرة، أما عيناه فكانتا تتقدان حدة وذكاء مع ميل قليل نحو الحول، أو أن إحداهما أكبر من الأخرى قليلا.
وكان جريئا مقداما، ذا قوة غريبة على إقامة المشروعات، كثير العمل لا يعرف التعب ولا الملل ولا مستحيل عنده، وكان ساهرا على ماجريات حكومته، لا تفوته فائتة، وأما أعمال الدائرة السنية فقد كان يطلع على جزئيات أعمالها وكلياتها، فلا يباع قنطار من الفحم إلا بمصادقته.
وكان عظيم الهيبة جليل المقام لا يستطيع مخاطبه إلا الانقياد إلى رأيه، حتى قيل على سبيل المبالغة: إن الذين يخاطبونه يندفعون إلى طاعته بالاستهواء أو النوم المغنطيسي.
وكان حسن الفراسة، قل أن ينظر في أمر إلا استطلع كنهه، فإذا نظر إلى رجل عرف نواياه أو تنبأ بمستقبل أمره، ومما يتناقلونه عنه أنه أدرك مستقبل أحمد عرابي وهو لا يزال ضابطا صغيرا، فأوصى المغفور له الخديوي السابق أن لا يرقيه؛ لئلا يتمكن من بث نواياه الثوروية فتقود إلى ما لا تحمد عقباه.
ناپیژندل شوی مخ