كان قد أدخلوه بيتًا يَتَسَمَّعُ علينا الحديثَ، فما فعل (١) شيئًا مِمَّا قاله، فبطَلَ الشيخُ، وكان يحدِّث بتلك الأحاديثِ التي قد أُدْخِلَتْ بين حديثه، وقد سُرِقَ مِنْ حديثِ المحدِّثين» .
وقال الحاكم أبو عبد الله (٢): سمعتُ أبا عبد الله محمَّد بن يعقوب الحافظَ يقول: سمعتُ محمَّد بن إسحاق - يعني: ابن خُزَيْمة - وقيل له: لِمَ رَوَيْتَ عن أحمدَ بنِ عبد الرحمن بن وَهْب وتركْتَ سفيانَ بنَ وَكِيع؟ فقال: «لأنَّ أحمدَ بنَ عبد الرحمن لمَّا أَنْكَروا عليه تلك الأحاديثَ رجَعَ عنها عن آخرها، إلا حديثَ مالكٍ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أنس: «إِذَا حَضَرَ العَشَاءُ ...»، فإنَّه ذكَرَ أنه وجَدَهُ في دُرْجٍ من كُتُب عَمِّه في قِرْطاس، وأمَّا سُفْيَان بن وكيع: فإنَّ ورَّاقه أدخَلَ عليه أحاديثَ، فرواها، وكلَّمناه، فلم يَرْجِعْ عنها، فاستخَرْتُ اللهَ، وتركْتُ الروايةَ عنه» .
وذكر ابن حِبَّان سُفْيانَ بنَ وكيع هذا في "المجروحين" (٣) وقال: «وكان شيخًا فاضلًا صدوقًا، إلا أنه ابتُلِيَ بورَّاقِ سُوءٍ كان يُدْخِلُ عليه الحديثَ، وكان يثق به فيجيبُ فيما يُقْرَأُ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها، فلم يَرْجِعْ، فمن أجلِ إصرارِهِ على ما قيل له استَحَقَّ التركَ، وكان ابنُ خُزَيْمة يروي عنه، وسمعتُهُ يقول: ثنا بعضُ مَنْ
(١) يعني: سفيان بن وكيع.
(٢) كما في "تهذيب الكمال" (١/٣٨٨-٣٨٩) .
(٣) (١/٣٥٩) .