وقال الآخر:
فدى لك ناقتي وجميع أهلي * ومالي أنه منه أتاني ولم يقل منك أتاني.
فإن قيل، كيف يكنى عمن لم يتقدم له ذكر؟.
قلنا: لا يمتنع ذلك، قال الله تعالى: (حتى توارت بالحجاب) (1) ولم يتقدم للشمس ذكر، وقال الشاعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى * إذا حشرجت يوما وضاق بي الصدر ولم يتقدم للنفس ذكر.
والشواهد على هذا المعنى كثيرة جدا على أنه قد تقدم ذكر ولد آدم (ع)، وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة) (2) ومعلوم أن المراد بذلك جميع ولد آدم عليه السلام. وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى: (فلما أتاهما صالحا) لأن المعنى أنه لما أتاهما ولدا صالحا. والمراد بذلك الجنس، وإن كان اللفظ لفظ وحدة. وإذا تقدم مذكوران وعقبا بأمر لا يليق بأحدهما، وجب أن يضاف إلى من يليق به.
والشرك لا يليق بآدم عليه السلام، فيجب أن ننفيه عنه، وإن تقدم ذكره وهو يليق بكفار ولده ونسله فيجب أن نعلقه بهم.
(ومنها) ما ذكره أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني، فإنه يحمل الآية على أن الكناية في جميعها غير متعلقة بآدم (ع) وحواء، فيجعل الهاء في (تغشيها) والكناية في (دعوا الله ربهما) و (آتاهما صالحا) راجعين إلى من أشرك. ولم يتعلق بآدم (ع) من الخطاب إلا قوله تعالى: (خلقكم من نفس واحدة ) قال: والإشارة في قوله: (خلقكم من نفس واحدة) إلى
مخ ۳۱