تأويلها مطابق لدلالة العقل. وقد قيل في تأويل هذه الآية ما يطابق دليل العقل ومما يشهد له اللغة وجوه.
(منها) أن الكناية في قوله سبحانه: (جعلا له شركاء فيما آتاهما) غير راجعة إلى آدم (ع) وحواء، بل إلى الذكور والإناث من أولادهما، أو إلى جنسين ممن اشترك من نسلهما. وإن كانت الكناية الأولى تتعلق بهما ويكون تقدير الكلام: فلما آتى الله آدم وحواء الولد الصالح الذي تمنياه وطلباه جعل كفار أولادهما ذلك مضافا إلى غير الله تعالى. ويقوى هذا التأويل قوله سبحانه: (فتعالى الله عما يشركون). وهذا ينبئ على أن المراد بالتثنية ما أردناه من الجنسين أو النوعين، وليس يجب من حيث كانت الكناية المتقدمة راجعة إلى آدم (ع) وحواء، أن يكون جميع ما في الكلام راجعا إليهما، لأن الفصيح قد ينتقل من خطاب مخاطب إلى خطاب غيره، ومن كناية إلى خلافها. قال الله تعالى: (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله) (1) فانصرف من مخاطبة الرسول صلى الله عليه وآله إلى مخاطبة المرسل إليهم، ثم قال: (وتعزروه وتوقروه) (2) يعني الرسول، ثم قال (وتسبحوه) يعني مرسل الرسول. فالكلام واحد متصل بعضه ببعض والكناية مختلفة كما ترى. وقال الهذلي:
يا لهف نفسي كأن جدة خالد * وبياض وجهك للتراب الأعفر ولم يقل بياض وجهه.
وقال كثير:
أسيئ بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية إن تقلت فخاطب ثم ترك الخطاب.
مخ ۳۰