135

** فإن قيل :

عليها السلام لم تكن نبية.

** قلنا :

فوقعت على وفق تحديهم بها لصحت المعجزة ، وإذا صحت المعجزة دون التناول باللمس والضرب ، علم أن تلك الأفعال وقعت إكراما لهم زائدا على ثبوت المعجزة ، وأيضا فإن اللمس والضرب والتفل ليس من قبيل المعجزات ، فإنه معتاد ، والمعتاد لا يكون معجزة.

فهذا هذا ، ومن اعترض من المقلدة بالجزاف فعليه الدليل ، ولا دليل ، فإن القوم الذين قالوا ذلك لم يأتوا بدليل سوى ما نقرره من أن التوكل فوق الكسب.

وهذه مسألة قد حفيت فيها الأقدام ، واضطربت الأفهام ، والأظهر فيها أن الكسب مع التوكل إعلاء ، فإنه يقع بالظاهر ويبقى الباطن متوكلا ، فإذا تصور الجمع بين الظاهر والباطن فالكسب الحلال ممن جمع بينهما ، فهو إعلاء مقام ، لكونهما مقامين وعملين ، فلا منافرة بين التوكل والكسب لاختلاف المجال. ومريم عليها السلام صديقة. ومن بعض مقامات الصديق الجمع بين الكسب والتوكل.

وفي الكسب فائدة كثيرة (1) فإنه مما ينفع الناس ، ويصلح شئونهم ، ويقوم بمنافعهم في لباسهم وأقواتهم.

فلو ترك الناس الكسب بالجملة لهلكت الأرض ومن عليها ، فقد تصورت فيه المنفعة العظمى.

وقد جاء عنه عليه السلام أنه قال (2): «سيد القوم خادمهم».

مخ ۱۴۵