[١١٥] عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير أَن أم سليم قَالَ بن عبد الْبر كَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَقَالَ فِيهِ بن أبي أويس عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن أم سليم وكل من روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك لم يذكر فِيهِ عَنهُ عَن عَائِشَة فِيمَا علمت إِلَّا بن أبي الْوَزير وَعبد الله بن نَافِع فَإِنَّهُمَا روياه عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن أم سليم ثمَّ أسْندهُ من طريقهما قَالَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تَابع بن أبي الْوَزير على إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن مَالك حباب بن جبلة وَعبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون ومعن بن عِيسَى قَالَ بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ أَبُو دَاوُد تَابع بن شهَاب مسافع الحَجبي فَرَوَاهُ أَيْضا عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر وَأما هِشَام بن عُرْوَة فَرَوَاهُ عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة قَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وهما حديثان عندنَا اتهى قلت وَقد وَصله مُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق عَن عَائِشَة فَقَالَت لَهَا عَائِشَة أُفٍّ لَك فِي حَدِيث آخر أَن أم سَلمَة هِيَ القائلة ذَلِك قَالَ القَاضِي عِيَاض وَيحْتَمل أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة كَانَتَا هما أنكرتا عَلَيْهَا فَأجَاب النَّبِي ﷺ كل وَاحِدَة بِمَا أجابها وَإِن كَانَ أهل الحَدِيث يَقُولُونَ ان الصَّحِيح هُنَا أم سَلمَة لَا عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ جمع حسن لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع حُضُور أم سَلمَة وَعَائِشَة عِنْد النَّبِي ﷺ فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ الْبَاجِيّ قَوْلهَا أُفٍّ لَك على معنى الْإِنْكَار لقولها والاغلاظ عَلَيْهَا لما أخْبرت بِهِ عَن النِّسَاء وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أُفٍّ لَك أَي استحقارا لَك وَهِي كلمة تسْتَعْمل فِي الاستحقار والاستقذار وأصل الأف وسخ الأظافر فِيهِ عشرَة لُغَات أُفٍّ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر وَالْفَتْح دون تَنْوِين وبالتنوين أَيْضا وَذَلِكَ مَعَ ضم الْهمزَة فَهَذِهِ سِتَّة وَإنَّهُ واف بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْفَاء وأف بِضَم الْهمزَة وتسكين الْفَاء وافى بِضَم الْهمزَة وَالْقصر انْتهى قلت بل فِيهِ نَحْو أَرْبَعِينَ لُغَة حَكَاهَا أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وَغَيره وَقد نظمتها فِي أَبْيَات فَقلت أُفٍّ ربع أخيره ثمَّ ثلث مبتداه مشددا ومخفف وبتنوينه وبالترك أفا لَا ممالا وبالامالة مضعف وبكسر ابتدا وافى مثلت وزد الْهَاء فِي أُفٍّ أطلق لَا أُفٍّ ثمَّ مدا بِكَسْر أُفٍّ واف ثمَّ أفو فاحفظ ودع مَا يزيف وَهل ترى ذَلِك بِكَسْر الْكَاف الْمَرْأَة قَالَ بن عبد الْبر فِيهِ دَلِيل على أه لَيْسَ كل النِّسَاء تحتلمن وَإِلَّا لما أنْكرت عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَ قد يُوجد عدم الِاحْتِلَام فِي بعض الرِّجَال إِلَّا أَن فِي ذَلِك النِّسَاء أوجد وَأكْثر قلت وَأي مَانع من أَن يكون ذَلِك خصيصة لِأَزْوَاج النَّبِي ﷺ إنَّهُنَّ لَا يحتلمن كَمَا أَن من خَصَائِص الْأَنْبِيَاء ﵈ انهم لَا يحتلمون لِأَن الِاحْتِلَام من الشَّيْطَان فَلم يُسَلط عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ لم يُسَلط على أَزوَاجه تكريما لَهُ تربت يَمِينك قَالَ الْبَاجِيّ قَالَ عِيسَى بن دِينَار مَا أرَاهُ أَرَادَ بذلك إِلَّا خيرا وَمَا الاتراب إِلَّا الْغنى قَالَ الْبَاجِيّ فَرَأى أَن ترب من الاتراب وَلَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ من التُّرَاب وَقَالَ بن نَافِع مَعْنَاهُ ضعف عقلك الْجُهَنِيّ هَذَا وَقيل مَعْنَاهُ افْتَقَرت يداك من الْعلم إِذا جهلت مثل هَذَا فقد قل حظك من الْعلم وَهُوَ معنى قَول بن كيسَان وَقَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ الحض على تعلم مثل هَذَا كَمَا يُقَال انج ثكلتك أمك لَا يُرِيد أَن تثكل وَقَالَ أَبُو عَمْرو معنى تربت يَمِينك أَصَابَهَا التُّرَاب وَلم يدع عَلَيْهَا بالفقر وَقَالَ الدَّاودِيّ قد قَالَ قوم إِنَّهَا ثربت بالثاء الْمُثَلَّثَة يُرِيد استغنت من الثرب وَهُوَ الشَّحْم وَقَالَ هِيَ لُغَة للقبط صيروا التَّاء ثاء حَتَّى جرى على أَلْسِنَة الْعَرَب كَمَا أبدلوا من الثَّاء فَاء قَالَ الْبَاجِيّ وَالْأَظْهَر أَنه ﷺ خاطبها على عَادَة الْعَرَب فِي تخاطبها وهم يستعملون هَذِه اللَّفْظَة عِنْد الْإِنْكَار لمن لَا يُرِيدُونَ فقره وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا افْتَقَرت يداك يُقَال ترب فلَان إِذا افْتقر فلصق بِالتُّرَابِ وأترب إِذا اسْتغنى وَصَارَ مَاله كالتراب كَثْرَة قَالَ وَيحْتَمل أَن يفعل ذَلِك بعائشة على وَجه التَّأْدِيب لَهَا لانكارها مَا أقرّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يقر إِلَّا على الصَّوَاب وَقد قَالَ اللَّهُمَّ أَيّمَا مُؤمن سببته فَاجْعَلْ ذَلِك قربَة إِلَيْك فَلَا يمْتَنع على هَذَا أَن يَقُول ذَلِك لَهَا لتؤجر وليكفر بهَا مَا قالته لأم سليم قَالَ وروى بن حبيب عَن مَالك تربت بِمَعْنى خسرت وَهُوَ بِمَعْنى مَا قدمْنَاهُ وَقيل مَعْنَاهُ امْتَلَأت تُرَابا انْتهى وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا اللَّفْظ وَشبهه يجْرِي على أَلْسِنَة الْعَرَب من غير قصد للدُّعَاء وَقد قَالَ البديع فِي رسَالَته وَقد يوحش اللَّفْظ وَكله ود وَيكرهُ الشَّيْء وَلَيْسَ من فعله بُد هَذِه الْعَرَب تَقول لَا أَب لَك للشَّيْء إِذا أهم وقاتله الله وَلَا يُرِيدُونَ الذَّم وويل أمه لأمر إِذا تمّ وَلَك لباب فِي هَذَا الْبَاب أَن تنظر إِلَى القَوْل وقائله فَإِن كَانَ وليا فَهُوَ الولا وَإِن خشن وَإِن كَانَ عدوا فَهُوَ الْبلَاء وَإِن حسن وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه اللَّفْظَة خلاف كثير منتشر جدا للسلف وَالْخلف من الطوائف كلهَا وَالأَصَح الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّهَا كلمة أَصْلهَا افْتَقَرت وَلَكِن الْعَرَب اعتادت اسْتِعْمَالهَا غير قاصدة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ فَيذكرُونَ تربت يداك وقاتله الله مَا أشجعه وَلَا أم لَهُ وَلَا أَب لَك وثكلته أمه وويل أمه وَمَا اشبه هَذَا من الفاظهم يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء والزجر عَنهُ أَو الذَّم عَلَيْهِ أَو استعظامه أَو الْحَث عَلَيْهِ أَو الْإِعْجَاب بِهِ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة هَذِه الْكَلِمَة جَارِيَة على أَلْسِنَة الْعَرَب لَا يُرِيدُونَ بهَا الدُّعَاء على الْمُخَاطب وَلَا وُقُوع الْأَمر بهَا كَمَا يَقُولُونَ قَاتله الله وَقَالَ بَعضهم هُوَ دُعَاء على الْحَقِيقَة لِأَنَّهُ رأى الْحَاجة خيرا لَهَا وَالْأول الْوَجْه انْتهى وَاعْلَم أَنِّي فِي هَذَا الْكتاب أطنب حَيْثُ يسْتَحق الإطناب وأوجز حَيْثُ مَا يَقْتَضِي الْحَال الإيجاز وَمَا أحسن قَول من قَالَ يرْمونَ بالخطب الطوَال وَتارَة وَحي الملاحظ خيفة الرقباء وَمن أَيْن يكون الشّبَه ضبط بِفَتْح الشين وَالْبَاء وبكسر الشين وَسُكُون الْبَاء قَالَ الْبَاجِيّ يُرِيد شبه الابْن لأحد أَبَوَيْهِ أَو لاقاربه وَمعنى ذَلِك أَن للْمَرْأَة مَاء تَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى كَمَا للرجل مَا يَدْفَعهُ عِنْد اللَّذَّة الْكُبْرَى فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة خرج الْوَلَد يشبه عمومته وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل خرج الْوَلَد يشبه خؤلته
1 / 55