بَاب وقوت الصَّلَاة
1 / 11
[١] عَن بن شهَاب أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا روى الحَدِيث عَن مَالك جمَاعَة الروَاة فِيمَا بلغنَا وَظَاهر مساقه يدل على الِانْقِطَاع لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ سَمَاعا لِابْنِ شهَاب من عُرْوَة وَلَا لعروة من بشير وَهَذِه اللَّفْظَة أَعنِي أَن عِنْد جمَاعَة من عُلَمَاء الحَدِيث مَحْمُولَة على الِانْقِطَاع حَتَّى يتَبَيَّن السماع وَمِنْهُم من يحملهَا على الِاتِّصَال قَالَ وَهَذَا يشبه أَن يكون مَذْهَب مَالك لِأَنَّهُ فِي موطآته لَا يفرق بَين شَيْء من ذَلِك وَهَذَا الحَدِيث مُتَّصِل عِنْد الْحفاظ لِأَنَّهُ صَحَّ شُهُود بن شهَاب لما جرى بَين عمر وَعُرْوَة وَسَمَاع عُرْوَة من بشير من رِوَايَة جمَاعَة من أَصْحَاب بن شهَاب فَأخْرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز فَأخر الْعَصْر مرّة فَقَالَ لَهُ عُرْوَة حَدثنِي بشير بن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخر الصَّلَاة مرّة يَعْنِي الْعَصْر فَقَالَ لَهُ أَبُو مَسْعُود وَذكر الحَدِيث وَكَذَا رَوَاهُ عَن بن شهَاب بن جريح أخرجه عبد الرَّزَّاق وَاللَّيْث بن سعد أخرجه البُخَارِيّ وَشُعَيْب أخرجه أخر الصَّلَاة يَوْمًا هِيَ الْعَصْر كَمَا مر فِي رِوَايَة معمر وَفِي رِوَايَة اللَّيْث عِنْد البُخَارِيّ أخر الْعَصْر شَيْئا قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَبِذَلِك يظْهر مُنَاسبَة ذكر عُرْوَة حَدِيث عَائِشَة بعد حَدِيث أبي مَسْعُود وَلأبي دَاوُد من طَرِيق أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن بن شهَاب أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ قَاعِدا على الْمِنْبَر فَأخر الْعَصْر شَيْئا زَاد بن عبد الْبر من رِوَايَة اللَّيْث بن سعد عَن بن شهَاب فِي إمارته على الْمَدِينَة فَعرف
1 / 12
بذلك سَبَب تَأْخِيره كَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا إِذْ ذَاك بِشَيْء من مصَالح الْمُسلمين قَالَ بن عبد الْبر وَالْمرَاد أَنه أَخّرهَا حَتَّى خرج الْوَقْت الْمُسْتَحبّ المرغوب فِيهِ وَلم يؤخرها حَتَّى غربت الشَّمْس فَأخْبرهُ أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخر الصَّلَاة يَوْمًا فِي رِوَايَة بن جريح عِنْد عبد الرَّزَّاق فَقَالَ مسى الْمُغيرَة بن شُعْبَة بِصَلَاة الْعَصْر أَلَيْسَ قد علمت قَالَ الْحَافِظ الْقشيرِي قَالَ بعض فضلاء الْأَدَب كَذَا الرِّوَايَة وَهِي جَائِزَة إِلَّا أَن الْمَشْهُور فِي الِاسْتِعْمَال أَلَسْت قلت وتوجيه الأولى أَن فِي لَيْسَ ضمير الشَّأْن قَالَ القَاضِي عِيَاض ظَاهره يدل على علم الْمُغيرَة بذلك وَقد يكون هَذَا على ظن أبي مَسْعُود بِهِ ذَلِك لصحبته النَّبِي ﷺ كَمَا صَحبه أَن جِبْرِيل فِيهِ ثَلَاث عشرَة لُغَة قرئَ بهَا وأكثرها فِي الشاذ أوردهَا أَبُو حَيَّان فِي بحره والسمين فِي إعرابه جِبْرِيل بِالْكَسْرِ وبالفتح وجبرئيل كخندريس وَبلا يَاء بعد الْهمزَة وَكَذَلِكَ إِلَّا أَن اللَّام مُشَدّدَة وجبرائيل وجبرائل وجبرال وجبرايل بِالْيَاءِ وَالْقصر وجبراييل بياءين أولاهما مَكْسُورَة وجبرين وجبرين وجبرائين قَالَ الامام جمال الدّين بن مَالك ناظما مِنْهَا سبع لُغَات جِبْرِيل جِبْرِيل جِبْرَائِيل جبرئل وجبرئيل وجبرال وجبرين وَقلت مذيلا عَلَيْهِ بالستة الْبَاقِيَة وجبرئل وجبراييل مَعَ بدل جبرائل وبياء ثمَّ جبرين قولي مَعَ بدل إِشَارَة إِلَى جبرائين لِأَنَّهُ أبدل فِيهِ الْيَاء بِالْهَمْزَةِ وَاللَّام بالنُّون قَالَ بن جني فِي الْمُحْتَسب الْعَرَب إِذا نطقت بالأعجمي خلطت فِيهِ وأصل هَذَا الِاسْم كوريال الْكَاف بَين الْكَاف وَالْقَاف ثمَّ لحقه من التحريف على طول الِاسْتِعْمَال مَا أصاره إِلَى هَذَا التَّفَاوُت قَالَ وَقد قيل إِن معنى جِبْرِيل عبد الله وَذَلِكَ أَن الْخَبَر بِمَنْزِلَة الرجل وَالرجل عبد الله وأل بالنبطية اسْم الله تَعَالَى قَالَ وَلم يسمع الْجَبْر بِمَعْنى الرجل إِلَّا فِي شعر بن أَحْمَر وَهُوَ قَوْله اشرب براووق حييت بِهِ
1 / 13
وأنعم صباحا أَيهَا الْجَبْر وَقَالَ أَبُو حَيَّان جِبْرِيل اسْم أعجمي مَمْنُوع الصّرْف للعلمية والعجمية وَأبْعد من ذهب إِلَى أَنه مُشْتَقّ من جبروت الله وَمن ذهب إِلَى أَنه مركب تركيب الْإِضَافَة وَمن قَالَ جبر عبد وَائِل الله جمعا مركبا تركيب مزج كحضرموت وَقَالَ السمين جِبْرِيل اسْم أعجمي فَلذَلِك لم ينْصَرف وَقَول من قَالَ إِنَّه مُشْتَقّ من جبروت الله بعيد لِأَن الِاشْتِقَاق لَا يكون فِي العجمة وَكَذَا من قَالَ أَنه مركب تركيب الْإِضَافَة وَإِن جِبْرَائِيل مَعْنَاهُ عبد وَائِل اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى فَهُوَ بِمَنْزِلَة عبد الله لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يجْرِي الأول بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَإِن ينْصَرف الثَّانِي وَكَذَا قَول الْمَهْدَوِيّ أَنه مركب تركيب مزج نَحْو حَضرمَوْت لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يَبْنِي الأول على الْفَتْح لَيْسَ إِلَّا قَالَ وَأما رد الشَّيْخ أبي حَيَّان عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَو كَانَ مركبا تركيب مزج لجَاز فِيهِ أَن يعرب إِعْرَاب المتضايفين أَو يبْنى على الْفَتْح كَأحد عشر فان كل مَا ركب تركيب المزج يجوز فِيهِ هَذِه الْأَوْجه وَكَونه لم يسمع فِيهِ الْبناء وَلَا جربانه مجْرى المتضايفين دَلِيل على عدم تركيبه تركيب المزج فَلَا يحسن ردا لِأَنَّهُ جَاءَ على أحد الجائرين وَاتفقَ على أَنه لم يسْتَعْمل إِلَّا كَذَلِك انْتهى وَقد أخرج بن أبي حَاتِم عَن بن عَبَّاس قَالَ جِبْرِيل كَقَوْلِك عبد الله جبر عبد وايل الله وَأخرج بن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ جبر عبد وئل عبد وايل الله وَأخرج بن جرير عَن بن عَبَّاس قَالَ جِبْرِيل عبيد الله وَمِيكَائِيل عبيد الله وكل اسْم فِيهِ ايل فَهُوَ معبد للهء وَأخرج بن جرير عَن عبد الله بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ أحد التَّابِعين قَالَ ايل الله بالعبرانية وَأخرج بن جرير عَن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ اسْم جِبْرِيل عبد الله وَمِيكَائِيل عبيد الله وإسرافيل عبد الرَّحْمَن وكل اسْم فِيهِ ائيل فَهُوَ معبد لله
1 / 14
وَأخرجه الديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث أبي أُمَامَة مَرْفُوعا قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَذكر بَعضهم أَن ايل مَعْنَاهُ عبد وَمَا قبله مَعْنَاهُ اسْم الله كَمَا تَقول عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحِيم فَلفظ عبد لَا يتَغَيَّر وَمَا بعده يتَغَيَّر لَفظه وَإِن كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا وَيُؤَيِّدهُ أَن الْقَاعِدَة فِي لُغَة غير الْعَرَب تَقْدِيم الْمُضَاف إِلَيّ على الْمُضَاف قلت هَذَا أرجح والْآثَار السَّابِقَة تشهد لَهُ وَأخرج بن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الْعَزِيز بن عُمَيْر قَالَ اسْم جِبْرِيل فِي الْمَلَائِكَة خَادِم الله وَأخرج مُسلم عَن بن مَسْعُود قَالَ رأى رَسُول الله ﷺ جِبْرِيل فِي صورته لَهُ سِتّمائَة جنَاح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله ﷺ لجبريل وددت أَنِّي رَأَيْتُك فِي صُورَتك فنشر جنَاحا من أجنحته فسد أفق السَّمَاء حَتَّى مَا يرى من السَّمَاء شَيْء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن شُرَيْح بن عبيد أَن النَّبِي ﷺ لما صعد إِلَى السَّمَاء رأى جِبْرِيل فِي خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قَالَ فحيل إِلَى أَن مَا بَين عَيْنَيْهِ قد سد الْأُفق وَكنت أرَاهُ قبل ذَلِك على صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ على صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَكنت أَحْيَانًا أرَاهُ كَمَا يرى الرجل صَاحبه من وَرَاء الغربال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا مَا بَين مَنْكِبي جِبْرِيل مسيرَة خَمْسمِائَة عَام للطائر السَّرِيع الطيران وَلَا خلاف أَن جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت رُؤُوس الْمَلَائِكَة وأشرفهم وَأفضل الْأَرْبَعَة جِبْرِيل وإسرافيل وَفِي التَّفْضِيل بَينهمَا توقف سَببه اخْتِلَاف الْآثَار فِي ذَلِك وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير حَدِيث أفضل الْمَلَائِكَة جِبْرِيل لَكِن سَنَده ضَعِيف وَله معَارض فَالْأولى الْوَقْف عَن ذَلِك نزل قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ نزُول جِبْرِيل على النَّبِي ﷺ فِي هَيْئَة رجل مَعْنَاهُ أَن الله أفنى الزَّائِد من خلقه أَو أزاله عَنهُ ثمَّ يُعِيدهُ إِلَيْهِ بعد وَجزم بن عبد السَّلَام بالازالة
1 / 15
[٢] كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر فِي الصِّحَاح الْعَصْر ان الْغَدَاة والعشي وَمِنْه سميت صَلَاة الْعَصْر وَفِي النِّهَايَة الْعَصْر أَن صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الْعَصْر سميا العصرين لِأَنَّهُمَا يقعان فِي طرفِي العصرين وهما اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أبي قلَابَة قَالَ إِنَّمَا سميت الْعَصْر لِأَنَّهَا تعصر وَأخرج أَيْضا عَن شبْرمَة قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا سميت الْعَصْر لتعصر وَأخرج أَيْضا من طَرِيق مُصعب بن مُحَمَّد عَن رجل قَالَ أخر طَاوس الْعَصْر جدا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا سميت الْعَصْر لتعصر أَي ليبطأ بهَا قَالَ الْجَوْهَرِي قَالَ الْكسَائي يُقَال جَاءَ فلَان عصرا أَي بطيئا وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا للبيهقي فِي قصر حُجْرَتهَا وَهِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم الْبَيْت قَالَ بن سَيّده سميت بذلك لمنعها المَال قبل أَن تظهر أَي ترْتَفع قَالَ فِي المواعيب ظهر فلَانا الصُّبْح إِذا علاهُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَمَا اسطاعوا أَن يظهره أَي يعلوه وَقَالَ الْخطابِيّ معنى الظُّهُور هُنَا الصعُود وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض قيل المُرَاد تظهر على الْجدر وَقيل ترْتَفع كلهَا عَن الْحُجْرَة وَقيل تظهر بِمَعْنى تَزُول عَنْهَا كَمَا قَالَ وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك عارها انْتهى وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَة عَن بن شهَاب عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم كَانَ يُصَلِّي صَلَاة الْعَصْر وَالشَّمْس طالعة فِي حُجْرَتي لم يظْهر الْفَيْء بعد قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَجعل الظُّهُور للفيء وَفِي رِوَايَة مَالك جعل للشمس قَالَ وَالْجمع بَينهمَا أَن كلا من الظُّهُور غير الآخر فظهور الشَّمْس خُرُوجهَا من الحدرة وَظُهُور الْفَيْء انبساطه فِي الْحُجْرَة فِي الْموضع الَّذِي كَانَت الشَّمْس فِيهِ بعد خُرُوجهَا
1 / 16
[٣] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار أَنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله ﷺ فَسَأَلَهُ عَن وَقت صَلَاة الصُّبْح اتّفقت رُوَاة الْمُوَطَّأ على إرْسَاله وَقد ورد مَوْصُولا من حَدِيث أنس بن مَالك وَأخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق حميد عَنهُ وَمن حَدِيث عبد الله بن عمر وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زيد بن جَارِيَة أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَمن حَدِيث زيد بن جَارِيَة أخرجه أَبُو يعلى فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي حَدِيث أَن ذَلِك كَانَ فِي سفر وَقَالَ بن عبد الْبر بَلغنِي أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة حدث بِهَذَا الحَدِيث عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا قَالَ وَلَا أَدْرِي كَيفَ صِحَة هَذَا عَن سُفْيَان وَالصَّحِيح عَن زيد بن اسْلَمْ أَنه من مرسلات عَطاء فَسكت فِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة فَقَالَ صلها معي الْيَوْم وَغدا حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد صلى الصُّبْح حِين طلع الْفجْر فِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة أَن ذَلِك كَانَ بقاع نمرة بِالْجُحْفَةِ ثمَّ صلى الصُّبْح من الْغَد فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زيد بن جَارِيَة ثمَّ صلاهَا يَوْمًا وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة حَتَّى إِذا كَانَ بِذِي طوى أَخّرهَا فَيحْتَمل أَن يكون قصَّة وَاحِدَة وَيحْتَمل تعدد الْقِصَّة بعد أَن أَسْفر أَي انْكَشَفَ وأضاء وَفِي حَدِيث بن عَمْرو ثمَّ صلاهَا من الْغَد فأسفر وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة فَصلاهَا أَمَام الشَّمْس ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة فِي حَدِيث أنس عَن وَقت صَلَاة الْغَدَاة قَالَ هَا أَنا ذَا يَا رَسُول الله قَالَ بن مَالك فِي شرح التسهيل تفصل هَا التَّنْبِيه من اسْم الْإِشَارَة الْمُجَرّد بِأَنا وأخواته كثيرا كَقَوْلِك هَا أَنا ذَا وَهَا نَحن أولاء وَمِنْه قَول السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة لَهَا أَنا ذَا يَا رَسُول الله وَقَوله تَعَالَى هأنتم أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ انْتهى فَقَالَ مَا بَين هذَيْن وَقت فِي حَدِيث بن عمر وَالْوَقْت فِيمَا بَين أمس وَالْيَوْم وَفِي حَدِيث زيد بن جَارِيَة الصَّلَاة مَا بَين هَاتين الصَّلَاتَيْنِ فَائِدَة فِي هَذَا الحَدِيث أَن السَّائِل سَأَلَ عَن وَقت صَلَاة الصُّبْح خصة وَورد السُّؤَال عَن أَوْقَات كل الصَّلَوَات فَأخْرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن سَائِلًا سَأَلَ النَّبِي ﷺ عَن مَوَاقِيت الصَّلَاة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا حَتَّى أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْفجْر حِين انْشَقَّ الْفجْر ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعَصْر وَالشَّمْس بَيْضَاء مُرْتَفعَة فَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْمغرب حِين غَابَتْ الشَّمْس وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق فَلَمَّا كَانَ الْغَد صلى الْفجْر فَانْصَرف فَقلت أطلعت الشَّمْس وَأقَام الظّهْر فِي وَقت الْعَصْر الَّذِي كَانَ قبله وَصلى الْعَصْر وَقد اصْفَرَّتْ الشَّمْس وَقَالَ أَمْسَى وَصلى الْمغرب قبل أَن يغيب الشَّفق وَصلى الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قَالَ أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة الْوَقْت فِيمَا بَين هذَيْن وَورد مثل ذَلِك أَيْضا من حَدِيث بُرَيْدَة أخرجه مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَمن حَدِيث مجمع بن جَارِيَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَمن حَدِيث الْبَراء بن عَازِب أخرجه أَبُو يعلى وَحِينَئِذٍ فَحَدِيث الْمُوَطَّأ إِمَّا مُخْتَصر من هَذِه الْوَاقِعَة أَو هُوَ قَضِيَّة أُخْرَى وَقع السُّؤَال فِيهَا عَن صَلَاة الصُّبْح خَاصَّة
1 / 17
[٤] عَن يحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَي بن سعيد بن زُرَارَة وَهِي وَالِدَة أبي الرِّجَال أنصارية مَدَنِيَّة تابعية ثِقَة حجَّة كَانَت فِي حجر عَائِشَة ﵄ قَالَ بن الْمَدِينِيّ هِيَ أحد الثِّقَات الْعلمَاء بعائشة الاثبات فِيهَا عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله ﷺ ليُصَلِّي الصُّبْح أَن هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا ضمير الشَّأْن مَحْذُوف وَاللَّام فِي ليُصَلِّي هِيَ اللَّام الفارقة الدَّاخِلَة فِي خبر أَن فرقا بَين الخففة والنافية فَيَنْصَرِف النِّسَاء متلفعات قَالَ بن عبد الْبر رِوَايَة يحيى بفاءين وَتَبعهُ جمَاعَة وَرَوَاهُ كثير مِنْهُم بفاء ثمَّ عين مُهْملَة وَعَزاهُ القَاضِي عِيَاض لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالَ الْأَصْمَعِي التلفع أَن يشْتَمل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة اللفاع ثوب يُجَلل بِهِ الْجَسَد كُله كسَاء كَانَ أَو غَيره وتلفع بِالثَّوْبِ إِذا اشْتَمَل بِهِ وَقَالَ عبد الْملك بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ التلفع أَن يلقِي الثَّوْب على رَأسه ثمَّ يلتف بِهِ لَا يكون الالتفاع إِلَّا بتغطية الرَّأْس وَقد أَخطَأ من قَالَ الالتفاع مثل الاشتمال وَأما التلفف فَيكون مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس وكشفه وَاسْتدلَّ لذَلِك بقول عبيد بن الأبرص كَيفَ يرجون سقاطي بهَا مَا لفع الرَّأْس مشيب وصلع وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند التلفع بِالثَّوْبِ الاشتمال بِهِ وَقيل الالتحاف مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس بمروطهن جمع مرط بِكَسْر الْمِيم كَمَا فِي الصِّحَاح قَالَ وَهِي أكسية من صوف أَو خَز كَانَ يؤتزر بهَا قَالَ الشَّاعِر كساهم ثوباها وَفِي الدرْع رادة وَفِي المرط لنا وَإِن رد فهما عبل وَقَالَ الرَّافِعِيّ المرط كسَاء من صوف أَو خَز أَو كتَّان عَن الْخَلِيل وَيُقَال هُوَ الْإِزَار وَيُقَال درع الْمَرْأَة وَفِي الحكم المرط هُوَ الثَّوْب الْأَخْضَر وَفِي مجمع الغرائب المروط أكسية من شعر أسود وَعَن الْخَلِيل هِيَ أكسية معلمة وَقَالَ بن الْأَعرَابِي هُوَ الْإِزَار وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل لَا يكون المرط إِلَّا درعا وَهُوَ من خَز أَخْضَر وَلَا يُسمى المرط إِلَّا الْأَخْضَر وَلَا يلْبسهُ إِلَّا النِّسَاء نقل ذَلِك مغلطاي فِي شرح البُخَارِيّ وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْعُمْدَة زَاد بَعضهم فِي صفتهَا أَن تكون مربعة وَقَالَ بَعضهم إِن سداها من شعر وَقَالَ بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ المرط كسَاء صوف رَقِيق خَفِيف مربع كَانَ النِّسَاء فِي ذَلِك الزَّمَان يأتزرن بِهِ ويلتففن وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي شرح المعلقات عِنْد قَول امْرِئ الْقَيْس فَقُمْت بهَا أَمْشِي تجر وَرَاءَنَا على أثرينا أذيال مرط مرحل المرط إِزَار خَز معلم مَا يعرفن قَالَ الدَّاودِيّ أَي مَا مَا يعرفن أهن نسَاء أم رجال وَقَالَ غَيره يحْتَمل أَنه لَا يعرف أعيانهن وَإِن عرفن أَنَّهُنَّ نسَاء وَإِن كن متكشفات الْوُجُوه كَذَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فَخفف الْجُمْلَة الْأَخِيرَة ثمَّ قَالَ وَهَذَا ضَعِيف لِأَن المتلفعة فِي النَّهَار أَيْضا لَا يعرف عينهَا فَلَا يبْقى فِي الْكَلَام فَائِدَة انْتهى وَمَعَ تَتِمَّة الْكَلَام بِهَذِهِ الْجُمْلَة لَا يَتَأَتَّى هَذَا الِاعْتِرَاض وَقَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يدل على انهن كن سافرات إِذْ لَو كن متنقبات لَكَانَ الْمَانِع من معرفتهن تَغْطِيَة الْوَجْه لَا النَّاس وَقَالَ بَعضهم الْمعرفَة إِنَّمَا تتَعَلَّق بالأعيان وَلَو أُرِيد مَا قَالَه الدَّاودِيّ لعبر بِنَفْي الْعلم من هِيَ ابتدائية أَو تعليلية الْغَلَس قَالَ الرَّافِعِيّ هُوَ ظلمَة آخر اللَّيْل وَقيل اخْتِلَاط ضِيَاء الصُّبْح بظلمة اللَّيْل انْتهى وَالْأول هُوَ المجزوم بِهِ فِي الصِّحَاح وَأنْشد عَلَيْهِ قَول الأخطل لدينك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط غلس الظلام من الربَاب خيالا وَقَالَ فِي النهاي الْغَلَس ظلمَة آخر اللَّيْل إِذا اخْتلطت بضوء الصَّباح وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الْغَلَس بقايا ظلمَة اللَّيْل يخالطها بَيَاض الْفجْر قَالَه الْأَزْهَرِي والخطابي قَالَ الْخطابِيّ والغبش بِالْبَاء والشين الْمُعْجَمَة قيل الغبس بِالسِّين الْمُهْملَة وَبعده الْغَلَس بِاللَّامِ وَهِي كلهَا فِي آخر اللَّيْل وَيكون الغبش أول اللَّيْل فَوَائِد الأول قد يُعَارض هَذَا الحَدِيث مَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن أبي بَرزَة أَنه ﷺ كَانَ ينْصَرف صَلَاة الْغَدَاة حِين يعرف الرجل جليسه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض فِي الْجَواب عَنهُ لَعَلَّ هَذَا مَعَ التَّأَمُّل لَهُ أوفى حَال دون حَال وَذَاكَ فِي نسَاء مغطاة الرؤوس بعيدات عَن الرِّجَال الثَّانِيَة قد يُعَارضهُ أَيْضا مَا أخرجه الْأَرْبَعَة وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول أسفروا بِالْفَجْرِ فَهُوَ أعظم لِلْأجرِ وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْجَواب عَنهُ قد حمله حاملون على اللَّيَالِي المقمرة فان الصُّبْح لَا يتَبَيَّن فِيهَا فَأمر بِالِاحْتِيَاطِ قَوَّال التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه عقب رِوَايَته الحَدِيث قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق معنى الْأَسْفَار أَن يَصح الْفجْر فَلَا يشك فِيهِ وَلم يرَوا أَن معنى الْأَسْفَار تَأْخِير الصَّلَاة الثَّالِثَة أخرج بن ماجة عَن مغيث بن سمى قَالَ صليت مَعَ عبد الله بن الزبير الصُّبْح بِغَلَس فَلَمَّا سلمت أَقبلت على بن عمر فَقلت مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ هَذِه كَانَت صَلَاتنَا مَعَ رَسُول الله ﷺ وَأبي بكر وَعمر فَلَمَّا طعن عمر أَسْفر بهَا عُثْمَان
1 / 18
[٥] وَعَن بسر بن سعيد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وسين مُهْملَة سَاكِنة وَعَن الْأَعْرَج زَاد سعيد بن مَنْصُور وَابْن عبد الْبر من طَرِيق حَفْص بن ميسرَة الصفاني عَن زيد بن أسلم وَعَن أبي صَالح كلهم يحدثونه أَي زيد بن أسلم من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس زَاد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الدَّاودِيّ عَن زيد بن أسلم بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وركعة بعد مَا تطلع الشَّمْس وَمن طَرِيق أبي غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد طُلُوع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح وبهذه الزِّيَادَة ظهر مَقْصُود الحَدِيث فَإِنَّهُ كَانَ بِدُونِهَا مُشكل الظَّاهِر حَتَّى قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم أجمع الْمُسلمُونَ على أَن هَذَا لَيْسَ على ظَاهره وَأَنه لَا يكون بالركعة مدْركا لكل الصلا وَتَكْفِيه وَيحصل بَرَاءَته من الصَّلَاة بِهَذِهِ الرَّكْعَة وَهُوَ متأول وَفِيه إِضْمَار انْتهى وللبخاري من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الحَدِيث بدل فقد أدْرك فِي الْمَوْضِعَيْنِ فليتم صلَاته وللبيهقي من وَجه آخر من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس زَاد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي غَسَّان ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد غرُوب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي غَسَّان فَلم تفته فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ مُبين أَن المُرَاد بالإدراك إِدْرَاكهَا أَدَاء قَالَ أَبُو السعادات بن الْأَثِير وَأما تَخْصِيص هَاتين الصَّلَاتَيْنِ بِالذكر دون غَيرهمَا مَعَ أَن هَذَا الحكم لَيْسَ خَاصّا بهما بل يعم جَمِيع الصَّلَوَات فلأنهما طرفا النَّهَار والمصلى إِذا صلى بعض الصَّلَاة وطلعت الشَّمْس أَو غربت عرف خُرُوج الْوَقْت فَلَو لم يبين ﷺ هَذَا الحكم وَعرف الْمُصَلِّي أَن صلَاته تجزيه لظن فَوَات الصَّلَاة وبطلانها بِخُرُوج الْوَقْت وَلَيْسَ كَذَلِك آخر أَوْقَات الصَّلَاة وَلِأَنَّهُ نهى عَن الصَّلَاة عِنْد الشروق والغروب فَلَو لم يبين لَهُم صِحَة صَلَاة من أدْرك رَكْعَة من هَاتين الصَّلَاتَيْنِ لظن الْمُصَلِّي أَن صلَاته فَسدتْ بِدُخُول هذَيْن الْوَقْتَيْنِ فعرفهم ذَلِك لنزول هَذَا الْوَهم وَقَالَ الْحَافِظ مغلطاي فِي رِوَايَة من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح وَفِي أُخْرَى من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة وَبَينهمَا فرق وَذَلِكَ أَن من قدم الرَّكْعَة فَلِأَنَّهَا هِيَ السَّبَب الَّذِي بِهِ الْإِدْرَاك وَمن قدم الصُّبْح أَو الْعَصْر قبل الرَّكْعَة فَلِأَن هذَيْن الاسمين هما اللَّذَان يدلان على هَاتين الصَّلَاتَيْنِ دلَالَة خَاصَّة تتَنَاوَل جَمِيع أوصافها بِخِلَاف الرَّكْعَة فانها تدل على أَوْصَاف الصَّلَاة فَقدم اللَّفْظ الْأَعَمّ الْجَامِع وَقَالَ الرَّافِعِيّ احْتج الشَّافِعِي بِهَذَا الحَدِيث على أَن وَقت الْعَصْر يبْقى إِلَى غرُوب الشَّمْس وَاحْتج بِهِ أَيْضا على أَن من صلى فِي الْوَقْت رَكْعَة وَالْبَاقِي خَارج الْوَقْت تكون صلَاته جَائِزَة مُؤَدَّاة وعَلى أَن الْمَعْذُور إِذا زَالَ عذره وَقد بَقِي ن الْوَقْت قدر رَكْعَة كَمَا إِذا أَفَاق الْمَجْنُون أَو بلغ الصَّبِي تلْزمهُ تِلْكَ الصَّلَاة وعَلى أَن من طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وَهُوَ فِي صَلَاة الصُّبْح لَا تبطل صلَاته خلافًا لقَوْل بَعضهم قَالَ وَفِي الْجمع بَين هَذِه الاحتجاجات توقف انْتهى وَالْبَعْض الْمشَار إِلَيْهِم هم الْحَنَفِيَّة وَقَالَ الشَّيْخ أكمل الدّين فِي شرح الْمَشَارِق فِي الْجَواب عَنْهُم فَحمل الحَدِيث على أَن المُرَاد فقد أدْرك ثَوَاب كل الصَّلَاة بِاعْتِبَار نِيَّته لَا بِاعْتِبَار عمله وَإِن معنى قَوْله فليتم صلَاته أَي ليأت بهَا على وَجه التَّمام فِي وَقت آخر قلت وَهَذَا تَأْوِيل بعيد يردهُ بَقِيَّة طرق الحَدِيث وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حدث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا إِذا صلى أحدكُم رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح ثمَّ طلعت الشَّمْس فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى قَالَ بن عبد الْبر لَا وَجه لدعوى النّسخ فِي حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ لم يثبت فِيهِ تعَارض بِحَيْثُ لَا يُمكن الْجمع وَلَا لتقديم حَدِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يحمل على التَّطَوُّع فَائِدَة روى أَبُو نعيم فِي كتاب الصَّلَاة الحَدِيث بِلَفْظ من أدْرك رَكْعَتَيْنِ قبل أَن تغرب الشَّمْس وَرَكْعَتَيْنِ بعد مَا غَابَتْ الشَّمْس لم تفته الْعَصْر
1 / 19
[٦] عَن نَافِع مولى عبد الله بن عمر أَن عمر بن الْخطاب كتب إِلَى عماله هَذَا مُنْقَطع فان نَافِعًا لم يلق عمر إِن أهم أَمركُم عِنْدِي الصَّلَاة يشْهد لَهُ من الْأَحَادِيث المرفوعة مَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عِكْرِمَة عَن عمر قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي شَيْء أحب عِنْد الله فِي الْإِسْلَام قَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا من ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدّين فِي أَحَادِيث أخر من حفظهَا قَالَ بن رَشِيق أَي علم مَالا تتمّ إِلَّا بِهِ من وضوئها وأوقاتها وَمَا يتَوَقَّف على صِحَّتهَا وتمامها وحافظ عَلَيْهَا أَي سارع إِلَى فعلهَا وَفِي وَقتهَا حفظ دينه وَمن ضيعها فَهُوَ لما سواهَا أضيع فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْأَوْسَط عَن أنس مَرْفُوعا ثَلَاث من حفظهن فَهُوَ ولي حَقًا وَمن ضيعهن فَهُوَ عَدو حَقًا الصَّلَاة وَالصِّيَام والجنابة فَمن نَام فَلَا نَامَتْ عينه فِي مُسْند الْبَزَّار عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله ﷺ من نَام قبل الْعشَاء فَلَا نَامَتْ عينه وَالصُّبْح والنجوم بادية أَي ظَاهِرَة مشتبكة فِي النِّهَايَة اشتبكت النُّجُوم أَي ظَهرت جَمِيعهَا وَاخْتَلَطَ بَعْضهَا بِبَعْض لِكَثْرَة مَا ظهر مِنْهَا وَشَاهد هَذِه الْجُمْلَة من الْمَرْفُوع مَا أخرجه أَحْمد عَن أبي عبد الرَّحْمَن الصنابجي قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ لن تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يؤخروا الْمغرب انْتِظَار الاظلام مضاهاة للْيَهُود وَمَا لم يؤخروا الْفجْر انمحاق النُّجُوم مضاهاة للنصرانية
[٧] زاغت الشَّمْس أَي مَالَتْ
[٨] وَلَا تكن من الغافلين شَاهده من الْمَرْفُوع مَا أخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ من حَافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات المكتوبات لم يكْتب من الغافلين
[٩] عَن يزِيد بن زِيَاد عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة زوج النَّبِي ﷺ أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة عَن وَقت الصَّلَاة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَنا أخْبرك قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جمَاعَة رُوَاته والمواقيت لَا تُؤْخَذ بِالرَّأْيِ وَلَا تدْرك إِلَّا بالتوقيف قَالَ وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث الْمَوَاقِيت مَرْفُوعا بأتم من هَذَا أخرجه النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح الغبش بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وشين مُعْجمَة كَذَا فِي رِوَايَة يحيى بن يحيى وَزَاد يَعْنِي الْغَلَس وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير والقعنبي وسُويد بن سعيد بِغَلَس
[١٠] كُنَّا نصلي الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر هَذَا يدْخل عِنْدهم فِي الْمسند وَقد صرح فِي طَرِيق بِرَفْعِهِ فَقَالَ كُنَّا نصلي الْعَصْر مَعَ النَّبِي ﷺ أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق بن الْمُبَارك عَن مَالك ثمَّ يخرج الْإِنْسَان إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْعلمَاء كَانَت مَنَازِلهمْ على ميلين من الْمَدِينَة فيجدهم يصلونَ الْعَصْر قَالَ النَّوَوِيّ كَانَت صلَاتهم فِي وسط الْوَقْت وَلَعَلَّ تأخيرهم لكَوْنهم أهل أَعمال فِي حروثهم وزروعهم وحوايطهم فَإِذا فرغوا من أَعْمَالهم تأهبوا للصَّلَاة ثمَّ اجْتَمعُوا إِلَيْهَا فتتأخر صلَاتهم لهَذَا الْمَعْنى
1 / 20
[١١] كُنَّا نصلي الْعَصْر قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ لَيْسَ فِيهِ ذكر النَّبِي ﷺ وَرَوَاهُ عبد الله بن نَافِع وَابْن وهب فِي رِوَايَة يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَنهُ وخَالِد بن مخلد وَأَبُو عَامر الْعَقدي كلهم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر ثمَّ يذهب الذَّاهِب الحَدِيث وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ وَإِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة جَمِيعًا عَن أنس أَن رَسُول الله ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر ثمَّ يذهب الذَّاهِب إِلَى قبَاء قَالَ أجدهما فيأتيهم وهم يصلونَ وَقَالَ الآخر فيأتيهم وَالشَّمْس مُرْتَفعَة وَرَوَاهُ أَيْضا كَذَلِك معمر وَغَيره من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ فَهُوَ حَدِيث مَرْفُوع قلت وَهُوَ كَذَلِك عِنْد البُخَارِيّ من طَرِيق شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ وَعند مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ وَعند الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن الزُّهْرِيّ وَرِوَايَة بن الْمُبَارك الَّتِي أوردهَا بن عبد الْبر أخرجهَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَقَالَ فِي غرائب مَالك لم يسْندهُ عَن مَالك عَن إِسْحَاق غير بن الْمُبَارك ثمَّ يذهب الذَّاهِب قَالَ الْحَافِظ بن حجر أَرَادَ نَفسه لما أخرجه النَّسَائِيّ والطَّحَاوِي من طَرِيق أبي الْأَبْيَض عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله ﷺ يُصَلِّي بِنَا الْعَصْر وَالشَّمْس ببيضاء محلقة ثمَّ أرجع إِلَى قومِي فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فَأَقُول لَهُم قومُوا فصلوا فَإِن رَسُول الله ﷺ قد صلى قلت بل أَعم من ذَلِك لما أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن أنس قَالَ كَانَ أبعد رجلَيْنِ من الْأَنْصَار من رَسُول الله ﷺ دَار أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر وَأَهله بقباء وَأَبُو عبس بن جبر ومسكنه فِي بني حَارِثَة فَكَانَا يصليان مَعَ رَسُول الله ﷺ ثمَّ يأتيان قومهما وَمَا صلوا لتعجيل رَسُول الله ﷺ بهَا إِلَى قبَاء قَالَ النَّوَوِيّ يمد وَيقصر وَيصرف وَلَا يصرف وَيذكر وَيُؤَنث والأفصح فِيهِ التَّذْكِير وَالصرْف وَالْمدّ وَهُوَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة قَالَ النَّسَائِيّ لم يُتَابع مَالك على قَوْله إِلَى قبَاء وَالْمَعْرُوف إِلَى العوالي وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ إِلَى العوالي قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَالح بن كيسَان وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَعقيل وَمعمر وَيُونُس وَاللَّيْث وَعَمْرو بن الْحَارِث وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَابْن أبي ذُؤَيْب وَابْن أخي الزُّهْرِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَمَعْقِل بن عبيد الله وَعبيد الله بن أبي زِيَاد الرصافي والنعمان بن رَاشد والزبيدي وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس وَقَالَ بن عبد الْبر الَّذِي قَالَه جمَاعَة أَصْحَاب بن شهَاب عَنهُ يذهب الذَّاهِب إِلَى العوالي وَهُوَ الصَّوَاب عِنْد أَصْحَاب الحَدِيث وَقَول مَالك عِنْدهم إِلَى قبَاء وهم لَا شكّ فِيهِ وَلم يُتَابِعه أحد عَلَيْهِ فِي حَدِيث بن شهَاب هَذَا إِلَّا أَن الْمَعْنى مُتَقَارب فِي ذَلِك على سَعَة الْوَقْت لِأَن العوالي مُخْتَلفَة الْمسَافَة فأقربها إِلَى الْمَدِينَة مَا كَانَ على ميلين أَو ثَلَاثَة وَمِنْهَا مَا يكون على ثَمَانِيَة أَمْيَال أَو عشرَة وَمثل هَذَا هِيَ الْمسَافَة بَين قبَاء وَالْمَدينَة وَقد رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك فَقَالَ فِيهِ إِلَى العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وَقَالَ فِيهِ العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وَقَالَ فِيهِ العوالي كَمَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب ثمَّ أسْندهُ من طَرِيقه وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك وسائى رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالُوا قبَاء وَقَالَ القَاضِي عِيَاض مَالك أعلم ببلدته وأمكنتها من غَيره وَهُوَ أثبت فِي بن شهَاب مِمَّن سواهُ وَقد رَوَاهُ بَعضهم عَن مَالك إِلَى العوالي كَمَا قَالَت الْجَمَاعَة وَرَوَاهُ بن أبي ذُؤَيْب عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ إِلَى قبَاء كَمَا قَالَ مَالك وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر نِسْبَة الْوَهم فِيهِ إِلَى مَالك منتقد فَإِنَّهُ إِن كَانَ وهما احْتمل أَن يكون مِنْهُ وَإِن يكون من الزُّهْرِيّ حِين حدث بِهِ مَالِكًا فَإِن الْبَاجِيّ نقل عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَن بن أبي ذُؤَيْب رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ إِلَى قبَاء وَقد رَوَاهُ خَالِد بن مخلد عَن مَالك فَقَالَ فِيهِ إِلَى العوالي كَمَا قَالَ الْجَمَاعَة فقد اخْتلف فِيهِ على مَالك وتوبع عَن الزُّهْرِيّ بِخِلَاف مَا جزم بِهِ بن عبد الْبر قَالَ وَقَوله الصَّوَاب عِنْد أهل الحَدِيث العوالي صَحِيح من حَيْثُ اللَّفْظ وَأما الْمَعْنى فمتقارب لِأَن قبَاء من العوالي وَلَيْسَت العوالي كل قبَاء فَإِنَّهَا عبارَة عَن الْقرى المجتمعة حول الْمَدِينَة من جِهَة نجد قَالَ وَلَعَلَّ مَالِكًا لما رأى فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ أحمالا حملهَا على الرِّوَايَة المفسرة وَهِي رِوَايَته عَن إِسْحَاق حَيْثُ قَالَ فِيهَا لم يخرج الْإِنْسَان إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف وهم أهل قبَاء بني مَالك على أَن الْقِصَّة وَاحِدَة لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حَدَّثَاهُ عَن أنس انْتهى
1 / 21
[١٢] مَا أدْركْت النَّاس إِلَّا وهم يصلونَ الظّهْر بعشي قَالَ فِي الاستذكار قَالَ مَالك يُرِيد الابراد بِالظّهْرِ وَفِي النِّهَايَة والمطالع العشى مَا بعد الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب وَقيل إِلَى الصَّباح طنفسة بِكَسْر الطَّاء وَالْفَاء وبضمهما وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء الْبسَاط الَّذِي لَهُ خمل رَقِيق ذكره فِي النِّهَايَة وَقَالَ فِي الْمطَالع الْأَفْصَح كسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَيجوز ضمهما وكسرهما وَحكى أَبُو حَاتِم فتح الطَّاء مَعَ كسر الْفَاء وَقَالَ أَبُو عَليّ القالي بِفَتْح الْفَاء لَا غير وَهِي بِسَاط صَغِير وَقيل حَصِير من سعف أَو دوم عرضه ذِرَاع وَقيل قدر عظم الذِّرَاع انْتهى
[١٣] ثمَّ نرْجِع بعد صَلَاة الْجُمُعَة فنقبل قائلة الضُّحَى قَالَ فِي الاستذكار أَي انهم يستدركون مَا فاتهم من النّوم وَقت قائلة الضُّحَى على مَا جرت بِهِ عَادَتهم
[١٤] بن أبي سليط بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام بملل بِفَتْح الْمِيم ولامين بِوَزْن جمل مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة على تِسْعَة عشر ميلًا من الْمَدِينَة كَذَا فِي النِّهَايَة وَقَالَ بَعضهم على ثَمَانِيَة عشر ميلًا وَقَالَ بن وساح على اثْنَيْنِ وَعشْرين ميلًا حَكَاهُمَا بن رَشِيق
1 / 22
[١٥] عَن أبي سَلمَة قيل اسْمه كنيته وَقيل عبد الله بن عبد الرَّحْمَن هُوَ بن عَوْف من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة زَاد النَّسَائِيّ كلهَا لَا أَنه بعض مَا قَالَه قَالَ بن عبد الْبر لَا أعلم اخْتِلَافا فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَلَا فِي لَفظه عِنْد رُوَاة الْمُوَطَّأ عَن مَالك وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِر أَصْحَاب بن شهَاب إِلَّا أَن بن عُيَيْنَة رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ فَقَالَ قفد أدْرك لم يقل الصَّلَاة وَالْمعْنَى المُرَاد فِي ذَلِك وَاحِد وَقد رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن أبي بكر عَن بن شهَاب فَقَالَ فقد أدْرك الصَّلَاة وفضلها وَهَذِه لَفْظَة لم يقلها أحد عَن بن شهَاب غير عبد الْوَهَّاب وَلَيْسَ بِحجَّة على من خَالفه فِيهَا من أَصْحَاب بن شهَاب وَلَا أَجَاد فِيهَا قلت وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيّ قَالَ لِأَن معنى أدْرك الصَّلَاة أدْرك فَضلهَا وَلَو أدْركهَا بادراك رَكْعَة فِيهَا لما وَجب عَلَيْهِ عَلَيْهِ قَضَاء بقيتها ثمَّ قَالَ بن عبد الْبر وَقد رَوَاهُ عمار بن مطر عَن مَالك فَقَالَ فقد أدْرك الصَّلَاة ووقتها قَالَ وَهَذَا لم يقلهُ عَن مَالك فَقَالَ فقد أدْرك الْفضل وَلم يقلهُ عَن مَالك غَيره قَالَ وَقد اخْتلف فِي معنى قَوْله فقد أدْرك الصَّلَاة فَقيل أدْرك وَقتهَا قَالَ وقائلوا ذَلِك جَعَلُوهُ فِي معنى الحَدِيث السَّابِق من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا لِأَنَّهُمَا حديثان لكل وَاحِد مِنْهُمَا معنى آخر وَقيل أدْرك فضل الْجَمَاعَة على أَن المُرَاد من أدْرك رَكْعَة مَعَ الإِمَام وَقيل من أدْرك حكمهَا فِيمَا يفوتهُ من سَهْو الإِمَام وَلُزُوم الْإِتْمَام وَنَحْو ذَلِك قَالَ وَظَاهر الحَدِيث يُوجب الْإِدْرَاك التَّام الْوَقْت وَالْحكم وَالْفضل قَالَ وَيدخل فِي ذَلِك إِدْرَاك الْجُمُعَة فَإِذا أدْرك مِنْهَا رَكْعَة مَعَ الإِمَام أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى فَإِن لم يُدْرِكهَا صلى أَرْبعا ثمَّ أخرج من طَرِيق بن الْمُبَارك عَن معمر وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا قَالَ الزُّهْرِيّ فنرى الْجُمُعَة من الصَّلَاة وَأخرج من وَجه آخر عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن رجل فَاتَتْهُ خطْبَة الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَأدْركَ الصَّلَاة فَقَالَ حَدثنِي أَبُو سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة فقد أدْركهَا انْتهى قَالَ الْحَافِظ مغلطاي وَإِذا حملناه على إِدْرَاك فضل الْجَمَاعَة فَهَل يكون ذَلِك مضاعفا كَمَا يكون لمن حضرها من أَولهَا أَو يكون غير مضاعف قَولَانِ وَإِلَى التَّضْعِيف ذهب أَبُو هُرَيْرَة وَغَيره من السّلف وَقَالَ القَاضِي عِيَاض يدل على أَن المُرَاد فضل الْجَمَاعَة مَا فِي رِوَايَة بن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ من زِيَادَة قَوْله مَعَ الإِمَام وَلَيْسَت هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث مَالك وَغَيره عَنهُ قَالَ وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا إِفْرَاد مَالك لَهُ فِي التَّبْوِيب فِي الْمُوَطَّأ ويفسره رِوَايَة من روى فقد أدْرك الْفضل
[١٨] وَمن فَاتَهُ قِرَاءَة أم الْقُرْآن فقد فَاتَهُ خير كثير قَالَ بن وضاح وَغَيره ذَلِك لموْضِع التَّأْمِين وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من غفران مَا تقدم من ذَنبه
[١٩] عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول دلوك الشَّمْس ميلها أخرجه بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن بن عمر مَرْفُوعا
[٢٠] قَالَ أَخْبرنِي مخبر قَالَ فِي الاستذكار هُوَ عِكْرِمَة وَكَانَ مَالك يكتم اسْمه لكَلَام سعيد بن الْمسيب فِي
1 / 23
[٢١] الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر اخْتلف فِي معنى الْفَوات فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل هُوَ فِيمَن لم يصلها فِي وَقتهَا الْمُخْتَار وَقيل هُوَ أَن تفوته بغروب الشَّمْس قَالَ الْحَافِظ مغلطاي فِي موطأ بن وهب قَالَ مَالك تَفْسِيرهَا ذهَاب الْوَقْت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر قد أخرج عبد الرَّزَّاق هَذَا الحَدِيث من طَرِيق بن جريج عَن نَافِع وَزَاد فِي آخِره قلت لنافع حَتَّى تغيب الشَّمْس قَالَ نعم قَالَ وَتَفْسِير الرَّاوِي إِذا كَانَ فَقِيها أولى قلت وَقد ورد مُصَرحًا بِرَفْعِهِ فِيمَا أخرجه بن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن هشيم عَن حجاج عَن نَافِع عَن بن عمر مَرْفُوعا من ترك الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس من غير عذر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَقيل هُوَ تفويتها إِلَى أَن تصفر الشَّمْس وَقد ورد مُفَسرًا من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ وفواتها أَن تدخل الشَّمْس صفرَة أخرجه أَبُو دَاوُد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَعَلَّه مَبْنِيّ على مذْهبه فِي خُرُوج وَقت الْعَصْر وَقَالَ مغلطاي فِي علل بن أبي حَاتِم من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر وفواتها أَن تدخل الشَّمْس صفرَة فَكَأَنَّمَا وتر أهل وَمَاله قَالَ أَبُو حَاتِم التَّفْسِير من قبل نَافِع وَقَالَت طَائِفَة المر اد فَوَاتهَا فِي الْجَمَاعَة لما يفوتهُ من شُهُود الْمَلَائِكَة الليلية والنهارية وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه بن مَنْدَه بِلَفْظ المأتور أَهله وَمَاله من وتر صَلَاة فِي جمَاعَة وَهِي صَلَاة الْعَصْر وروى عَن سَالم أَنه قَالَ هَذَا فِيمَن فَاتَتْهُ نَاسِيا وَمَشى عَلَيْهِ التِّرْمِذِيّ وَالْمعْنَى أَنه يلْحقهُ من الأسف عِنْد مُعَاينَة الثَّوَاب لمن صلى مَا يلْحق من ذهب أَهله وَمَاله وَقَالَ الداوودي إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَامِد قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر قلت وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة من غر عذز وَاخْتلف أَيْضا فِي تَخْصِيص صَلَاة الْعَصْر بذلك فَقيل نعم لزِيَادَة فَضلهَا وَلِأَنَّهَا الْوُسْطَى وَلِأَنَّهَا تَأتي فِي وَقت تَعب النَّاس من مقاساة أَعْمَالهم وحرصهم على قَضَاء أشغالهم وتسويفهم بهَا إِلَى انْقِضَاء وظائفهم ولاجتماع المتعاقبين من الْمَلَائِكَة فِيهَا وَهَذَا مَا رَجحه الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قَالَ بن الْمِنْبَر الْحق أَن الله يخص مَا يَشَاء من الصَّلَوَات بِمَا شَاءَ من الْفَضِيلَة وَقَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن الحَدِيث خرج جَوَابا على سُؤال السَّائِل عَمَّن تفوته الْعَصْر وَأَنه لَو سُئِلَ عَن غَيرهَا لأجابه بِمثل ذَلِك فَيكون حكم سَائِر الصَّلَوَات كَذَلِك خُصُوصا وَقد ورد الحَدِيث من رِوَايَة نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الدئلي بِلَفْظ من فَاتَتْهُ الصَّلَاة وبلفظ من فَاتَتْهُ صَلَاة وَلم يخص الْعَصْر وَقَالَ النَّوَوِيّ فِيمَا قَالَه بن عبد الْبر نظر لِأَن الشَّرْع ورد فِي الْعَصْر وَلم تتَحَقَّق الْعلَّة فِي هَذَا الحكم فَلَا يلْحق بهَا غَيرهَا بِالشَّكِّ وَالوهم وَإِنَّمَا يلْحق غير الْمَنْصُوص بالمنصوص إِذا عرفنَا الْعلَّة واشتركا فِيهَا وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر حَدِيث نَوْفَل بن مُعَاوِيَة أرجه بن جبان وَغَيره بِلَفْظ من فَاتَتْهُ الصَّلَاة وَأخرجه عبد الرَّزَّاق بِلَفْظ لِأَن يُوتر أحدكُم أَهله وَمَاله خير لَهُ من أَن تفوته وَقت صَلَاة وَهَذَا ظَاهره العمون لَكِن الْمَحْفُوظ من حَدِيثه صَلَاة الْعَصْر قلت روى النَّسَائِيّ من طَرِيق عرَاك بن مَالك قَالَ سَمِعت نَوْفَل بن مُعَاوِيَة يَقُول سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول من الصَّلَاة صَلَاة من فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله فَقَالَ بن عمر سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول هِيَ صَلَاة الْعَصْر وَأخرج بن أبي شيبَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة حَتَّى تفوته من غير عذر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله لكنه مخرج فِي مُسْند أَحْمد بِلَفْظ من ترك الْعَصْر فَرجع الحَدِيث إِلَى تَعْيِينهَا نعم فِي فَوَائِد تَمام من طَرِيق مَكْحُول عَن أنس مَرْفُوعا من فَاتَتْهُ صَلَاة الْمغرب فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله فَإِن كَانَ رَاوِيه حفظ وَلم يهم دلّ ذَلِك على عدم الِاخْتِصَاص كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله قَالَ النَّوَوِيّ روى بِنصب اللامين ورفعهما وَالنّصب هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور على أَنه مفعول ثَان وَمن رفع فعلى مَا لم يسم فَاعله وَمَعْنَاهُ انتزع مِنْهُ أَهله وَمَاله وَهَذَا تَفْسِير مَالك بن أنس وَأما على النصب فَقَالَ الْخطابِيّ وَغَيره مَعْنَاهُ نقص أَهله وَمَاله وسلبهم فَبَقيَ وترا بِلَا أهل وَلَا مَال فيحذر من تفويتها كحذره من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ عِنْد أهل الْفِقْه واللغة أَنه كَالَّذي يصاب بأَهْله وَمَاله إِصَابَة يطْلب بهَا وترا وَالْوتر الْجِنَايَة الَّتِي يطْلب تارها فيجتمع عَلَيْهِ غمان غم الْمُصِيبَة وغم مقاساة طلب الثار وَلذَا قَالَ وتر وَلم يقل مَاتَ أَهله وَقَالَ الداوودي مَعْنَاهُ يتَوَجَّه عَلَيْهِ النَّدَم والأسف لتفويته الصَّلَاة وَقيل مَعْنَاهُ فَاتَهُ من الثَّوَاب مَا يلْحقهُ من الأسف عَلَيْهِ كَمَا يلقح من ذهب أَهله وَمَاله انْتهى وَقَالَ غَيره حَقِيقَة الْوتر كَمَا قَالَ الْخَلِيل هُوَ الظُّلم فِي الدَّم واستعماله فِي غَيره مجَاز وَقَالَ الْجَوْهَرِي الموتور هُوَ الَّذِي قتل لَهُ قَتِيل فَلم يدْرك دَمه وَيُقَال أَيْضا وتره حَقه أَي نَقصه وَقيل الموتور من أَخذ أَهله وَمَاله وَهُوَ ينظر وَذَلِكَ أَشد لغمه وَلذَلِك وَقع عِنْد أبي مُسلم الْكَجِّي من طَرِيق حَمَّاد بن مسلمة عَن أَيُّوب عَن نَافِع فِي آخر الحَدِيث وَهُوَ قَاعد فَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَنه أخذا مِنْهُ وَهُوَ ينظر وَقَالَ الْحَافِظ زين الدّين الْعِرَاقِيّ كَانَ مَعْنَاهَا أَنه وتر هَذَا الْوتر وَهُوَ قَاعد غير مقَاتل عَنْهُم وَلَا ذاب وَهُوَ أبلغ فِي الْغم لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَقع مِنْهُ شَيْء من ذَلِك لَكَانَ أسلى لَهُ قَالَ وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ وَهُوَ مشَاهد لتِلْك المصايب غير غَائِب عَنْهُم فَهُوَ أَشد لتحسره قَالَ وَإِنَّمَا خص الْأَهْل وَالْمَال بِالذكر لِأَن الِاشْتِغَال فِي وَقت الْعَصْر إِنَّمَا هُوَ بالسعي على الْأَهْل والشغل بِالْمَالِ فَذكر أَن تَفْوِيت هَذِه الصَّلَاة نَازل منزلَة فقد الْأَهْل وَالْمَال فَلَا معنى لتفويتهما بالاشتغال بهما مَعَ كَون تفويتها كفواتهما أصلا ورأسا وَقَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة يرْوى بِنصب الْأَهْل وَرَفعه فَمن نصب جعله مَفْعُولا ثَانِيًا لوتر وأضمر فِيهَا مَفْعُولا للم يسم فَاعله عَائِدًا إِلَى الَّذِي وَمن رفع لم يضمر وأنام الْأَهْل مقَام مَا لم يسم فَاعله لأَنهم المصابون المأخوذون فَمن رد النَّقْص إِلَى الرجل نصبهما وَمن رده إِلَى الْأَهْل وَالْمَال رفعهما وَقَالَ الْحَافِظ مغلطاي قيل إِن النصب على نزع الْخَافِض وَالْأَصْل وتر فِي أَهله وَقيل إِن الرّفْع على أَنه يدل اشْتِمَال أَو بدل بعض وَفِي شرح الْمَشَارِق للشَّيْخ أكمل الدّين قيل يجوز أَن يكون النصب على التَّمْيِيز أَي وتر من حَيْثُ الْأَهْل نَحْو غبن رَأْيه وألم نَفسه وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ على وَجه
[٢٢] فلقي رجلا لم يشْهد الْعَصْر قَالَ فِي الاستذكار ذكر بعض من شرح الْمُوَطَّأ إِن هَذَا الرجل هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ وَهَذَا لَا يُوجد فِي أثر علته وَإِنَّمَا هُوَ رجل من الْأَنْصَار من بني حَدِيدَة طففت أَي نقصت نَفسك حطها من الْأجر تأخيرك عَن صَلَاة الْجَمَاعَة والتطفيف فِي لِسَان الْعَرَب هُوَ الزِّيَادَة على الْعدْل وَالنُّقْصَان مِنْهُ
1 / 25
[٢٣] عَن يحيى بن سعيد أَنه كَانَ يَقُول إِن الْمُصَلِّي ليُصَلِّي الصَّلَاة وَمَا فَاتَهُ وَقتهَا وَلما فَاتَهُ من وَقتهَا أعظم أَو أفضل من أَهله وَمَاله قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَهُ حكم الْمَرْفُوع إِذْ يَسْتَحِيل أَن يكون مثله رَأيا وَقد ورد نَحوه من طرق مَرْفُوعا فَأخْرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عبيد الله بن مُوسَى عَن إِبْرَاهِيم بن الْفضل عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ أَن أحدكُم ليُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا وَقد ترك من الْوَقْت الأول مَا هُوَ خير لَهُ من أَهله وَمَاله وَأخرج بن عبد الْبر من طَرِيق شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي ﷺ قَالَ إِن الرجل ليدرك الصَّلَاة وَمَا فَاتَهُ مِنْهَا خير من أَهله وَمَاله
1 / 26
[٢٥] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله ﷺ حِين قف هَذَا مُرْسل تبين وَصله فَأخْرجهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس عَن بن شهَاب عَن سعيد بن المسي عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ والقفول الرُّجُوع من السّفر وَلَا يُقَال لمن سَافر مبتدئا قف قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلفُوا هَل كَانَ هَذَا النّوم مرّة أَو مرَّتَيْنِ قَالَ وَظَاهر الحَدِيث مَرَّتَانِ وَكَذَا رَجحه القَاضِي عِيَاض وَغَيره وَبِذَلِك يجمع بَين مَا فِي الْأَحَادِيث من الْمُغَايرَة من خَيْبَر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر وَغَيرهمَا هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ الْأصيلِيّ إِنَّمَا هُوَ من حنين بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث بن مَسْعُود من الْحُدَيْبِيَة وللطبراني من حَدِيث بن عَمْرو من غَزْوَة تَبُوك وَلَا يجمع إِلَّا بِتَعَدُّد الْقِصَّة أسرى قَالَ فِي النِّهَايَة السرى السّير بِاللَّيْلِ يُقَال سرى يسري سرى وَأسرى يسري اسراء لُغَتَانِ وَلأبي مُصعب أسْرع وَلأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر زِيَادَة وَكَانَ يفعل ذَلِك لقلَّة الزَّاد فَقَالَ لَهُ قَائِل يَا نَبِي الله انْقَطع النَّاس وَرَاءَك فحبس وَحبس النَّاس مَعَه حَتَّى تكاملوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن نهجع هجعة فَنزل ونزلوا حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل فِي حَدِيث بن عَمْرو حَتَّى إِذا كَانَ مَعَ السحر عرس بتَشْديد الرَّاء قَالَ الْخَلِيل وَالْجُمْهُور التَّعْرِيس نزُول الْمُسَافِر آخر اللَّيْل للنوم والاستراحة وَلَا يُسمى نزُول أول اللَّيْل تعريسا كلأ بِالْهَمْز أَي احفظ وارقب قَالَ تَعَالَى قل من يكلؤكم بِاللَّيْلِ أَي يحفظكم والمصدر كلاءة بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ ضربتهم الشَّمْس قَالَ القَاضِي عِيَاض أَي أَصَابَهُم شعاعها وحرها فَفَزعَ قَالَ النَّوَوِيّ أَي انتبه وَقَامَ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة يُقَال فزع من نَومه أَي هَب وانتبه وَكَأَنَّهُ من الْفَزع الْخَوْف لِأَن الَّذِي ينتبه لَا يَخْلُو من فزع مَا وَقَالَ الْأصيلِيّ فَفَزعَ لأجل عدوهم خوف أَن يكون ابتعهم فيجدهم بِتِلْكَ الْحَال من النّوم وَقَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن يكون تأسفا على مَا فاتهم من وَقت الصَّلَاة قَالَ وَفِيه دَلِيل على أَن ذَلِك لم يكن من عَادَتهم مُنْذُ بعث قَالَ وَلَا معنى لقَوْل الْأصيلِيّ لِأَنَّهُ ﷺ لم يتبعهُ عَدو فِي انْصِرَافه من خَيْبَر وَلَا من حنين وَلَا ذكر ذَلِك أحد من أهل الْمَغَازِي بل انْصَرف من كلا الغزوتين غانما ظَاهرا أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك قَالَ بن رَشِيق أَي إِن الله استولى بقدرته عَليّ كَمَا استولى عَلَيْك مَعَ منزلتك قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَن النّوم غلبني كَمَا غلبك وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ قبض نَفسِي الَّذِي قبض نَفسك فالباء زَائِدَة أَي توفاها متوفي نَفسك قَالَ وَهَذَا قَول من جعل النَّفس وَالروح شَيْئا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَالَ فِي الحَدِيث الآخر إِن الله قبض أَرْوَاحنَا فنص على أَن الْمَقْبُوض هُوَ الرّوح وَفِي الْقُرْآن اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الْآيَة وَمن قَالَ إِن النَّفس غير الرّوح تَأَول أَخذ بنفسي من النّوم الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ نَام رَسُول الله ﷺ عَن صَلَاة الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس مَعَ قَوْله إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي فَجَوَابه من وَجْهَيْن أصححهما وأشهرهما أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَن الْقلب إِنَّمَا يدْرك الحسيات الْمُتَعَلّقَة بِهِ كالحدث والألم وَنَحْوهمَا وَلَا يدْرك طُلُوع الْفجْر وَغَيره مِمَّا يتَعَلَّق بِالْعينِ وَإِنَّمَا يدْرك ذَلِك بِالْعينِ وَالْعين نَائِمَة وَإِن كَانَ الْقلب يقظان وَالثَّانِي أَنه كَانَ لَهُ حالان أَحدهمَا ينَام فِيهِ الْقلب وصادف هَذَا الْموضع وَالثَّانِي لَا ينَام وَهَذَا هُوَ الْغَالِب من أَحْوَاله قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا ضَعِيف وَالصَّحِيح الْمُعْتَمد هُوَ الأول قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَا يُقَال الْقلب وَإِن كَانَ لَا يدْرك المرئيات يدْرك إِذا كَانَ يقظان مُرُور الْوَقْت الطَّوِيل لأَنا نقُول كَانَ قلبه ﷺ إِذْ ذَاك مُسْتَغْرقا بِالْوَحْي وَلَا يلْزم مَعَ ذَلِك وَصفه بِالنَّوْمِ كَمَا كَانَ يسْتَغْرق حَالَة إِلْقَاء الْوَحْي فِي الْيَقَظَة وَتَكون الْحِكْمَة فِي ذَلِك بَيَان الشَّرْع بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أوقع فِي النَّفس كَمَا فِي قصَّة السَّهْو قَالَ وَقَرِيب من هَذَا جَوَاب بن الْمُنْذر أَن الْقلب قد يحصل لَهُ السَّهْو فِي الْيَقَظَة لمصْلحَة التشريع فَفِي النّوم أولى اقتادوا أَي ارتحلوا زَاد مُسلم فَإِن هَذَا منزل حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان قَالَ بن رَشِيق قد علله النَّبِي ﷺ بذلك وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا هُوَ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا أظهر الْأَقْوَال فِي تَعْلِيله واقتادوا شَيْئا للطبراني من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن حَتَّى كَانَت الشَّمْس فِي كبد السَّمَاء فَأَقَامَ الصَّلَاة لِأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر فَأمر بِلَالًا فَأذن ثمَّ قَامَ النَّبِي ﷺ فصلى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح وَهُوَ غير عجل ثمَّ أمره فَأَقَامَ الصَّلَاة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الحَدِيث على أَقَامَ بَعضهم قَالَ فَأذن أَو أَقَامَ على الشَّك فصلى بهم الصُّبْح زَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمرَان فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أنعيدها من الْغَد لوَقْتهَا قَالَ نَهَانَا الله عَن الرِّبَا ويقبله منا وَعَن بن عبد الْبر لَا يَنْهَاكُم الله عَن الرِّبَا ويقبله مِنْكُم ثمَّ قَالَ حِين قضي الصَّلَاة من نسي الصَّلَاة زَاد القعْنبِي أَو نَام عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا وَلأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عبد الْبر من حَدِيث أبي جُحَيْفَة ثمَّ قَالَ إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم فَمن نَام عَن صَلَاة فليصلها إِذا اسْتَيْقَظَ وَمن نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَزَاد الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك وَيُسْتَفَاد من هَذَا سَبَب وُرُود هَذَا الحَدِيث فَإِن من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث معرفَة أَسبَابه كأسباب نزُول الْقُرْآن وَقد صنف فِيهِ بعض الْمُتَقَدِّمين وَلم نقف عَلَيْهِ وَلَكِن شرعت فِي جمع كتاب لطيف فِي ذَلِك فَإِن الله ﵎ يَقُول فِي كِتَابه أقِم الصَّلاةَ لِذِكْرِي قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ بَعضهم فِيهِ تَنْبِيه على ثُبُوت هَذَا الحكم وَأَخذه من الْآيَة الَّتِي تَضَمَّنت الْأَمر لمُوسَى ﵇ وَأَنه مِمَّا يلْزمنَا اتِّبَاعه وَقَالَ غَيره اسْتشْكل وَجه أَخذ الحكم من الْآيَة فَإِن معنى لذكري إِمَّا لتذكرني فِيهَا وَإِمَّا لأَذْكُرك عَلَيْهَا على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلهَا وعَلى كلا فَلَا يعْطى ذَلِك قَالَ بن جرير وَلَو كَانَ المُرَاد حِين تذكرها لَكَانَ التَّنْزِيل لذكرها وَأَصَح مَا أُجِيب بِهِ أَن الحَدِيث فِيهِ تَغْيِير من الرَّاوِي وَإِنَّمَا هُوَ للذِّكْرَى بلام التَّعْرِيف وَألف الْقصر كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَفِيه وَفِي مُسلم زِيَادَة وَكَانَ بن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى فَبَان بِهَذَا أَن استدلاله ﷺ إِنَّمَا كَانَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَة فَإِن مَعْنَاهَا للتذكر أَي لوقت التَّذَكُّر قَالَ القَاضِي عِيَاض وَذَلِكَ هُوَ الْمُنَاسب لسياق الحَدِيث وَعرف أَن التَّغْيِير صدر من الروَاة عَن مَالك أَو من دونهم لَا عَن مَالك وَلَا مِمَّن فَوْقه قَالَ فِي الصِّحَاح لذكري نقيض النسْيَان
1 / 27
[٢٦] بطرِيق مَكَّة قَالَ بن عبد الْبر لَا يُخَالف مَا فِي الحَدِيث قبله لِأَن طَرِيق خَيْبَر وَطَرِيق مَكَّة من الْمَدِينَة وَقَالَ بن عبد الْبر وَاحِد إِن الله قبض أَرْوَاحنَا زَاد أَبُو دَاوُد من حَدِيث ذِي مخبر ثمَّ ردهَا إِلَيْنَا فصلينا وَله من حَدِيث أبي قَتَادَة إِن الله قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا حِين شَاءَ وللبزار من حَدِيث أنس أَن هَذِه الْأَرْوَاح عَارِية فِي أجساد الْعباد يقبضهَا ويرسلها إِذا شَاءَ قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي كل جَسَد إِحْدَاهمَا روح الْيَقَظَة الَّتِي أجْرى الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات وَالْأُخْرَى روح الْحَيَاة الَّتِي أجرا الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ حَيا فَإِذا فارقته مَاتَ فَإِذا رجعت إِلَيْهِ حييّ قَالَ وَهَاتَانِ الروحان فِي بَاطِن الْإِنْسَان لَا يعرف مقرهما إِلَّا من أطلعه الله على ذَلِك فهما كجنينين فِي بطن امْرَأَة وَاحِدَة قَالَ وَلَا يبعد عِنْدِي أَن تكون الرّوح فِي القل قَالَ وَيدل على وجود روحي الْحَيَاة واليقظة قَوْله تَعَالَى الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا تَقْدِيره ويتوفى الْأَنْفس الَّتِي لم تمت أجسادها فِي منامها فَيمسك الْأَنْفس الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت عِنْده وَلَا يرسلها إِلَى أجسادها وَيُرْسل الْأَنْفس الْأُخْرَى وَهِي أنفس الْيَقَظَة إِلَى أجسادها إِلَى انْقِضَاء أجل مُسَمّى وَهُوَ أجل الْمَوْت فَحِينَئِذٍ تقبض أَرْوَاح الْحَيَاة وأرواح الْيَقَظَة جَمِيعًا من الأجساد انْتهى وَلَو شَاءَ لردها إِلَيْهَا فِي حِين غير هَذَا لِأَحْمَد من حَدِيث بن مَسْعُود لَو أَن الله أَرَادَ أَن لَا تناموا عَنَّا لم تناموا وَلَكِن أَرَادَ أَن يكون لمن بعدكم فَهَكَذَا لمن نَام أَو نسي وَلأَحْمَد عَن بن عَبَّاس مَوْقُوفا مَا يسرني بهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا يعين الرُّخْصَة وَأخرج بن أبي شيبَة عَن مَسْرُوق قَالَ مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِصَلَاة رَسُول الله ﷺ بعد طُلُوع الشَّمْس يهديه قَالَ بن عبد الْبر أهل الحَدِيث يروون هَذِه اللَّفْظَة بترك الْهمزَة وَأَصلهَا عِنْد أهل اللُّغَة الْهَمْز وَقَالَ فِي الْمطَالع هُوَ بِالْهَمْز أَي يسكته وَيتَوَجَّهُ من هدأت الصَّبِي إِذا وضعت يدك عَلَيْهِ لينام وَفِي رِوَايَة الْمُهلب بِغَيْر همز على التسهيل وَيُقَال فِي ذَلِك أَيْضا يهدئه بالنُّون وَرُوِيَ يهدهده من هدهدت الْأُم وَلَدهَا لينام أَي حركته انْتهى
1 / 28
[٢٧] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا من عَطاء الَّتِي تكلم النَّاس فِيهَا وَقَالَ بن عبد الْبر يقويه الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة الَّتِي رَوَاهَا مَالك وَغَيره من طرق كَثِيرَة إِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم الفيح بفاء مَفْتُوحَة وياء تحتية سَاكِنة وحاء مُهْملَة والفوح بواو سطوع الْحر وانتشاره وَاخْتلف على هَذَا على حَقِيقَته فَقَالَ الْجُمْهُور نعم وَقيل إِنَّه كَلَام خرج مخرج التَّشْبِيه أَي كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم فِي الْحر فَاجْتَنبُوا ضَرَره قَالَ القَاضِي عِيَاض كلا الْوَجْهَيْنِ ظَاهر وَحمله على الْحَقِيقَة أولى وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه الصَّوَاب لِأَنَّهُ ظَاهر الحَدِيث وَلَا مَانع يمْنَع من حمله على حَقِيقَته فَوَجَبَ الحكم بِأَنَّهُ على ظَاهره وجهنم قَالَ يُونُس وَغَيره اسْم أعجمي وَنَقله بن الْأَنْبَارِي فِي الزَّاهِر عَن أَكثر النَّحْوِيين وَقيل عَرَبِيّ وَلم يصرف للتأنيث والعلمية وَفِي الْمُحكم سميت بذلك لبعد قعرها من قَوْلهم بِئْر جهنام بعيدَة القعر وَفِي الموعب عَن أبي عَمْرو جهنام اسْم للغليظ وَفِي المغيث لأبي مُوسَى الْمدنِي جَهَنَّم تعريب كهنام بالعبرانية فَإِذا اشْتَدَّ قَالَ مغلطاي هُوَ افتعل من الشدَّة بِمَعْنى الْقُوَّة فأبردوا عَن الصَّلَاة قَالَ القَاضِي عِيَاض مَعْنَاهُ بِالصَّلَاةِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة وَعَن تَأتي بِمَعْنى الْبَاء كَمَا قيل رميت عَن الْقوس أَي بِهِ وَهَذَا مَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ قَالَ اقاضي وَقد تكون عَن هُنَا زَائِدَة أَي أبردوا الصَّلَاة يقا أبرد الرجل كَذَا إِذا فعله فِي برد النَّهَار وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس وَقَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ تَأَخَّرُوا عَن الصَّلَاة مبردين أَي داخلين فِي وَقت الْبرد وَقَالَ السفاقسي أبردوا أَي ادخُلُوا فِي وَقت الْإِبْرَاد مثل أظلم دخل فِي الظلام وَأمسى دخل فِي الْمسَاء وَهَذَا بِخِلَاف الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُم فَإِنَّهُ يقْرَأ بوصل الأف لِأَنَّهُ ثلاثي من برد المَاء حرارة جوفي وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ بِالظّهْرِ كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث أبي سعيد فِي الصَّحِيح وَغَيره قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس لَيْسَ للابراد تَحْدِيد فِي الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة إِلَّا مَا ورد فِي حَدِيث بن مَسْعُود كَانَ قدر صَلَاة رَسُول الله ﷺ فِي الصَّيف ثَلَاثَة أَقْدَام إِلَى خَمْسَة أَقْدَام وَفِي الشتَاء خَمْسَة أَقْدَام إِلَى سَبْعَة أَقْدَام أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ وَذَلِكَ بعد طرح ظلّ الزَّوَال فَلَعَلَّ الابراد كَانَ ريثما يكون للجدار ظلّ يأوي اليه المجتاز وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه وَبَين حَدِيث خباب شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله ﷺ حر الرمضاء فَلم يشكنا فَقَالَ بَعضهم الابراد رخصَة والتقديم أفضل وَقَالَ بَعضهم حَدِيث خباب مَنْسُوخ بِأَحَادِيث الابراد وَقَالَ آخَرُونَ الابراد مُسْتَحبّ وَحَدِيث خباب مَحْمُول على أَنهم طلبُوا تَأْخِيرا زَائِدا على قدر الابراد وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح انْتهى وَمن الْغَرِيب فِي الْحَدِيثين تَفْسِير بَعضهم أبردوا أَي لَا تصلوها لوَقْتهَا الأول ردا إِلَى حَدِيث خباب نَقله القَاضِي عِيَاض عَن حِكَايَة الْهَرَوِيّ وَتَفْسِير آخر فَلم يشكنا أَي لم يحوجنا إِلَى الشكوى ردا إِلَى حَدِيث الابراد نَقله بن عبد الْبر عَن ثَعْلَب اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا اخْتلف أَيْضا هَل هُوَ حَقِيقَة بِلِسَان القال أَو مجَاز بِلِسَان الْحَال أَو تكلم عَنْهَا خازنها أَو من شَاءَ الله عَنْهَا والارجح حمله على الْحَقِيقَة كَذَا رَجحه بن عبد الْبر وَقَالَ أنطقها الله لذِي أطق كل شَيْء وَالْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ إِن الله قَادر على خلق الْحَيَاة بِجُزْء مِنْهَا حَتَّى تَتَكَلَّم أَو يخلق لَهَا كلَاما يسمعهُ من شَاءَ من خلقه وَالنَّوَوِيّ وَقَالَ جعل الله فِيهَا إدراكا وتمييزا بِحَيْثُ تَكَلَّمت بِهَذَا وَابْن الْمُنِير وَقَالَ إِن اسْتِعَارَة الْكَلَام للْحَال وَإِن عهِدت وَسمعت لَكِن الشكوى وتفسيرها وَالتَّعْلِيل لَهُ وَالْإِذْن وَالْقَبُول وَالنَّفس وقصره على اثْنَيْنِ فَقَط بعيد من الْمجَاز خَارج عَمَّا ألف من اسْتِعْمَاله وَرجح الْبَيْضَاوِيّ الثَّانِي فَقَالَ شكواها مجَاز عَن غليانها وَأكل بَعْضهَا بَعْضًا مجَاز عَن ازدحام أَجْزَائِهَا ونفسها مجَاز عَن خُرُوج مَا يبرز مِنْهَا فَأذن لَهَا بنفسين بفت الْفَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ النَّفس التنفس قَالَ غَيره وَأَصله الرّوح وَهُوَ مَا يخرج من الْجوف وَيدخل فِيهِ من لهواء فَشبه الْخَارِج من حرارة جَهَنَّم وبردها إِلَى الدُّنْيَا بِالنَّفسِ الَّذِي يخرج من جَوف الْحَيَوَان وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن جَهَنَّم مطبقة محاط عَلَيْهَا بجسم يكتنفها من جَمِيع نَوَاحِيهَا قَالَ وَالْحكمَة فِي التَّنْفِيس عَنْهَا إِعْلَام الْخلق بأنموذج مِنْهَا قلت وَقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود قَالَ تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم فِي قرن شَيْطَان وَبَين قَرْني شَيْطَان فَمَا ترْتَفع من قَصَبَة إِلَّا فتح بَاب من أَبْوَاب النَّار فَإِذا اشْتَدَّ الْحر فتحت أَبْوَابهَا كلهَا وَهَذَا يدل على أَن التنفس يَقع من أَبْوَابهَا وعَلى أَن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم حَقِيقَة
1 / 29
[٢٨] نفس فِي الشتَاء وَنَفس فِي الصَّيف هما بِالْجَرِّ على الْبَدَل أَو الْبَيَان وَيجوز الرّفْع وَلمُسلم زِيَادَة فَمَا ترَوْنَ من شدَّة الْبرد فَذَلِك من زمهريرها وَمَا ترَوْنَ من شدَّة الْحر فَهُوَ من سمومها أَو قَالَ من حرهَا قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل مَعْنَاهُ انها إِذا تنفست فِي الصَّيف قوي لَهب تنفسها حر الشَّمْس وَإِذا تنفست فِي الشتَاء دفع حرهَا شدَّة الْبرد إِلَى الأَرْض وَقَالَ بن عبد الْبر لفظ الحَدِيث يدل على أَن نَفسهَا فِي الشتَاء غير الشتَاء ونفسها فِي الصَّيف غير الصَّيف وَقَالَ بن التِّين فَإِن قيل كَيفَ يجمع بَين الْبرد وَالْحر فِي النَّار فَالْجَوَاب أَن جَهَنَّم فِيهَا زَوَايَا فِيهَا نَار وزوايا فِيهَا زمهرير وَلَيْسَت محلا وَاحِدًا يَسْتَحِيل أَن يجتمعا فِيهِ وَقَالَ مغلطاي لقَائِل أَن يَقُول الَّذِي خلق الْملك من ثلج ونار قَادر على جمع الضدين فِي مَحل وَاحِد قَالَ وَأَيْضًا فَالنَّار من أُمُور الْآخِرَة وَالْآخِرَة لَا تقاس على أَمر الدُّنْيَا
[٣٠] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ من أكل من هَذِه الشَّجَرَة قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيعهم مُرْسل إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن معمر عَن روح بن عبَادَة عَن صَالح بن أبي الْأَخْضَر وَمَالك بن أنس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة مرّة مَوْصُولا وَقد وَصله معمر وَيُونُس وَإِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن شهَاب قلت رِوَايَة معمر أخرجهَا مُسلم وَرِوَايَة إِبْرَاهِيم أخرجهَا بن ماجة وَرِوَايَة يُونُس عزاها بن عبد الْبر لِابْنِ وهب وللبخاري من حَدِيث بن عمر أَنه ﷺ قَالَ ذَلِك فِي غَزْوَة خَيْبَر فَلَا يقربن مَسَاجِدنَا اخْتلف فِي هَذَا النَّهْي فالاكثرون على أَنه عَام فِي كل مَسْجِد وَقيل هُوَ خَاص بِمَسْجِد النَّبِي ﷺ من أجل جِبْرِيل ﵇ ونزوله فِيهِ
[٣١] عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمُجبر قَالَ فِي الاستذكار هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْمُجبر لِأَنَّهُ سقط فتكسر فجبر
1 / 30
[٣٢] كتاب الطَّهَارَة عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه يحيى بن عبَادَة بن أبي حسن أَنه قَالَ بِعَبْد الله بن زيد بن عَاصِم لأبي مُصعب وَأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ أَن رجلا قَالَ لعبد الله ولمعن بن عِيسَى عَن عَمْرو وَعَن أَبِيه يحيى أَنه سمع أَبَا حسن وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى قَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي موطأ مُحَمَّد بن حسن عَن مَالك حَدثنَا عَمْرو عَن أَبِيه يحيى أَنه سمع جده أَبَا حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَكَذَا سَاقه سجنون فِي الْمُدَوَّنَة وَعند البُخَارِيّ من طَرِيق وهيب عَن عَمْرو بن يحيى ع أَبِيه قَالَ شهِدت عَمْرو بن أبي حسن يسْأَل عبد الله بن زيد وَعِنْده أَيْضا من طَرِيق سُلَيْمَان عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ كال يكثر عَمْرو من الْوضُوء فَقَالَ لعبد الله بن زيد وَفِي الْمُسْتَخْرج لأبي نعيم من طَرِيق الداروردي عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن عَمه عَمْرو بن أبي حسن قَالَ كنت كثير الْوضُوء فَقلت لعبد الله بن زيد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَالَّذِي يجمع هَذَا الِاخْتِلَاف أَن يُقَال اجْتمع عِنْد عبد الله بن زيد أَبُو حسن الْأنْصَارِيّ وَابْنه عَمْرو وَابْن ابْنه يحيى فَسَأَلُوهُ عَن صفة الْوضُوء وَتَوَلَّى السُّؤَال مِنْهُم لَهُ عَمْرو بن أبي حسن فَحَيْثُ نسب إِلَيْهِ السُّؤَال كَانَ على الْحَقِيقَة وَحَيْثُ نسب إِلَى أبي حسن فعلى الْمجَاز لكَونه الْأَكْبَر كَانَ حَاضرا وَحَيْثُ نسب ليحيى فعلى الْمجَاز أَيْضا لكَونه ناقل الحَدِيث وَقد حضر السُّؤَال قَالَ وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق خَالِد الوَاسِطِيّ عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ قُلْنَا لعبد الله فَإِنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُم اتَّفقُوا على سُؤَاله وَهُوَ جد عمْرَة بن يحيى قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيع رُوَاته وَانْفَرَدَ بِهِ مَالك وَلم يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد وَلم يقل أحد من رُوَاة هَذَا الحَدِيث فِي عبد الله بن زيد بن عَاصِم إِنَّه جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني إل مَالك وَحده فَإِنَّهُ عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني الْأنْصَارِيّ لَا خلاف فِي ذَلِك ولجده أبي حسن صُحْبَة فِيمَا ذكر بَعضهم فَعَسَى أَن يكون جده لأمه وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْإِلْمَام هَذَا وهم قَبِيح من يحيى بن يحيى أَو من غَيره قَالَ وأعجب مِنْهُ أَنه سُئِلَ عَنهُ بن وضاح وَكَانَ من الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث وَالْفِقْه فَقَالَ هُوَ جده لأمه ورحم الله من انْتهى إِلَى مَا سمع ووقف دون مَا لم يعلم وَكَيف جَازَ هَذَا على بن وضاح وَالصَّوَاب فِي الْمُدَوَّنَة الَّتِي كَانَ يقرئها ويرويها عَن سَحْنُون وَهِي بَين يَدَيْهِ ينظر فِيهَا كل حِين قَالَ وصواب الحَدِيث مَالك عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه أَن رجلا قَالَ لعبد الله بن زيد وَهَذَا الرجل هُوَ عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى الْمَازِني انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ فِي شرح أبي دَاوُد وَهُوَ حسن وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر الضمي رَاجع للرجل الْقَائِل الثَّابِت فِي رِوَايَة أَكثر الروَاة فَإِن صَحَّ أَنه أَبُو حسن فَهُوَ جد عَمْرو حَقِيقَة أَو ابْنه عَمْرو فمجاز لِأَنَّهُ عَم أَبِيه يحيى فَأطلق عَلَيْهِ جدا لكَونه فِي مَنْزِلَته قَالَ وَزعم بَعضهم أَن الضمي رَاجع لعبد الله بن زيد وَهُوَ سَهْو لِأَنَّهُ لَيْسَ جدا لعمرة بن يحيى لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا قَالَ وَأما قَول صَاحب الْكَمَال وَمن تبعه فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن يحيى أَنه بن بنت عبد الله بن زيد فغلط توهمه من هَذِه الرِّوَايَة وَقد ذكر بن سعد أَن أم عَمْرو هِيَ حميدة بنت مُحَمَّد بن إِيَاس بن المنكذر وَقَالَ غَيره هِيَ أم النُّعْمَان بنت أبي حَيَّة وَقَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن يحيى فَقَالَ فِيهِ عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وأخطا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عبد الله بن زيد بن عَاصِم وهما صحابيان متغايران وهم إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فيهمَا فجعلهما وَاحِدًا فِيمَا حكى قَاسم بن أصبغ عَنهُ قَالَ والغلط لَا يسلم مِنْهُ أحد وَإِذا كَانَ بن عُيَيْنَة مَعَ جلالته غلط فِي ذَلِك فإسماعيل بن إِسْحَاق أَيْن يَقع من بن عُيَيْنَة إِلَّا أَن الْمُتَأَخِّرين أوسع علما وَأَقل عذرا انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم غلط الْحفاظ من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي ذَلِك وَمِمَّنْ نَص على غلطه البُخَارِيّ وَقد قيل إِن بن عبد ربه لَا يعرف لَهُ غير حَدِيث الْأَذَان هَل تَسْتَطِيع أَن تريني قَالَ بن التِّين هَذَا من التلطف بالعالم فِي السوال فَدَعَا بِوضُوء هُوَ بِفَتْح الْوَاو المَاء بِالْكَسْرِ يفرغ فراغا كسمع يسمع سَمَاعا أَي انصب ذكره فِي الصِّحَاح على يَده زَاد أَبُو مُصعب الْيَمين فَغسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ قَالَ الْحَافِظ بن جُحر كَذَا لمَالِك وَوَقع فِي رِوَايَة وهيب عِنْد البُخَارِيّ وخَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم والداروردي عِنْد أبي نعيم ثَلَاثًا قَالَ فَهَؤُلَاءِ حفاظ وَقد اجْتَمعُوا ورواياتهم مُقَدّمَة على الْحَافِظ الْوَاحِد قَالَ وَقد ذكر مُسلم عَن وهيب أَنه سمع هَذَا الحَدِيث مرَّتَيْنِ من عَمْرو بن يحيى املاء فتأكد تَرْجِيح رِوَايَته وَلَا يُقَال يحمل على وَاقِعَتَيْنِ لِاتِّحَاد الْمخْرج وَالْأَصْل عدم التَّعَدُّد وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب يَده بالافراد على إِرَادَة الْجِنْس ثمَّ تمضمض واستنثر كَذَا فِي رِوَايَة يحيى وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب بدله واستنشق قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَفِيه إِطْلَاق الاستنثار على الِاسْتِنْشَاق قَالَ الْحَافِظ بن حجر لِأَنَّهُ يستلزمه وَفِي شرح مُسلم للنووي الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور من أهل اللُّغَة وَغَيرهم أَن الاستنثار غير الِاسْتِنْشَاق وَأَنه إِخْرَاج المَاء من الْأنف بعد الِاسْتِنْشَاق خلافًا لما قَالَه بن الْأَعرَابِي وَابْن قُتَيْبَة أَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مَأْخُوذ من النثرة وَهُوَ طرف الْأنف وَأما الِاسْتِنْشَاق فَهُوَ إِيصَال المَاء إِلَى دَاخل الْأنف وجذبه بِالنَّفسِ إِلَى أقصاه ثمَّ غسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْمَنْقُول فِي علم الْعَرَبيَّة أَن أَسمَاء الْأَعْدَاد والمصادر والأجناس إِذا كررت كَانَ المُرَاد حُصُولهَا مكررة لَا للتوكيد اللَّفْظِيّ فَإِنَّهُ قَلِيل الْفَائِدَة لَا يحسن حَيْثُ يكون للْكَلَام محمل غَيره مِثَال ذَلِك جَاءَ الْقَوْم اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَو رجلا رجلا وضربته ضربا ضربا أَي اثْنَيْنِ بعد اثْنَيْنِ ورجلا بعد رجل وَضَربا بعد ضرب قَالَ وَهَذَا الْموضع مِنْهُ أَي غسلهمَا مرَّتَيْنِ بعد مرَّتَيْنِ أَي أفرد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِالْغسْلِ مرَّتَيْنِ وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر لم تخْتَلف الرِّوَايَات عَن عَمْرو بن يحيى فِي غسل الْيَدَيْنِ مرَّتَيْنِ لَكِن فِي مُسلم من طَرِيق حبَان بن وَاسع عَن عبد الله بن زيد أَنه رَأْيِي النَّبِي ﷺ تَوَضَّأ وَفِيه وَغسل يَده الْيُمْنَى ثَلَاثًا ثمَّ الْأُخْرَى ثَلَاثًا فَيحمل على أَنه وضوء آخر لكَون مخرج الْحَدِيثين غر مُتحد إِلَى الْمرْفقين تَثْنِيَة مرفق بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْفَاء وبفتح الْمِيم وَكسر الْفَاء لُغَتَانِ مشهورتان قَالَ فِي الصِّحَاح وَهُوَ موصل الذِّرَاع من الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمُحكم أَعلَى الذِّرَاع وأسفل الْعَضُد وَقَالَ فِي الْمَشَارِق عظم طرف الذِّرَاع مِمَّا يَلِي الْعَضُد قَالَ بَعضهم سمي بذلك لِأَنَّهُ يرتفق عَلَيْهِ أَي تكأ ويعتمد قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْيَد حَقِيقَة من أَطْرَاف الانامل الى الابط وَنَحْوه قَول الْخطاب مَا بَين الْمنْكب إِلَى أَطْرَاف الْأَصَابِع كُله اسْم لليد وارتضاه النَّوَوِيّ فِي تهذيبه وَقد كَانَ وَقع من أَيَّام السُّؤَال عَمَّا تطلق عَلَيْهِ الْيَد حَقِيقَة هَل هُوَ هَذَا أَو الذِّرَاع أَو الْكَفّ وَعز عَلَيْهِم النَّقْل فِي ذَلِك فأخرجت لَهُم هَذَا النَّقْل ثمَّ مسح رَأسه لأبي مُصعب بِرَأْسِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْبَاء للتعدية فَيجوز حذفهَا واثباتها لذَلِك يُقَال مسحت رَأس الْيَتِيم ومسحت بِرَأْسِهِ وَقيل دخلت الْبَاء لتفيد مَعنا آخر وَإِن الْغسْل لُغَة يَقْتَضِي مغسولا بِهِ وَالْمسح لُغَة لَا يَقْتَضِيهِ فَلَو قَالَ تَعَالَى وَامْسَحُوا رؤوسكم لأجزأ الْمسْح بِالْيَدِ بِغَيْر مَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ برؤسكم المَاء فَهُوَ على الْقلب وَالتَّقْدِير امسحوا رؤسكم بِالْمَاءِ فَأقبل بهما وَأدبر قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل مَعْنَاهُ أقبل إِلَى جمة قَفاهُ وَرجع كَمَا فسر بعده وَقيل المُرَاد أدبر وَأَقْبل وَالْوَاو لَا تَقْتَضِي رُتْبَة قَالَ وَهَذَا أولى ويعضده رِوَايَة هيب فِي البُخَارِيّ فَأَدْبَرَ بهما وَأَقْبل بَدَأَ بِمقدم رَأسه إِلَى آخر قَالَ الْحَافِظ بن حجر الظَّاهِر أَنه من الحَدِيث وَلَيْسَ مدرجا من كَلَام مَالك وَفِي الصِّحَاح بدأت بالشَّيْء ابتدأت بِهِ وبدأت الشَّيْء فعلته ابْتِدَاء ومقدم الرَّأْس ومؤخره كِلَاهُمَا بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَيجوز فيهمَا الْكسر وَالتَّخْفِيف والقفا بِالْقصرِ وَحكى بن جني فِيهِ الْمَدّ وَهُوَ قَلِيل قَالَ فِي الصِّحَاح هُوَ مُؤخر الْعُنُق وَقَالَ فِي الْمُحكم وَرَاء الْعُنُق وَفِيه التَّذْكِير والتأنيث قَالَ بن عبد الْبر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث فَذكر فِيهِ مسح الرَّأْس مرَّتَيْنِ وَهُوَ خطأ لم يذكرهُ أحد غَيره قَالَ وَأَظنهُ تَأَوَّلَه على أَن الإقبال مرّة والأدبار أخري ثمَّ غسل رجلَيْهِ زَاد وهيب فِي رِوَايَته عِنْد البُخَارِيّ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ بن سَيّده الرجل قدم الْإِنْسَان وَغَيره قَالَ أَبُو إِسْحَاق الرجل من أصل الْفَخْذ إِلَى الْقدَم انْتهى قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين وَهُوَ حَقِيقَة فِي ذَلِك وَأما الكعبان فَالْمَشْهُور أَنَّهُمَا العظمان الناتئان عِنْد مفصل السَّاق والقدم من كل رجل وَقيل الكعب الْعظم الَّذِي فِي ظهر الْقدَم عِنْد معقد الشرَاك فَائِدَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي شرح مُسلم لم يَجِيء فِي حَدِيث عبد الله بن زيد للأذنين ذكر وَيُمكن أَن يكون ذَلِك لَان اسْم الرَّأْس يضمهما وَتعقبه الشَّيْخ ولي الدّين بِأَن الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أخرجَا من حَدِيثه رَأَيْت رَسُول الله ﷺ يتَوَضَّأ فَأخذ مَاء لأذنيه خلاف المَاء الَّذِي مسح بِهِ رَأسه وَقَالا صَحِيح
1 / 32