«الجدل الأصولي» فلابد من إضافة ضابط «الأصول»، وكذلك لابد من التفريق بين كلٍّ من الجدل والمناظرة وعلم الخلاف، إذ الجدل أخص منهما (^١).
* طرائق الجدل، ومناهج التأليف فيه:
لما كان التنوع والاختلاف حقيقة إنسانية طبيعية، وكان من ثمار هذا التنوّع الاختلافُ والتباينُ فيما يصلُ إليه الإنسان بتأمله وتفكيره، وإلى جانب هذا التنوع فإن الإنسان مفطور كذلك على التفاعل والتقاء الأفكار، والإفصاح عنها، وعرضها للحوار والجدل= نشأ عن ذلك: الحِجاج والنقاش وتبادل الأفكار واحتكاك بعضها ببعض (^٢).
ولما كان مِن وَصْف القرآن أنه فرقان يفرِّق بين الحق والباطل، فلا بُدَّ أن يكون قد اشتمل على تقرير الحق وإبطال الباطل بطرقٍ شتَّى: بالمحاورة والمناظرة والمجادلة، بذكر الشبه ونقضها، والدعوة إلى مجادلة أهل الكتاب، وضرب الأمثال وحكاية المناظرات التي وقعت للسابقين، وقد أرسى في أثناء ذلك الدلائلَ الواضحة البيِّنة لأصول علم الجدل والمناظرة. وهكذا السنة النبوية جاءت بتقرير ذلك وشرحه، وسار الأمر على مثل ذلك في عصر الصحابة ﵃ والسلف، متبصرين بمنهج الوحيين الشريفين.
_________
(^١) انظر: «الكافية» (ص ٢٠ - ٢١)، ومقدمة العميريني لكتاب «الجدل» لابن عقيل (ص ٣٢ - ٤٤، ٩٣ - ١٠٠)، و«الجدل عند الأصوليين» (ص ١٤٣ - ١٥٢) لمسعود فلوسي.
(^٢) انظر: «تاريخ الجدل» (ص ٧) لمحمد أبو زهرة، و«مناهج الجدل في القرآن» (ص ٢٧) للألمعي.
المقدمة / 34