به ولا رجوع إليه، يذكر ذلك في خطبه ومقاماته، ووصاياه ومخاطباته، ثم اكد ذلك عند انتقاله إلى رحمة ربه وكريم ثوابه، فمرة ذكر في خطبة الوداع حين نعى إليهم نفسه وأعلمهم ارتحاله، وأخرى في مرض موته حين تيقن انتقاله، فخرج يتهادى بين اثنين، ووصاهم بالتمسك بالثقلين، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1).
هذا غير ما أشار إلى أمير المؤمنين، آخذا بيده، مشيرا إليه بعينه، مبينا حاله بغاية الاجلال والاعظام، مميزا له بين الخاص والعام، فمرة يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " (2)، ويقول: " علي مني وأنا منه " (3)، إلى غير ذلك مما يطول ذكره.
وكما نص هو على فضله خاصة وفضل أهل بيته عامة، فقد نطق القرآن بمفاخرهم، ونلت الآيات من مآثرهم.
وقد جمعت في كتابي هذا ما نزل فيهم من الآيات مما ذكرها أهل التفسير، وأوضحت بالروايات الصحيحة، وألحقت بكل آية ما يؤيدها من الآثار، بحذف الأسانيد طلبا للتخفيف وإشارة للايجاز، وبينت في كل آية ما يتضمن من الدلالة على الفضيلة أو الإمامة، من غير تطويل لتكون تذكرة للمهتدي، وتنبيها للمبتدي، ولتكون ذخيرة ليوم الحشر، رجاء أن أحشر في زمرتهم، وأعد من شيعتهم، وسميته " تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين ".
وقبل الشروع فيما قصدنا والأخذ فيما رتبنا، قدمنا فضلا يدل على فضل العترة على طريق الجملة.
ومن الله التوفيق والعصمة وهو حسبنا ونعم الوكيل.
مخ ۱۶