مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، رازق الخلق أجمعين، الذي هدانا للدين، ووفقنا لاتباع الحجة إلى الحق المستبين، وأبعدنا من حيرة الغافلين وضلال المضلين، وعصمنا عن غلو الغالين وتقصير المقصرين، وصلواته على خير خلقه محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى آله الطبين الطاهرين.
أما بعد، فان الله تعالى خلق عباده للرحمة وكلفهم بالعبادة، تعريضا للثواب والجنة، وأتاح عليهم بما له القدرة نصب الأدلة، وبعث الأنبياء لبيان الملة، ولم علم أن صلاح الخلق من شريعة، واحدة وملة شاملة إلى وقت انقطاع الدنيا وأقبال الأخوة، بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم معه كتابا عزيزا قرآنا عربيا، أتم بها نعمته، وأكمل حجته، فقال سبحانه: * (أولم يكفهم أنا أنزلنا الكتاب) * (1)، وقال: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (2).
فقام بأمر الله مبينا أحكام الله، فلم يدع شيئا مما أمر به الأنبياء، ولم يكتف حتى كرره وأعلنه وأشهد به من حضره من شيعته وأمرهم بالبلاغ إلى من يأتي بعده من أمته، فصلوات الله عليه وعلى آله وعترته.
وكان صلوات الله عليه، طول عمره يسرهم بما يخلف فيهم من بعده، مرة تصريحا ومرة تلويحا، وتارة بالإشارة وأخرى بالعبارة، ينص عليه ويأمر بالتمسك
مخ ۱۵