فإن في هذا البيت حشوا زائدا مفسدا للمعنى، وهو لفظة (الندى)، والضمير في قوله: (فيها) راجع إلى الدنيا في البيت قبله، وشعوب: اسم للمنية غير منصرف، للعلمية والتأنيث؛ فصرفه للضرورة،
وسميت المنية، بذلك؛ لأنها تشعب، أي تفرق، ووجه كون (الندى) في البيت حشوا زائدا مفسدا
للمعنى؛ لأن معنى البيت: أن الدنيا لا فضل فيها للشجاعة والعطاء، والصبر على الشدائد، على
تقدير: عدم الموت، وهذا إنما يصح في الشجاعة والصبر، دون العطاء؛ فإن الشجاع إذا تيقن الخلود
هان عليه الاقتحام في الحروب؛ لعدم خوفه من الهلاك، فلم يكن في ذلك فضل. وكذلك الصابر، إذا
تيقن زوال الحوادث والشدائد، وبقاء العمر هان عليه صبره على المكروه؛ لوثوقه بالخلاص منه، بل
مجرد طول العمر يهون على النفوس الصبر على المكاره؛ ولهذا يقال:
(هب أن لي صبر أيوب، فمن أين لي عمر نوح؟)
بخلاف الباذل ماله؛ فإنه إذا تيقن الخلود، فقد شق عليه بذل المال، لاحتياجه إليه - دائما -، فيكون
بذله - حينئذ - أفضل، وأما إذا تيقن الموت فقد هان عليه بذله؛ ولهذا قال:
لطرفة:
طرفة: (من الطويل - قافية المتدارك):
مخ ۲۷