تمهید لتاریخ فلسفه اسلامی
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
ژانرونه
الثالثة:
أن يحصل التصديق بالأدلة الخطابية، أعني القدرة التي جرت العادة باستعمالها في المحاورات والمخاطبات الجارية في العادات، وذلك يفيد في حق الأكثرين تصديقا ببادئ الرأي وسابق الفهم، إن لم يكن الباطن مشحونا بالتعصب وبرسوخ اعتقاد على خلاف مقتضى الدليل، ولم يكن المستمع مشغوفا بتكلف المماراة والتشكك، ومنتجعا بتحديق المجادلين في العقائد، وأكثر أدلة القرآن من هذا الجنس، فمن الدليل الظاهر المفيد للتصديق قولهم لا ينتظم تدبير المنزل بمدبرين؛ فلو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
فكل قلب باق على الفطرة غير مشوش بمماراة المجادلين يسبق من هذا الدليل إلى فهم تصديق جازم بوحدانية الخالق، لكن لو شوشه مجادل وقال: لم يبعد أن يكون العالم بين إلهين يتوافقان على التدبير ولا يختلفان؛ فإسماعه هذا القدر يشوش عليه تصديقه، ثم ربما يعسر سل هذا السؤال ودفعه في حق بعض الأفهام القاصرة، فيستولي الشك ويتعذر الرفع، وكذلك من الجلي أن من قدر على الخلق فهو على الإعادة أقدر. كما قال:
قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ، فهذا لا يسمعه أحد من العوام، ذكي أو غبي، إلا ويبادر إلى التصديق ويقول: نعم، ليست الإعادة بأعسر من الابتداء، بل هي أهون.
ويمكن أن يشوش عليه بسؤال ربما يعسر عليه فهم جوابه، والدليل المستوفي هو الذي يفيد التصديق بعد تمام الأسئلة وجوابها؛ بحيث لا يبقى للسؤال مجال، والتصديق يحصل قبل ذلك.
الرابعة:
التصديق لمجرد السماع ممن حسن فيه الاعتقاد، بسبب كثرة ثناء الخلق عليه، فإن من حسن اعتقاده في أبيه وأستاذه، أو في رجل من الأفاضل المشهورين قد يخبره عن شيء كموت شخص أو قدوم غائب أو غيره؛ فيسبق إليه اعتقاد وتصديق بما أخبر عنه، بحيث لا يبقى لغيره مجال في قلبه، ومستنده حسن اعتقاده فيه، فالمجرد بالصدق والورع والتقوى مثل الصديق - رضي الله عنه - إذ قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، كذا، فكم من مصدق به جزما وقابل له قبولا مطلقا لا مستند لقوله إلا حسن اعتقاده فيه، فمثله إذا لقن العامي اعتقادا وقال له: اعلم أن خالق العالم واحد، وأنه عالم قادر، وأنه بعث محمدا
صلى الله عليه وسلم ، رسولا، بادر إلى التصديق ولم يمازجه ريب ولا شك في قوله، وكذلك اعتقاد الصبيان في آبائهم ومعلميهم، فلا جرم يسمعون الاعتقادات ويصدقون بها، ويستمرون عليها من غير حاجة إلى دليل وحجة.
الرتبة الخامسة:
ناپیژندل شوی مخ