============================================================
الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل وأما ثانيا فلم زعمتم أن العلة في صحة رؤية الجواهر والأجسام كونها قائمة بأنفسها؟
فإن قالوا: لأنها إذا عدمت بطل كونها قائمة بأنفسها، فاستحالت رؤيتها، وإذا وجدت كانت قائمة بأنفسها فصح آن تكون مرئية. قلنا: إنه كما يبطل كونها قائمة بأنفسها عند عدمها يبطل أيضا تحيزها، وإذا وجدت فكما أنها قائمة بأنفسها فهي آيضا متحيزة، فلم جعلتم العلة في صحة رؤيتها كونها قائمة بأنفسها أولى من كونها متحيزة.
وأما ثالثا فلو قدرنا شيئا متحيزا مفتقرا في وجوده إلى محل لم يبطل عنا اعتقاد صحة رؤيته، ولو قدرنا أن القدرة وغيرها مما لا يرى مستغنيا في وجوده عن المحل لم يصح منا رؤيتها، فما يتبعه العلم بصحة كون الجوهر مرثيا يجب آن يكون هو العلة في رؤيته، وهو التحيز دون غيره. لا يقال: لو كان الجوهر مرئيا لتحيزه لما رئى السواد؛ لأنه ليس بمتحيز.
لأنا نقول: ولو رثى لكونه قاثما بنفسه لما رثى السواد؛ لأنه ليس قاثما بنفسه.
الشبهة الرابعة قالوا: القديم تعالى لما كان عالما لذاته وجب أن يعلم ذاته كما يجب أن علم غيره، فكذلك إذا كان رائيا لذاته وجب آن يرى ذاته، كما يجب آن يرى غيره: والجواب من وجهين: أما أولا فلو سلمنا أنه تعالى راء لذاته فصفة الذات إنما يلزم تعلقها بما يكون ممكنا في نفسه دون ما كان محالا، وهذا فإنه تعالى وإن كان رائيا لذاته لم يلزم أن يرى المعدوم، لما كان مستحيلا في نفسه. فبينوا أولا أن ذاته مما يصح عليها الرؤية، ولا حاجة بكم إلى عموم التعلق بكونه رائيا لذاته.
وأما ثانيا فهو أنه تعالى إذا كان قادرا لذاته ولم يلزم منه قدرته على نفسه، لأنها ليست بمقدورة، فكذلك في مسألتنا يكون تعالى رائيا لنفسه ولا يرى ذاته؛ لأنها ليست بمرئية.
مخ ۳۱۱