============================================================
السهيد شرح معالم العدل والنوحيل الممكن دون المحال، فلولا امتياز الممكن عن المحال بحكم عائد إليه وإلا لم يكن صدور الممكن عنه أولى من صدور المحال ، وإذا ثبت تغاير الصحتين فمن المحتمل أن تكون الصحة العائدة إلى المقدور مشتركة بين كل الممكنات، ولكن الصحة العائدة إلى القادر لا تكون ثابتة لقدرة الله تعالى بالنسبة إلى الكل، كما أن العلم الحادث يقتضي التعلق بمعلوم دون معلوم، وإن كانت المعلومات كلها مشتركة في صحة المعلومية؛ لأنا نقول: قد قررنا أن الممكنات مشتركة، وصحة كونها مقدورة لله تعالى وأن نسبتها إلى قدرته بأسرها واحدة، فلم يختص بعضها دون بعض، فيجب استواؤها في صحة الاضافة إلى قدرته.
فأما قوله: إن المعلومات بأسرها مشتركة في صحة كونها معلومة لنا، ثم لم يلزم من تعلق العلم الحادث ببعضها تعلقه بكلها. فجوابه أن الفرق ظاهر؛ لأن المعلوم الذي تعلق به العلم الحادث لم يدل دليل على أنه إنما صح كونه متعلقا لذلك العلم الحادث لأجل وصف مشترك بينه وبين كل المعلومات، بل نقول: إنما صح تعلق ذلك العلم به فقط لأمر يرجع الى العلم نفسه، فلا يلزم من صحة تعلق ذلك العلم بذلك المعلوم صحة تعلقه بغيره، بخلاف مسألتنا، فإنا قد دللنا على أن ما لأجله صح أن يكون المقدور متعلقا بقدرة الله تعالى مشترك بين سائر المقدورات وهو الإمكان، فظهر الفرق.
واعلم أن الفرق الخارجة عن الاسلام كالفلاسفة والثنوية والصابئة والمجوس والنصارى كلهم ينكرون كون البارى تعالى قادرا على كل الممكنات، وأما المسلمون فأكثر المعتزلة ينكرون أيضا أن يكون الله قادرا على عين مقدور العبد، وإنما يقدر على مثله، ويقولون: إن قدرته على عين مقدور العبد محال، فلا تتعلق قدرته. وقد مر الكلام عليهم في وأما الدلالة على أن مقدوراته غير متناهية فهو أنه تعالى قادر لذاته، فلا وجه يخصص ذاته بعدد دون عدد فيجب آن يكون قادرا على ما لا غاية له ولا حصر، ويفارق ذلك
مخ ۱۷۰