وتَركنا على البيضاء ليلها كنهارها، فأيُّ حاجةٍ بنا إلى البدع في الأقوال، والأعمال، والأحوال، والمحدثات.
ففي السنة١ كفاية وبركة، فيا ليتنا نَنْهَضُ ببعضها علمًا وعملًا، وديانة، ومعتقدًا.
[تفاوت البدع في الشر والخبث]
فَشَرُّ البدع وأخبثُها ما أخرجَ صاحِبَها من الإِسلام، وأوجبَ له الخلود في النَّار، كالنُصيْرِية٢، والباطِنِيَّةِ٣، ومن ادّعى٤ نُبَوَّةَ عَليٍّ، ثم بعدهم غلاة الرافضة٥، وغلاة الجهمية٦، والخوارج٧، وهؤلاء مُتَرَدَّدٌ في كفرهم. وكذا مَنْ صرّح بخلقِ القرآن، أو جَسَّم، أو جحد الصفات، أو شَبَّه الله بخلقه.
_________
١ في الأصل: (الستر) وهو تحريف بيِّن.
٢ في الأصل: (المصرية) وهو تصحيف، وسميت نصرية نسبة إلى مؤسسها: أبي شعيب محمد بن نصير النميري (ت٢٧٠هـ)، ويقال لهم "النميرية" أيضا، وهي فرقة باطنية غالية، يقول اتباعها بألوهية علي بن أبي طالب ﵁، وأحلّوا كثيرًا من المحرمات.
انظر في شأنها: الأشعري: المقالات: ١/٨٦، باسم"النميرية"، والبغدادي: الفرق بين الفرق: ٢٥٢، والشهرستاني: الملل والنحل: ١/١٨٨، والسكسكي: البرهان: ٦٧، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: ٥١١، وانظر: أحمد محمد جلي: دراسات عن الفرق في تاريخ المسلمين: ص ٢٤٣، ط: الأولى، فقد ذكر كلامًا عن أصل هذه الطائفة، وعقائدها، غير أنه في الطبعة الثانية للكتاب أضاف مبحثًا جديدًا تحت عنوان"النصيرية والشيعة الإمامية من ص و(٣٢٥-٣٣٠) "، ذكر فيه اجتماع وفد علماء شيعة إيران بعلماء النصيرية، وإصدارهم بيانا تضمن أن العلويين- شيعة، وأن"العلويين" و"الشيعة" كلمتان مترادفان مثل "الإمامية" و"الجعفرية" وأن مذهبهم هو المذهب الجعفري.
ثم علق المؤلف على ذلك بقوله:"ولا شك أن هذه خطوة طيبة ينبغي الإشادة بها في سبيل تصحيح عقائد النصيرية من دائرة الغلو الخرافية الفاسدة التي كانوا يعتقدونها".
مع أن المؤلف نفسه أثبت في الطبعة الأولى غلو"الإمامية" المتقدمين منهم والمعاصرين، في أئمتهم وأن لهم مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما أثبت غلو الإمامية في الحط على الصحابة وتكفيرهم.
1 / 124