ولهذا عَظَّمَ العلماء من قدر الشافعي، وأحمد١، والجنيد٢، وأمثالهم أكثر من غيرهم؛ لأنهم سَنُّوا في الإسلام سنَّةً حسنة، وأماتوا بدعًا سيِّئَة.
قال ﵇: "إنَّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها" ٣.
فمن لم يُفرِّق بين ما ابتدعه الجعد٤، وغيلان٥، والجهم٦، وبين
_________
١ هو الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (١٦٤-٢٤١هـ) راجع: ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة١/٤، وابن الجوزي: مناقب الإمام أحمد.
٢ هو: أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز النهاوندي، (٢٢٠-٢٩٨هـ) كان شيخ الصوفية في وقته، وكان يقول: "علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث، ولم يتفقه لا يقتدى به". وهذا منهج ابتعد عنه متأخروا الصوفية فلحقهم الذم بسبب ذلك وغيره. انظر ترجمته لدى أبي نعيم: الحلية١٠/٢٥٥، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد ٧/٢٤١، وابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة١/١٢٧، والذهبي: السير١٤/٦٦.
٣ د: كتاب الملاحم، باب: ما يذكر في قرن المائة: ٤/٤٨٠ح٤٢٩١.
الحاكم: المستدرك٤/٥٢٢، وسكت عليه الحاكم والذهبي، وذكر المناوي أن الحاكم صححه ولعله سقط من النسخة المطبوعة للمستدرك، قال الشيخ الألباني: "والسند صحيح ورجاله ثقات، رجال مسلم".
الداني: الفتن ص٧٠٠-٧٠١، وقال محققه: "وقد صرح بصحته عدد من أئمة الشأن" - وذكر ممن صححه -: السيوطي، والعراقي، وابن حجر، والحاكم، والبيهقي، والسخاوي.
٤ هو: الجعد بن درهم، أول من ابتدع القول بأن الله لم يكلم موسى تكليما، ولم يتخذ إبراهيم خليلا، وقال بخلق القرآن، كان معلما لآخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد، فنسب إليه وقيل له مروان الجعدي.
قتله خالد بن عبد الله القسري يوم عيد الأضحى لمقالته في كلام الله، سنة ١٢٤هـ. انظر: الذهبي: ميزان الاعتدال ١/٣٩٩، وابن كثير: البداية والنهاية ٩/٣٦٤، وابن نباتة: سرح العيون ٣٩٣-٣٩٤.
٥ هو: غيلان بن مسلم الدمشقي، أبو مروان، قال ابن قتيبة: "كان قبطبا قدريا، لم يتكلم أحد في القدر قبله، ودعا إليه إلا معبد الجهني"، - قلت: "وقبلهما سوسن أو سنسويه كما تقدم ص (١٠٤) أخذه هشام بن عبد الملك فصلبه بباب دمشق" المعارف: ٤٨٤، وانظر: الذهبي: الميزان ٣/٣٣٨.
٦ تقدم ص (١٠٤) حاشية رقم (٤) .
1 / 107