قال: والدليل على أن هذه الأنواع أسبق إلى النفوس أن الناس عند المنازعات قد يرتجلون مصاريع من هذه فى مجادلتهم، وذلك عند الحرج — يريد، فيما أحسب، مثل قول القائل: لا — لا — لا، يمد بها صوته، ومثل قوله: ليس — هذا — كذا، مادا بها صوته. فان أمثال هذه المراجعات هى مصاريع موزونة ذات لحن. وأما التى هى أطول وأتم فانما ظهرت بأخرة، كالحال فى سائر الصنائع.
قال: وصناعة الهجاء ليس إنما يقصد بها المحاكاة بكل ما هو شر وقبيح فقط، بل وبكل ما هو شر مستهزأ به، أى مرذول قبيح غير مهتم به.
قال: والدليل على أن الاستهزاء يجب أن يجمع هذه الثلاثة الأوصاف أنه يوجد فى وجه المستهزئ هذه الأحوال الثلاثة: أعنى قباحة الوجه، وهيئة الاستصغار، وقلة الاكتراث بالمستهزأ به، وذلك بخلاف وجه الغاضب، أعنى أن فيه قبحا واهتماما. وتلك هى حالة نفس الغاضب على الشىء الذى يغضب عليه.
[chapter 4] فصل
قال: وإيجاد صناعة المديح يكون تعلمها فى الأعاريض الطويلة، لا فى القصيرة. ولذلك رفض المتأخرون الأعاريض القصار التى كانت تستعمل فيها وفى غيرها من صنائع الشعر.
مخ ۲۰۸