ولكون هذه الآلة اعنى العين انما تفعل فعلها اذا كانت على اعتدال من مزاجها، عرض لها، اذا بردت عن الاشياء التى من خارج بردا خارجا عن المعتاد، ان يضعف نظرها. ولذلك تظلم العين فى المواضع التى فيها ثلج كثير او ماء كثير. ولهذا السبب تظهر أفاق البحار كدرة قليلة الضوء, وكذلك مواضع الثلج. وانما يحفظ طبيعة هذا الماء على ما هى عليه الهواء الذي من خارج، لان بينهما مناسبة طبيعية. فمتى هاجت حرارة العين اكثر مما ينبغى، او بردت اكثر مما ينبغى، ضعف نظرها. وهذا الفعل من افعال العين هو للجزء البردى المائى، ومزاج هذا الجزء هو السبب فى الرؤية التامة. ولهذه العلة جعلت الاجفان للاعين الجيدة النظر، اعنى لتحفظ مزاجها عن تغيير الامور التى من خارج تكديرها، بمنزلة الاغمدة للسيوف. ولهذا من كان جفنه اغلظ، كان اقوى نظرا الى الاشياء على بعد، لان غلظ الاجفان يمنع تثوير ذلك الماء من الحر الذى من خارج، وتجميده وتغليظه من البرد الذى من خارج. ومن اجل هذا صار كثير من الحيوان ينظرالى الاشياء على بعد اكثرمن نظرالانسان، اعنى لغلظ اجفانها.
مخ ۷