التالیف الطاهر په شیم ملک الظاهر القایم بنصرة الحق ابو سعید جقمق
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
ژانرونه
فيتوصل إلى معرفة من أفشاه منهم • ومثل هذا حكاية وقعت للمأمون مع الفضل ابن سهل فإنه لما أحسن منه بما يكرهه أراد قتله فشاور في ذلك خمسة أنفار من خواصه لا يحضرني أسماؤهم لطول العهد • واستكتمهم هذه القضية فبلغت فضلا فجاء إلى المأمون واعتذر وأراد أن يتلافى أمره فيها فغالطه المأمون وقبل عذره ثم أنه قتل في الحمام • والحكاية مشهورة • ولم يدر المأمون الذي نقل ذلك إلى فضل من أولئك الخمسة من هو منهم • وندم على انه لم يفرق بينهم في مشورته تلك إلى أن قتلهم واحدا بعد واحد وهلك الأربعة بجريرة الخامس • ثم بعد ذلك اطلع المأمون على من أفشى سره ولكن لم يفده شيئا • وإذا اعتنى الملك والسلطان شأن أحد من خواصه وقربه دون غيره فالواجب عليه أن يعرف قدر هذه السعادة ويشكر هذه النعمة • ويحفظ شرط هذه المرتبة الرفيعة • فلا يبقى من أنواع الصدق والإخلاص شيئا إلا وبذله من طاعة مخدومة امتثالا لقوله تعالى اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم • ولقول النبي صلى الله عليه • وسلم الدين النصيحة وكرر ذلك فقيل لمن يرسول الله فقال لله ولكتابه • ولرسوله • ولأئمة المسلمين • ولعامتهم • فالنصح لله تعالى تنزيهه عما لا يليق بجنابه تعالى وتقدس • والقيام بما يليق به من التعظيم • والخشوع والخضوع قولا وفعلا واعتقادا • وموالاة لأوليائه • ومعاداة لأعدائه • والنصيحة لكتابته تلاوته ليلا ونهارا • وتأمل معانيه • وتدبر فحاويه • والعمل بما فيه والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم إحياء سنته الكريمة • والذب عن شريعته والنصيحة لأئمة المسلمين • وهم أولوا الأمر والحكام معاونتهم على ما تحملوا من أحمال المشاق وكلف ما لزمهم من القيام بحقوق العباد ومصالح العامة والخاصة وحفظ البلاد • وإقامة حدود الله تعالى • وإجراء أحكامه • وذلك تنبيههم
79ظ
عند الغفلة • وارشادهم عند الهفوة • وتعليمهم ما جهلوا • وتحذيرهم ممن يريد بهم سوءا وإيصال أخبار الناس إليهم من غير غرض ولا غيبة بحيث يتفكروا في مصالح الخلق وسد خلتهم عند الحاجة • ودفع الشر عنهم • وكيد الأعداء بكل ما يمكن • وجمع القلوب على محبتهم من الغريب والقريب إلى غير ذلك • والعمدة في ذلك الجهد في إصلاح أخرتهم أكثر من الجهد في إصلاح دنياهم فقد قيل من أحبك نهاك • ومن أبغضك أغواك • النصيحة للمسلمين الشفقة عليهم • والإحسان إليهم • وتوقير كبيرهم • ورحمة صغيرهم • وتفريج كزبهم • واسعافهم بأنواع الخير • وكف الشر والأذى عنهم قولا وفعلا مهما أمكن • فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إليه انفعهم لعياله • وقال على كرم الله وجهه إن لله تعالى عباد أخلقهم لحوائج الناس آلي على نفسه أن لا يعذبهم بالنار فإذا كان يوم القيامة وصنعت لهم منابر من نور يحدثون الله والناس في الحساب • وقال عليه الصلاة والسلام من يسئ مع أخيه في حاجة فناصحه فيها جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبع خنادق ما بين الخندق والخندق ما بين السماء والأرض انظر كيف اشترط عليه الصلاة والسلام المناصحة والأحاديث في هذا كثيرة والنصح لأولى الأمر من الملوك والسلاطين فرض على كل مسلم لان بصلاحهم صلاح العالم وروى معاذ رضي الله عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا نعل عليهن قلت من هم قال مسلم العمل لله • ومناضح ولاة الأمر • والاعتصام بجماعة المسلمين • والنصيحة هي أكد سنن الأنبياء والمرسلين • الداعين إلى جناب رب العالمين • فإنهم عليهم الصلاة والسلام بذلوا المجهود في النصح لأممهم فصلى الله وسلم شرف وكرم • وقحم وعظم • من بلغ الرسالة • وأدى الأمانة • وصدق الدعوة • ونصح الأمة • وجاهد في الله حق جهاده • وعبد الله حتى أتاه اليقين • وبإبلاغ الأنبياء والرسل
80و
عليهم الصلاة والسلام ورد النص وشهد الله تعالى في كتابه الكريم • قال الله تعالى ونصحت لكم وقال ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم وقال يا قوم لقد أبلغت لكم رسالات ربي ونصحت لكم وقال صلى الله عليه وسلم العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين • نكتة نحوية النصح يتعدى تارة بنفسه يقال نصحته ويتعدى تارة باللام يقال نصحت له والشكر كذلك يقال شكرته وشكرت له وإذا تكفل الإنسان بإيصال الخير ودفع الشر فلا بد له من صدق الحديث واستعمال شيء من الأمثال فلنختم هذا الفصل بنبذة في الصدق والأمثال • ثم نشرف فيما نحن بصدده من التاريخ السعيد • اعلم أن الله تعالى مدح الصدق والصادقين في عدة مواضع من كتابه الكريم • وحث على الصدق فقال تعالى يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين • وقال الصابرين الصادقين والقانتين • وقال لغالي ليجزي الله الصادقين بصدقهم وقال تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم وقال أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون • انظر إلى ما في هذه الآية الكريمة من اسم الإشارة الدال على التعظيم وبعد المشار إليه في علو المرتبة وقال صلى الله عليه وسلم إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا • وإذا كان الصدق من الأخلاق المحمودة فضده وهو الكذب من الأخلاق المذمومة • وقال الله تعالى إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون • وقال صلى الله عليه وسلم وإن الكذب يهدي إلى الفجور • وإن الفجور يهدي إلى النار • وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا قال صفوان بن سليم قلنا يرسول الله أيكون المؤمن جبانا قال نعم قال أيكون المؤمن بخيلا قال نعم قيل أيكون كذابا قال لا • ذكر في جامع الحكايات إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليا كرم الله وجهه فقال يا أمير المؤمنين إنني مبتلي بمعاصي كثيرة ولا أقدر 80ظ
على تركها مرة واحدة بل أريد أن اندرج إلى تركها شيئا فشيئا لا توصل بذلك إلى الانقلاع عنها فمرني بشيء أبدأ بتركه حتى أعاهدك عليه أن لا أفعله فقال لا تكذب فعاهده أن لا يكذب ثم ذهب فجاز في طريقه على جماعة كان يتعاطى معهم شرب الخمر فدعوه إلى ما كانوا اعتادوه منه فتوجه إليهم ثم افتكر أنه إذا سئل عن شربه الخمر فإن أقر يلزمه الحد وإن أنكر فقد نقض ما كان عاهد الله عليه عند علي رضي الله عنه فامتنع عن ذلك فلما جاوزهم صادف امرأة كان بينه وبينها شيء فدعته نفسه إليها فافتكر ما كان افتكره في شرب الخمر وامتنع عن ذلك واستطرد منه إلى جميع المناهي فتركها على الوجه الذي ذكر • وعلم من ذلك أن الكذب ذمام المعاصي • وكان ذلك من مكاشفة على كرم الله وجهه ورضي عنه وببركة مشورته • واعلم ان الكذب حرام في جميع الملل وقد أباحه الشارع صلى الله عليه وسلم في مسائل مذكورة كالإصلاح بين الناس • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الكذاب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نهى خيرا أو غير ذلك • ذكر الشيخ سعدي الشيرازي رحمه الله في كتابه المسمى بكلستان أن بعض الملوك كان له عدو جاهدا على إيصال جميع الكروه إليه ولا يرضى منه إلا بإزهاق نفسه وذهاب ملكه • وكان ذلك يداريه ما أمكنه وهو لا يزداد الا عتوا وفسادا فكان يتطلبه ويجتهد أن يظفر به لأنه لم يترك من أنواع الشر والإيذاء شيئا إلا وفعله معه إلى أن أمكن الله تعالى به وظفر الملك به فلما مثل بين يديه سجد شكر الله تعالى إذا ظفره به وامر بضرب عنقه فلما أيس من الحيوة وأحضر الجلاد وشرع في الشتم والسب وبالغ في الكلام بما لا يليق إذ لم يبق بعد الموت موت فقال الملك ماذا يقول هذا الفاعل الصانع فتقدم وزير كان بطانة خير وواسطة حسنة فقال ما يقول ما أحسن العفو عند القدرة • وما أولى بالملك أن يجعل العفو شكرا لظفره بالأعداء • ولا زالت
81و
الأصاغر تتوقع مراحم الملوك • ولم يزل يقل صن هذا النوع حتى رق الملك واتسع صدره وأمر بإطلاقه وكان أحد الوزراء الذين هم بطانة السوء حاضرا وهو معاكس للوزير المتقدم فلما سمع ذلك اغتنم الفرصة وقال لا ينبغي أن يتكلم الإنسان في حضرة مخدومه إلا الصدق عدو لم يترك من أنواع الشر والفساد شيئا إلا وتعاطاه وقد أمكن الله تعالى منه وحضر وتكلم في مثل هذا المقام بكلام يثلب عرض مولانا الملك ويقول السوء من القول كيف يجوز أن يسكت عنه فضلا أن يبرز كلامه في قالب الدعاء والثناء ويطلب له الرفق والخلاص يا مولانا الملك إنما قال كذا أو كذا وتناول عرض مولانا الملك فلما قال ذلك تكدر خاطر الملك وتغير حاله ثم قال والله لكذب هذا الوزير خير عندي من صدقك يا قليل الخير أن هذا استرضاني وطلب صفاء خاطري وانشراح صدري وطيبة قلبي وخلاص ذمتي من دم ربما كان غير مرتب ومستحق وإصلاح ذات البيت • وتخليد ذكري بجميل الصفات • وإنما انت الذي كدر وقتي • ووزع خاطري • أما أنا فقد عفوت عنه فلا أرجع في خير أسديته • وأما أنت فلقد سقطت من عيني وإن كنت صادقا لكن انت صاحب غرض • وأما هذا الوزير فلقد أثبت في جهتي حقوقا لا أستطيع أراها وإن كان كذب فإن كذبه أحسن من صدقه غيره • وحاصل هذه الحكاية أنه وإن كان الكذب حراما لكن قد يقع له موقع يستعمل فيه مثل هذا الموقع الذي مر لكن إذا جعله الإنسان دينا وعادة وفي مكان لا يفيد سوى الإثم فهو حرام قطعا وقد اشتهر في لسان العوام إنهم يقولون الكذب ما خلقه الله وهذا كلام باطل وهو مذهب أهل الاعتزال لأن الله تعالى خالق كل شيء ومقدر الخير والشر وقيل الكذب قبيح ومن الملوك أقبح وهذا قول صحيح لأن الكذب إنما يكون إذا وقعت ضرورة تلجئ إليه والملك والسلطان ليس له ضرورة تدعوه إلى الكذب فإنه لم يكن فوق يده يد فلا ضرورة داعية إلى الكذب اللهم إلا أن يكون في ذلك رعاية
81ظ
مصلحة فيحتاج إذ ذاك إلى التورية والإبهام • قال صلى الله عليه وسلم قلما يخرج إلى غزوة إلا وري عنها بغيرها وقال في المعاريض مندوحة • وقال عليه الصلاة والسلام الحرب خدعة • والملك قد يحتاج إلى ذلك أحيانا فلا بأس به • وأما إذا جعل ذلك عادة وديدنا فلا • وكثيرا ما كان تيمور يستعمل المعاريض والتواري في كلامه من ذلك أنه لما اشترط على أهل رمن أنهم يخرجوا له ثقل السلطان الملك الناصر فرح وأثقال الأمر أو يعطون مال الأمان لا يتعرض لدمشق بسوء وإنه آمن أهل دمشق على هذا الشرط من الخراب والأسر والريق وسائر أنواع الأذى وقد بنى في مملكته بما وراء النهر مدينة صغير سماها دمشق وهي عن سمرقند مسيرة يوم إنما كان يعني عنها ثم حلف على ذلك فاطمأن الناس وركنوا إلى هذا القول ثم كان من أمره ما كان وفي الحديث الصحيح أن أهل الغار إنما نجوا بعد أن انطبقت عليهم الصخرة ببركة صدقهم الله تعالى • وقال الله تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى بجنة ومنهم من ينتظر فمدحهم ثم قال ليجزي الله الصادقين بصدقهم • وفي الحديث الشريف أيضا حديث كعب بن مالك ورفيقيه هلال ابن مرة • ومرارة بن الربيع • رضي الله عنهم • وفيه قد علمت يا بني الله إنني إن أخبرتك اليوم تقول تجد علي فيه وهو حق قال أرجوا فيه عفو الله • وإن حدثتك اليوم حديثا ترضي عني فيه وهو كذب أوشك أن الله تعالى يطلعك علي والله ما كنت أسهر ولا أخف حاذ أمني حين تحلفت فقال أما هذا فقد صدقكم الحديث إلى أن قال وفينا نزلت يأيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فقلت يرسول الله إن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا • ثم قال فما أنعم الله على نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدقته أنا وصاحباي وأن لا يكون كذبنا فهلكنا كما هلك غيرنا وأني لأرجوا أن لا يكون الله تعالى أبلى أحد في الصدق
ناپیژندل شوی مخ