التالیف الطاهر په شیم ملک الظاهر القایم بنصرة الحق ابو سعید جقمق
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
ژانرونه
الله تعالى ولذلك قيل التوفيق عزيز وذكره الله تعالى في القرآن في موضع واحد في قصة شعيب عليه الصلاة والسلام من سورة هود وهو قوله تعالى وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب • ولقد قال قرا يلوك إن الملك الأشرف ليس التدبير ضيق العطف وإنه لو أرسل إلي كلاما يستعطفني مع شيء مما يليق بحشمة الملوك ولو كان قليلا وأوتي شيء يجبر بذلك خاطري ويرفع من قدري نحو فرس أو خلعة لبلغ مني ما يريد ولتوفرت عليه حشمته وهيبته • وبقيت له راحته وحرمته واستراح بدنه وعسكره • واطمأن قلبه وخاطره • ولو اتخذني مملوكا له وصديقا لكان خيرا له ممن يتخذني عدوا • ولكفيته كثيرا من أمور مخالفيه وأعدائه بديار بكر وغيرها • وقال لي الجناب الغرسي السخاوي أن أربعة نفر من التركمان جاؤا19 إلى الأبواب الشريفة قاصدين صدقات مولانا السلطان ومراحمه وهم من أفراد التراكمة • لا من العير ولا من النفير • فرسم لكل واحد منهم بمائة وخمسين دينارا فقالوا يا مولانا السلطان جئنا من بلاد بعيدة وقد سمعنا بمراحمك الجمة وصدقاتك الوافرة • فالحمد لله رأينا أكثر ما سمعنا • ونريد مراكيب نرجع بها إلى من ورائنا ولتكن خيولا فلاحا فإن لنا أصدقاء وأعداء • تسر اصدقاءنا • وتسر أعدانا • وترى الناس إنعام مولانا السلطان • وسابغ صدقاته فرسم لهم بذلك • فقالو يا مولانا السلطان بسروجها ولتكن مغرفة بكنائس فأنعم بذلك • فقالوا يا مولانا السلطان غمرتنا الصدقات الشريفة ولم يبق يليق بنا إلا معاداة عدوها • وموالاة وليها • فنسأل فائض برها • فراتك وخوذ فأنعم بذلك فقالوا يا مولانا السلطان وسيوفا مصرية نقاتل بها أعداء مولانا السلطان ومخالفيه فأعطوها فقالوا وبكاتر ليخولنا فأجيبوا لذلك فقالوا يا مولانا السلطان هذه الصدقات مما تتعلق بنا وقد تركنا أهلا وأولادا وهم مترقبون ايابنا بما تبرز به الصدقات الشريفة لهم فبرزت الصدقات
54 و
لكل واحد منهم بعشرة مقاطع اسكندرانية حتى قوم ما لكل منهم بأكثر من ألف دينار فرجعوا على بلادهم وقالوا من أراد خيري الدنيا والآخرة فعلية بالأبواب الشريفة المولوية السلطانية فإن عطاياها وصدقاتها قد ملأت الخانقين • فسألت أطراف الأرض شرقا وغربا إليها وقصدها الأمير ناصر الدين المشار إليه • ولقد رأيت طالب علم من أهل سمرقند من أهل الخير والصلاح وله استعداد في العلم وكان قد خرج من ما وراء النهر قاصدا أداء فرض العمر فلما حج توجه على مصر وأقام بمدرسة البيبرسيه ولم يكن له قوة الكتابة ولا قدرة سرا كتب وكان قصده أن يظفر بسند الحديث الصحيح لينشره في بلاده ولم يكن في هذا العصر مثل مولانا قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر الشافعي أسبغ الله ظلاله فصار ذلك الرجل يستعير طلبة العلم كتاب البخاري ويقرأه على مولانا المشار إلهي وهو غريب لا يؤبه له وهو متحسر أن يحصل له كتاب يصحبه فذكرت قصته لمولانا الجناب الشمسي الكاتب البطانة الخيرة فأنهاها إلى المسامع الشريفة فما كان الجواب إلا ببخاري في أربع مجلدات نفيسة مصححة بخط واحد محشاه مقروءة على المشايخ أهداها بعض الداعين لمولانا السلطان تساوي أكثر من مائة دينار فاشترط ذلك العالم أن ما دام في قيد الحياة أن يختم هذا كل سنة في ذلك الكتاب بسمرقند وما وراء النهر ويهدي ثواب ذلك إلى الصحائف الشريفة وكان ذلك الكتاب عنده أعز من روحه • وماذا يمكن الإنسان • أن يصف عن البحر وكرمه • والسحاب الغزير وديمه • فاسأل الله تعالى أن يعامل مولانا السلطان بكرمه العميم • ويسئل عليه في الدنيا والآخرة ذيلا حسانه الجسيم لان الجزاء من جنس العمل • وتتمم بذكر المؤلفة قلوبهم فإنه في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة • • فصل في الحزم وفكر العواقب وحسن التدبير •
54ظ
اعلم أن التفكر في الأمور وعواقبها والأخذ بالحزم من أعلى المقامات وهو قريب من مقام المراقبة والمحاسبة • ويترتب عليه الشروع في الأهم وحفظ الأوقات • ومراعاة النفس • والاشتغال بأحسن الأعمال إلى غير ذلك • قال الله تعالى إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب إلى آخر الآيات وقال تعالى إن خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس الآية • ولم يذكر الله تعالى في كلامه المجيد شيئا مما يدل على عجيب صنعه وينبه على بديع حكمته إلا وأعقبه بالحث على التفكك والتأمل مثل قوله تعالى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون يعقلون يفقهون • والأخذ بالحزم الاحتياط والتفكر في العواقب لا يضر بالتوكل • والتفويض إلى الله تعالى • وإن كان لا يجري في الكون شيء إلا بتقدير الله تعالى وارادته غير أن الإنسان له اختيار جزئي يترتب عليه أمور الدنيا والآخرة فيحتاج في ذلك إلى تدبر وتفكر وتأمل في عواقب الأمور • قالت عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عن أعجب • ما رأت من رأت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كل امره عجب أتاني في ليلتي فدخل معي في فراشي حتى الصق جلده بجلدي ثم قال يا عائشة أتأذنين لي أن أعبد ربي فقالت والله إني قربك وأحب هواك فقام إلى قربة فتوضأ منها ثم قام فبكى وهو قائم حتى بلغت الدموع حجره ثم اتكئ على شقه الأيمن ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن فبكى حتى رأيت الدموع بلغت الأرض ثم أتاه بلال بعد ما أذن الفجر فلما رآه يبكي قال تبكي يرسول20 الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال يا بلال أفلا أكون عبدا شكورا وقال ألا أبكي وقد نزلت علي الليلة أن في خلق السموات والأرض إلى قوله تعالى سبحانك فقنا عذاب النار ثم قال ويل لمن قواها ولا يتفكر فيها وروى في بعض الأخبار من نظر في النجوم وتفكر في عجائبها وقدرة الله تعالى فيها وقد أرتنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار وكتب الله له بعدد كل نجم في السماء حسنة
55و
قال عليه الصلاة والسلام تفكر ساعة خير من عبادة سنة • وكل أحد محتاج إلى التفكر إما في أمور المعاش وإما في أمور المعاد من لم يفتكر في العواقب ما الدهر له بصاحب • قال أفريدون من أدرع الحرام من سهام المكائد • وقيل من علامة الدولة قلة الغفلة • وقال بعض العلماء من أعرض عن الحزم والاحتراس • وبنى أمره على غير أساس زال عنه العز واستولى عليه العجز • وقيل أضعف الحيلة خير من أقوى الشدة • قال أبو مسلم الخراساني • • أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت • عنه ملوك بن مروان إذا حسدوا • • ما زلت أسعى بجهدي في ديارهم • والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا • حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا • من نومة لم ينمها قبلهم أحد • ومن رعى غنما في أرض مسبعة • ونام عنها تولى رعيها الأسد • وأمور السلطنة تقتضي ريادة التدبير والتفكر في حسن السياسة وغموض الفكر والتعمق في أمور الناس وأكثر الناس احتياجا إلى التفكر والتأمل من ولى أمورهم فإنه كلما اتسعت دائرة ملكه وكثرت أقطار ممالكه زاد ضبطه في تدبيرها والقيام بمصالحها فتتسع دائرة فكرته • وتتشعب آراؤه • وطرق تدبيره فإن كان له أولياء ونواب • وجند وعساكر • فهو دائما مفتكر في تدبير مصالحهم • وحفظ ودادهم • وعمارة ولايتهم وأثارهم • وأن لا يميلوا عنه • ولا تفسد عقائدهم عن محبته وولائه • ولا بد له أعداء وحساد فهو دائما متفكر في كيفية • ردهم إلى الوفاق ونظمهم في سلك الرفاق • أو في تدبير تدميرهم • وقهرهم واستئصالهم • ومع هذا فلا بد أن يكون محترزا من عارض يعرض له • أو ممن يقصده بسوء • فعلى كل مال لا يخلوا باله من الأفكار • والأخذ بالحزم والتدبير في مصالح نفسه ومملكته وأوليائه وأحوال مخالفيه وأعدائه • وهذا النبي صلى الله عليه وسلم ومغازيه الخندق
55ظ
وتفخيذة وبدر وقيل كعب بن الأشرف • وعبد الله بن أبي الحقيق ويبسط ذلك • رأيت في جامع الحكايات أن أحد نواب السلطان محمود بن سبكتكين رحمه الله كان يدعى أبا العباس عصى عليه في قلعة تسمى رأس الكلب من بلاد خراسان وكانت على رأس جبل وهي شاهقة عاصية بحيث أنها لم يمكن حصارها ولا مناوشتها • ولا يصب المجانيق عليها فأرسل إليه السلطان يلاطفه ويستهل خاطره ويستعطفه بكل ما أمكنه فلم يفده شيئا ولم يذعن • وطالت مدة العصيان والمراسلة بينهما • فجهر من بعض أمرائه شخصا يقال له نظام الدين مجردا إلى جهة • ثم قال له جز في طريقك بقلعة رأس الكلب وافعل في التوصل إليها ما يمكنك من جليل الأفكار ودقيقها • ولا تبق مجهودا في استخلاصها • وفي كفايتك ما يغني عن زيادة التأكيد • فتوجه نظام الدين إلى وجهة وقضى شغله ثم قفل فجاز في طريقه بالقلعة المذكورة • وأرسل إلى أبي العباس يلاطفه ويسالمه مع هدايا وتحف جليله • ثم تكفل له بإرضاء السلطان وبالغ في ذلك بحيث أنه لان إلى كلامه واصغى إليه • فلما علم نظام الدين أن كلامه أثر في أبي العباس قال له أريد الاجتماع بك فإن معي مشافهة لا يؤمن عليه كتاب ولا رسول فسمح بذلك ولان لنظام الدين أن يصعد إلى القلعة فألبس نظام الدين بعض خواصه الدروع تحت الثياب وقال لهم أجهدوا أن تصلوا إلى باب القلعة فإذا أملكنا الباب نرجوا أن نصل منه إلى القلعة ثم توجهوا فأرسل أبو العباس جماعة من جنده فاستقبلوا نظام الدين وجماعته في أسفل القلعة وقالوا لهم إن مخدومنا أبا العباس رسم أن لا يصعد غير نظام الدين ولا يتقدم أحد من جماعته عن هذا المكان فلم يكترث نظام الدين بهم ولا أثر ذلك فيه ولا أنجبه بل قال لهم انصرفوا كلكم إلى الوفاق ولا يقف أحد منكم هنا فرجعوا إلى مخيمهم ثم توجه هو بمفرده فدخل القلعة واجتمع بأبي العباس ولاقى كل واحد منهما بالإكرام والاعزاز والاحترام • والاحتشام التام • وجلسا في مكان
56و
ناپیژندل شوی مخ