التالیف الطاهر په شیم ملک الظاهر القایم بنصرة الحق ابو سعید جقمق
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
ژانرونه
السلطان إنما فعل ذلك على وجه الهدية لا في مقابلة الوظيفة فقال مولانا السلطان لما قدمنا مع العساكر إلى حلب هذا أهدى إلينا رأس غنم أو عشرة أجنحة من طير الدجاج فلولا أن له غرضا فاسدا لما أهدى الفي دينار فقال القاضي علاي الدين وأقسم بالله أنه إنما فعل ذلك غيرة على الدين وصونا لأحكام الشريعة المطهرة وإنه لا يأخذ في مقابلة ذلك من أحد من خلق الله شيئا • وإنه يخاف إن ولي هذا المنصب غيره أن يقع الخلل في أحكام الله تعالى أما لجهله أو لغرض فاسد • وكان القاضي علاي الدين المذكور من أهل العلم والمعرفة بالأحكام فلما تحقق مولانا السلطان ذلك منه قال فإذن نوليه بغير شيء وفعل ذلك • ثم إن القاضي علاي الدين المذكور استشفع إلى الأبواب الشريفة بأهل الخير والدين والصلاح وبكل من هده جميل بأن هذا مال حلال من غير شبهة وقد خرجت عنه وقد سمعت أن المراسيم الشريفة برزت بتهيئة أغربة ومواكب لمجاهدة أعداء الله فليصرف ذلك المال في هذا الوجه لعل الله يقبل ذلك فيكون لي فيه أجر • وإن قد وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا وأنا في غنية فيكون هذا أبعد ما بين يدي من لأمور أخرى فقبل اليسير منها بجهد • وصرف إلى الوجه المذكور • والعمل الصالح المبرور • ثم إن القاضي علاي الدين المذكور لم ينشب أن توفي إلى رحمة الله تعالى • وهذا إلا بنية مولانا السلطان أنار الله ضهيره • وأما بنية القاضي علاي الدين وإيمانه التي حلفه • وهذه العادة الشنيعة لما هدمها مولانا السلطان وبرزت المراسيم الشريفة بتولية كل من كان للقضاء أهلا من العلم والدين • والعفة والمعرفة بأحكام الشرع ودرية القضاء • وفصل الحكومات • فأختار لهذه الوظيفة النفيسة • والمنصب العالي بدمشق من يليق بذلك كالشيخ الإمام العلامة برهان الدين الباعوني فلم يقبل فازدادت رغبة مولانا السلطان في المشار إليه وتوفر اعتقاده فيه
49و
وذلك في شهور سنة أثنين وأربعين وثمانمائة إلى أن وقع الاختيار على قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد الوناي الشافعي فتجهز إليها في شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة • فأجي شعائر الشرائع • ونصر الحق • ونصر المظلوم • وأوصل الحق إلى مستحقه جهده وطاقته إلى أن حج ورجع على الدرب المصري • واستقال منها • وذلك لعفته وزهده • واشتغاله بمذاكرة العلم الشريف • وطلب ما هو الأهم • وإذا رفع إلى الخزائن الشريفة شيء من الأموال لم يزل نصيب العين حتى يفوق على الجهات المبرورة وفي المصالح المشكورة • حسبما ذكر وما هو مشاهد • وهاهنا دقيقة غامضة لا يكاد يهتدي إليها إلا من وفقه الله تعالى وأرشده إليها مثل مولانا السلطان أنار الله بصيرته وعمر بواردات أنسه سريرته • وهي أن المال ليس محبوبا لعينه • ولا مطلوبا لذاته • بل إنما هو واسطة بين صاحبه وبين الأغراض المطلوبة مثل استجلاب خواطر الأولياء • وقهر الحساد • والأعداء • وإذا صرف إلى قهر الأعداء وكسرهم • فهو بين أمرين بين أن ينجح ويظفر بهم وبين أن لا ينجح فيضيع كل ذلك ويزيد عليه تحمل مشاق البدن ووهن العساكر • وتعب الأولياء والأصحاب • وحصول ما يترتب على ذلك من شماتة الأعداء • وظفر الحساد • كما فعله الملك الأشرف في التوجه إلى آمد بسبب عثمان وايلوك التركماني • لكن الطريق الأسلم • والخلق الأكرم • في ذلك تعاطي أسباب نصرة الموافق • واصطياد الأعداء • والمخالف باللطف والرفق • وبذل الأموال • وبذر حبات الإحسان • والإيثار تحت شباك مكارم الأخلاق • لإيقاع عصافير القلوب في شرك المحبة والطاعة • والانقياد بالسمع والطاعة • عملا بقوله صلى الله عليه وسلم ما كان الرفق في شيء الا زانه ولا فرق بين خزن المال • وخزن التراب والأحجار • وفي المثل لا طعم للشهد إلا في الفم وإذا كان لا بد من صرف المال لنيل المآرب وحصول المقاصد فبالطريق الأحسن
49ظ
أولى • ويبقى الثناء الحسن • وراحة القلب والخاطر • ورفاهية الجند والعساكر • واكتساب الدعاء والثناء • والظفر من كل الناس برق العبودية والولاء • والتيقن بحصول المقصود زيادة على ما في النفس • اللهم إلا إن كان الخصم لا يرضى إلا ببذل الروح • وينتصب للمناوشة والمهاوشة • ويتسم للمقابلة والمعاتلة • فعند ذلك يؤخذ في أمره بالأفكار الدقيقة • والحيل الغامضة • ويتعاطى دفع كيده وشره • وتدبير تدميره بأنواع المخادعة • وأبواب الحزم والتيقظ • ويبذل المال في ذلك • وقد قيل أضعف الحيلة خير من أقوي الشدة • وكما قيل شعر • • الرأي قبل شجاعة الشجعان • هو أول وهي المحل الثاني • فإذا هما اجتماعا لنفس حرة • بلغت من العليا كل مكان • ثم بعد ذلك ببذل الأموال • في اصطناع الرجال • وإعداد العدد • وأعداد العدد • كما قال الله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم • ومولانا السلطان خلد الله دولته • ونفذ في الأفاق كلمته • هو الذي وفقه الله تعالى لإدراك هذه المعاني الدقيقة • والطلاع على هذه الأسرار الجليلة • وها أنا أوضح ذلك ببرهان جلي • فأقول الذين عاصرتهم أنا وغالب أهل زماني من ملوك مصر والشام وسلاطينهم خاصة • منهم الملك الظاهر أبو سعيد برقوق رحمه الله والذي قاساه وعاناه من مشاق أمور السلطنة • وصعاب أحوال المملكة • لا يخفي على معاصر • ولا متأخر • إلى أن استقل بعد أنواع المحن • وركوب الأخطار • وتحمل أنواع الأوزان • وسفك دماء لا تحد ولا تحصر • إما بحق وإما بباطل • مع كثرة المخالفين • وقوة العصاة والمتمردين كنعم أمير العرب • وسوابك بن دلغادر أمير التركمان وغيرهم • ثم خرج من الدنيا وقلبه ملآن من حراتهم وزفراتهم • ولم يشف له غليل ولم يبرد له عليل • وإن كان
50و
التجأ إليه السلطان أحمد بن الشيخ يونس حاكم بغداد والعراق • والملك مجد الدين عيسى حاكم ماردين وديابكر17 وخطب له ببلادهما وضرب الدرهم والدينار باسمه فيها وفي تبرين فإنما كان ذلك بواسطة ما ألجأهما إليه تيمور وضيق عليهما وقصد بلادهما ولم يكن له في ذلك صنع وإنما ألجأتهما الضرورة إلى أن اديا إليه وجعلاه ظهرهما ولم يفدهما ذلك شيئا إلى أن درج إلى رحمة الله تعالى وفي قلبه من الحسرات ما فيه فتولى بعده ولده الملك الناصر فرج وكان من أمره أن سفك الدماء وقطع رؤس18 الرؤس من الملوك والأمراء إلى أن خلت الديار والممالك واستولى العدو الخذول تيمور على البلاد وجرى عليها ما هو مشهور • ثم بعد ذلك وقع بينه وبين أمراء عساكره ورؤس أجناده من السفك والفتك والقتل ما هو مشهود مذكور • وفي كتب التواريخ مسطور • وحاصل الأمر أنه لم يكن له نية في عمارة بلاد • ولا إصلاح عباد • وإنما كان منهمكا في لذاته • مشغولا بإبادة الملوك والأمراء من عساكره • إلى أن قتل شر قتلة وآل مآله إلى ما آل • ثم من بعده الملك المؤيد شيخ فبعد وقائعه مع نوروز وبعد نوروز عصيان الأمراء والنواب فأمر من اليمن ما لا يزيد عليه وتشتت الأمراء والعساكر منه في البلاد وأطراف الدنيا استقر واستقل ثم أراد أن يستخلص الممالك من أيادي مجاوريه فلم ير لذلك الارتكاب ما لا يحل فارسل إلى من عثمان الملك المظفر غياث الدين أبي الفتح بن محمد بن أبي يزيد بن مراد بن أورخان بن عثمان على يد قوجتار المؤيدي سنة 823 هدايا وتحفا ودس إليه في ذلك شيئا فمات إلى رحمة الله تعالى وأرسل إلى قرا يوسف شخصا يعمل المعاجين والجوارسان وكان قرا يوسف ممن لا يتقيد بدين • وكان يرغب في المفرحات والمخذرات فصنع له شيئا من المعاجين وأضاف إليه سما فقتله به • ثم لم يلبث الملك المؤيد أن توفي إلى رحمة الله تعالى فلا هو الذي بلغ مراده وصفا له الملك وتمكن في الدنيا بعد اضداده
50ظ
ولا هو الذي خلص من أثم القتل فتحمل أثام ذينك الملكين ودماؤهما ثم لحقهما عن قريب بحيث لم يكن بينهم إلا أقل من نصف سنة وذلك في شهور سنة أربع وعشرين وثمانمائة فتولى بعده الملك الظاهر أبوا الفتح تتر رحمه الله تعالى فلم يمهلهم الزمان إلى أن يرتب الأمور • ويمهد أحوال الممالك • وطرائق السلطنة والسياسة • فتولى بعده الأشرف • أبو النصر برسباي فلم يكن له دأب إلا في ادخار الأموال حلالا وحراما ومعاداة الغريب والقريب • والترفع عن الناس • والاحتجاب عنهم • ولم يكن عنده من الناس مسلم إلا من كان عنده ذهب أو مال فرشاه • أو قدم إليه شيئا من سحت الدنيا في مقابلة توليه الوظائف والمناصب • وأما العلم والفضل والاستحقاق في أيامه • وكان من أكبر أمور الناس مع أنه كان لم يكن له في تدبير الملك • ولا في سياسة الرعية رأي ولا تدبير • وإنما كان له سعد عال • وحظ مساعد • وزمام اختياره كان في يد غيره يصرفه كيف ما اختار إلى أن اندرج إلى رحمة الله تعالى وهو على ذلك • ولو أطلت لسان القلم في ترجمة كل واحد من هؤلاء الملوك والسلاطين واستوفيت بقدر الإمكان ترجمته لطال الشرح وانفرط نظام المقصود من هذا الكتاب • وأما أولاد هؤلاء الملوك فلم تكن مدتهم إلا يسيرة ولم يكن لهم حل ولا ربط فيما في ذكرهم كبير فائدة • وأما الملك الظاهر برقوق والملك المؤيد شيخ • والملك الأشرف برسباي • فإنهم كانوا أحرص خلق الله على جمع المال • وأبخل خلق الله ولم يكن لهم دأب إلا في ادخار الأموال • والملك الظاهر برقوق كان أطيب نفسا من الملك المؤيد • والملك الأشرف • وما أفادهم في ذلك شيئا لا في الدنيا ولا في الآخرة وأما الملك الناصر فرج فإنه كان متلافا مسرفا في إخراج المال لكن لا في وجوه الخير • ولا يقصد بذلك البر والأجر والثواب • وأما الملك الظاهر تتر فإنه كان محسنا حسن الطوية والاعتقاد ولكن لم يساعده
51و
ناپیژندل شوی مخ