فصل:[الإخلاص]
قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((الناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم)) يوجب على سامعه إمعان النظر في معرفة مواقع الخطر المخوف بعد حصول العلم والعمل والإخلاص لله تعالى فيهما، والأقرب أن المخوف على المكلف بعد حصول ذلك منه، إنما هو حصول ما يحبطه من المعاصي، وإنه لا تكليف عليه بعد استكماله الثلاثة: العلم، والعمل، والإخلاص، إلا في حفظه مما يحبطها من المآثم الباطنة التي يجوز ذهول الخاطر عن عظم خطرها فيتسامح فيها، وقد قال الله تعالى:?أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ?[الحجرات:2] وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إياكم ومحقرات الذنوب، فإن لها عند الله طالبا))، وكذلك التحفظ من أمر يدق وجه قبحه فيراه العبد حسنا، وهو في علم الله قبيح فيؤتى من إخلاله بالنظر الصحيح فيه، وقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم التحذير من الذنب الذي لا تمحوه التوبة، فقال ما معناه: (إنه الذنب الذي يعتقده العبد من الإحسان، وهو عند الله تعالى من العصيان)، فلا خطر يخشاه العالم العامل المخلص، إلا أحد هذين الوجهين، وقد نبه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك بقوله: ((حراسة العمل أشد من العمل)) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، وتوفيتم ما بين الركن والمقام، ما نفعكم ذلك إلا بالورع، ألا وإن الدين الورع، ألا وإن الدين الورع، ألا وإن الدين الورع)) .
مخ ۷۲