[جواز تعظيم الكافر والفاسق لمصلحة عامة]
فرع: فأما تعظيم أهل الشرف من الكفار والفساق رجاء لرجوعهم إلى الخير، أو لنصرتهم الحق، أو لخذلانهم الباطل أو نحو ذلك من المصالح العامة، فلا إشكال في جوازه، كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم مع كثير من رؤساء المشركين، حتى بلغ من تعظيمه إياهم أن أفرشهم ردائه، والذين أفرشهم ردائه خمسة أنفار: أبرهة الأصغر بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح القيل، وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم : (إذا جاءكم كريم قوم، فأكرموه)، والأبيض بن جمال السبائي بن مرثد، وهو الذي أقطعه صلى الله عليه وآله وسلم الماء العد، ولا ملح لأهل اليمن غيره، فاستقاله فأقاله، والحارث بن عبد كلال الأصغر، وحجر بن وائل الحضرمي من ولد شبيب من حضرموت بن سبأ الأصغر، وهو الذي قال له معاوية أن يعيره حذائه فقال له: لست ممن يلبس أحذية الملوك، فقال: فأردفني خلفك على الناقة، فقال: ولا أنت من أرداف الملوك، ولكن استظل في ظل ناقتي وكفى لك شرفا.
قال نشوان بن سعيد الحميري مفتخرا: (وكلهم من حمير) ، وأقعد صلى الله عليه وآله وسلم عدي بن حاتم على مخدته قبل أن يسلم وقال فيه: ((وإذا جاءكم كريم قوم فأكرموه))، وهل يختص هذا النوع من التأليف بالإمام كالتأليف بالعطاء؟ الأقرب أنه لا يختص إن حصلت علة حسنة، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه)).
مخ ۵۴