والمشهوريات عظام كما تشتمل عليها الشرائع والسنن والسياسات، وكما يتعلق بحفظ المدن وأمور الحرب والصلح وجمع المواد وانفاقها من القوانين، وهي أما كليات يشرعها الشارع بإعطاء الأصول، ويتمها من يتبعه من المجتهدين بتفريع الفروع، أو جزئيات يشير في مأخذها الواقفون عليها وفي العمل بها في الأشخاص الحكام وغيرهم من المبسوطين.
وغير عظام يشير فيها الخطيب الفطن.
ما يلزم إعداده للخطيب
وعليه إعداد أنواع لما ينسب إلى الخير والشر؛ أما الخير فبدني كالقوة والصحة والجمال والنسب والثروة والفصاحة والصيت الحسن والبخت؛ أو نفساني كالعلم والذكاء والزهد والجود والشجاعة والعفة وحسن السيرة والأخلاق المرضية وحصول التجارب والصناعات، والشر ما يقابلها.
ولما ينسب إلى النافع: وهو كل ما يوصل إلى شيء من الخيرات كالجد والطلب وتحصيل الأسباب وانتهاز الفرص وموافاة " مواتاة - ن " البخت؛ أو إلى الضار: وهو كل ما يعوق عنه أو يوصل إلى الشرور، كإيثار اللذة، والكسل، واللهو، والبطالة، وفوات الأسباب، وضياع الفرص، وسوء التوفيق.
ولما يتعلق بالأشد والأضعف كالحكم بأن أفضل الخيرات أعمها وأدومها وأعظمها وأعزها وأنفعها وأشهرها؛ وما يتبعها خيرات أكثر، وما يكون الاحتياج إليه أكثر وما يرغب فيه الأكابر أو الجمهور أكثر، وما يقابل ذلك.
وعلى المشير في المنافرات أعداد أنواع الأسباب - الفضائل والرذائل - مثلا في العدل من كون الغنى والعلم والخشية من الله تعالى، وطلب الثناء بما يوجب العدل؛ وفي الجور من كون الاحتياج، والوثوق بأن لا يطالب، وعدم الموالات بالعواقب وضعف المجور عليه - وأمثال ذلك مما يقتضي الجور - وكذلك في سائرهما؛ وفي المدح والذم بهما.
وفي المدح بالرذائل من طلب ما يشارك الفضيلة المناسبة له؛ مثلا في الجربزة من الكياسة في الرأي، وفي الفسق " العشق - ن " من لطف المعاشرة، وفي البلاهة من قلة المبالات بما لا يعني، وفي التهور من الإقدام في الأخطار، وفي التبذير من البذل - وكذلك في عكس ذلك.
وفي المشاجرات إعداد أنواع الأسباب - الأفعال الضارة من حب اللهو والبطالة والشرارة واستباحة التصرف في الأموال والأعراض والدماء، والاستهزاء بالخلق - أو غير الضارة فيما يغاير ذلك؛ ولأحوال الجور في وقوعه وفي لا وقوعه مما يقتضي ذلك مطلقا.
وأيضا على الخطيب مطلقا إعداد أنواع مشتركة؛ منها ما يعد للاستدراجات من مبادئ الانفعالات والأخلاق.
مثلا للغضب من باب الأضرار والاستهانة، والكفران والوقاحة، ولفتوره من باب الاعتراف بالذنب والاعتذار والتذلل، والتلقي بالهشاشة، أو بالخوف من الغاضب؛ وللحزن مما يوجب تصور فوت المرغوب فيه، أو حصول المحذور عنه، وعدم الانتفاع بالحيلة والتدبير في ذلك؛ وللتسلية مما يتعلق بكون ذلك مما يمكن أن يدفع أو يرجى التلاقي والتدارك، أو باعتبار حال الغير، أو بالارشاد إلى الحيل، وللخجلة مما يتعلق بخوف الفضيحة وتصور الدناءة واستشعار الشماتة من الأعداء والاستهزاء من غيرهم ولاكتساب الصداقة من جهة الإيثار على النفس والإحسان من غير منة وستر العيوب والنصرة في الغيبة والوفاق، ولإبطالها بأضداد ذلك.
وللحسد من جهة مشاهدة خير يرى الحاسد نفسه أولى به أو في من لا يحبه؛ وللغيرة من جهة تخيل المشاركة ممن لا حق له في الحقوق من غير إدخال صاحبها إياه فيها، ولدواعي الشكر من جهة الإنعام بلا من في وقت الحاجة أو مثلها أو دفع الأذى بغير توقع والنصرة من غير توقع بذل؛ ولدواعي الشفقة من جهة وجود العناية الصادقة، أو تصور الضعف والعجز عن دفع الشر ممن يعني بع، أو لقصور لحوق ضرر بمن لا يستحقه، ولدواعي الشجاعة من جهة تخيل وفور القوة وكثرة الناصر والتوفيق بالعاقبة المرضية أو بكبر النفس وأضدادها مما يتعلق بأضداد ذلك.
وكذلك مما يقتضي كل خلق يختص بصنف مما يختلف بحسب الأسنان، كطلب اللذة في الشبان وطلب النفع في الشيوخ، أو بحسب البلدان، كالفصاحة وغلظ الطبع في العرب، وحسن التدبير وسرعة الملالة في الفرس، والذكاء والحيلة في الهند، أو بحسب الهمم، كالتكبر وعدم الالتفات إلى الغير في الملوك، والدناءة في السوقيين، والغرور في أصحاب البحث.
مخ ۲۱