286

============================================================

اخبار حنين 279

ما نشطت للمقام عندنا ، فإذا دعتك نفسك إلى بلدك جهزناك إليه، ورددنا عليك مالك ، وأخلفنا ما أنفقته عليك إلى أن جيتنا . وأسكنه دارا كان ينفرد فيها . فمكث عند حنين شهرين لا يعلم حنين ولا أحد من أهله أنه يفتى .

فانصرف حنين من دار بشر بن مروان فى يوم صائف مع قيام الظهيرة، فصار الى باب الدار التى كان أنزل ابن سريج فيها، فوجده مغلقا ، فارتاب بذلك ، ودق الباب فلم يفتح له ولم يكلمه أحد، فصار إلى منازل الحرم ، فلم يجد فيها أبنته ولا جواريها ، ورأى ما بين الدار التى فيها الحرم ودار أبن سريج مفتوحا، فا نتضى سيفه ودخل الدار ليقتل ابنته . فلما دخل رأى أبنته وجواريها وقوفا على باب السرداب، وهن يومئن إليه بالسكوت وتخقيف الوطء، فلم يلتفت إلى اشارتهن، لما تداخله ، إلى أن سمع ترتم ابن سريج فى الصوت المنسوب إليه، وهو : فتركته جزر السباع(1) ينشنه ما بين قلة رأسه والمفصم فألقى السيف من يده وصاح به ، وقد عرفه من غير أن يكون قد رآه، ولكن بالنعت والحدق : أبا يحيى ! جعلت فداك ! أتيتنا بلمائة دينار لتنفقها عندنا فى جيرتنا، فوحق المسيح لاخرجت منها إلا ومعك ثلثمائة دينار، وثلثمائة دينار، وثلثمائة دينار، سوى ما جئت به معك اثم دخل إليه فعانقه ورحب به ، ولقيه بخلاف ما كان يلقاه به، وسأله عن هذا الصوت . فاخبره آنه صاغه فى ذلك الوقت . فصار معه إلى بشربن مروان . فوصله بعشرة آلاف درهم أول مرة، ثم وصله بعد ذلك بمثلها. فلما آراد الخروج رد عليه حنين ما له وجهزه ووصله بمقدار نفقته التى آنفقها من مكة إلى الحيرة ، ورجع أبن سريج إلى أهله وقد أخذ جميع من كان فى دار حنين منه هذا الصوت .

وقيل: كان المغتون فى عصر حنين أربعة : هو وحده بالعراق، وثلاثة بالحجاز، قدومه على مغنى الحجاز وموته (1) يقال : تركه جزر السباع : وذلك إذا قطعه اربا إربأ وصيره معرضا لسباع الطير وينشته : يتناولته:

مخ ۲۸۶