والغصن الرطب وما أشبهه ... بالطل أو بالدمع فيه حاليا
ترى الاقاح بالثغور ضاحكا ... والغيث فيه كالجفون باكيا
وتحسب العشاق في عراصه ... لولا الأنين الرمم البواليا
فكم حوى الظل نحولا مثله ... لولا التهاب الوجد كان خافيا
وافاه معتل النسيم عائدا ... وجاءه ورق الحمام راقيا
يا برق اذكيت بقلبي حرقة ... منك فما شأن الحيا وشأنيا
جزت على دار الهوى فهل غدا ... زندك في رى ثراها واريا
عار على دمعي إذا ضن الحيا ... ان تعنذي أغصانها عواريا
إذ كرتني برق الثغور لائحا ... فظل دمعي رائحا وغاديا
بالله ان جزت بأرض رامة ... فصف وان لم يسألوك حاليا
وقل لهم خلفت في الحي لكم ... ميتا قضى وما قضى إلا مانيا
أرخص فيكم دمعة كروحه ... وكان كالصبر عزيزا غاليا
ومن حمى الوادي عريب أشرعوا ... دون القدود مثلها عواليا
جاورت فيهم والندى شعارهم ... فأطلقوا لي من دموعي جاريا
يا صاحبي قد ضاع قلبي فابكيا ... عليه في ناديهم وناديا
واستخبروا السرب ولا تتهما ... عليه في ذا الأعين الروانيا
فان أتى فحبذا وان أبى ... أرسلت دون ناعييه ناعيا
بي منهم ظبي رنا فصادني ... يفديه قلبي صائدا أورانيا
شاكي السلاح لا ترى بجفنه ... في الحي إلا باكيا وشاكيا
يا صارما جفونه جفونه ... فعلك أضحى في القلوب ماضيا
ويا قواما لحظه سنانه ... اذكرتني الطعن وكنت ناسيا
ويا وشاحا ضم خصرا مثله ... لا ترج مثلي من سقيم شافيا
ما لك والخلخال يشكو ربه ... مثل الذي جلت عليه ظاميا
ويا جبينا ما انجلى صباحه ... حتى طوى من فرعه لياليا
سامرت والأفلاك فيك مقتلي ... دون النجوم الادمع الحواليا
كأنني والجو روض ناظر ... بت لأسراب النجوم راعيا
كأنني في مدح محيي الدين قد ... حاولت أن أنظمها قوافيا
وأنشدني له أيضا:
ما ضر من شفع الصدود ببعده ... لو علل الكلف المشوق بوعده
أو لو شفاه بزورة بعد النوى ... ليرى الذي فعل البعاد ببعد
ظبي من الأتراك خال باله ... من حال ملئان الفؤاد بوجده
ريان من ماء الشباب إذا مشى ... يثني الغصون على تثني قدره
ما كنت أشكو من قساوة قلبه ... لو أنه أغرته رقة خده
أبكي ويضحكه التدلل عن سني ... برد شفاء محبة في برده
وأمير حسن ناظري، والقلب من ... أعوانه أبدا على وجنده
علما بان اللحظ منه صارم ... عضب وما حذرا مواقع حده
لو زارني لفضضت ختم رضابه ... وضممت ما ضمت معاقد بنده
وجنيت منه الروض غب سمائه ... وجليت منه البدر ليلة سعده
ووردت من وجناته ورضابه ... ما بغيتي في ورده أو ورده
وأجلت كفى من مجال نطاقه ... في غورة وكففتها عن نجده
قالوا به سقم فقلت لعله ... في جفنه أو خصره أو عهده
يا سالبي طيب الرقاد وإنما ... أسفي على فقد الخيال لفقده
لولا انتظار الطيف يطرق في الكرى ... ما راح دمعي سائلا من خده
وأنشدني له أيضا يعرض بالشيخ شمس الدين الايكي أحد المدرسين بدمشق وكان بلغه عنه أنه تنقص بالإمام أحمد بن حنبل ﵁ وذكره بسوء فانتصر له شهاب الدين أبو الثناء المذكور بهذه الأبيات:
بنت فبات الطيف لي مسعدا ... يبيحني جنة خديك
وطالما حاولتها قبلة ... فصد عنها سيف جفنيك
لو لم أخل حمام اللوى ... في الأيك يغني عن رقيبيك
لفر نوما كان مثل الصبا ... يعطف لي ان ملت بعطفيك
فلا راعي الله حمام اللوى ... ولعنه الله على الايكى
وأنشدني له أيضا:
إذا ما بدا مسفرا ضاحكا ... وقد ميلته الصبا والجنوب
فلاح الصباح وفاح الاقاح ... وماس القضيب وماج الكثيب
1 / 55