) فتراهم دون الرجام وذكرهم ... باق بها فكأنهم أحياء (
فلله در فتى تبقى مساعيه بعده مشكورة، ومناقبه ما بقيت أثارهم مذكورة، ولما تشعث السقف الذي كان أنشأه الملك المعظم الواقف المذكور ﵀ انتدب لإحيائه عبد الله الفقير إليه أسد الدين عبد القادر سبط الواقف بحكم ما إليه من النظر الشرعي في أوقاف جده فجدده وبذل وسعه وطاقته فيه ابتغاء مرضاة الله تعالى وكان الفراغ منه في ربيع الأخير سنة تسع وعشر وسبعمائة من الهجرة النبوية وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وفي الجهة الغربية ثلاث صوامع وأسم المأذنة أو المنار أحق من أسم الصومعة لأن الصومعة هي التي للراهب وهي بفتح الميم. وفي الجهة الغربية والجوفية قباب مختلفة تركت وصفها اختصارا، منها قبة الركن المشرقي الحافلة وقبة المعراج وقبة الميزان الرخامية وقبة موسى البديعة وقبة سليمان الرائقة وفي كل مسجد من تلك المساجد ومدرسة من تلك المدارس، وقبة من تلك القباب أمام عاكف به قائم عليه، ولقد عددت مواضع الاشفاع وصلاة التراويح بها في شهر رمضان المعظم فألفينا نحو الأربعين موضعا وفي الجهة الغربية من الصحن الكبير المثمن مدرسة عجيبة غريبة الشكل غزيرة المياه حافلة الصنعة بابها ملاصق لباب الحرم تسمى الذنقيدية. ويسكنها الصوفية وقد حف بها من الرسوم المذهبة العجيبة والخطب الأدبية الغربية والألفاظ البعيدة القريبة كل من أتى بالعجب، وسفر عن الحسن المنتخب ووجب ان كتب هناك بذوب الذهب، اخترت أخصرها ونقلت أيسرها، فكان الذي ارتضاه الاختيار واقتضاه الاختصار ما قيدته من مباح الطبقة العليا ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي رفع لبيت المقدس في سائر الملل ذكرا، وفضله على أكثر البقاع شرفا وفخرا، وجمع القلوب على محبته تعظيما لرتبته، وقدرا، وأسرى بخير خلقه إليه ثم أنزل عليه صلوات الله عليه، سبحان الذي أسرى، فيا بشرى لمن بنا لله فيه بيتا ولو كان شبرا، ويا أسعد من أسدى للناس فيه ثوابا وبرا، لقوله تعالى وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا، فأي خير أعظم من إنشاء هذا المكان وبناء هذا الايوان، الذي باب الرحمة مفتوحا بين يديه، والطور أمامه والشجر وتحت قدميه، والجامع الأقصى كالقمر ناظر إليه، والصخرة الشريفة كالشمس مقبلة عليه، وهو كالهلال قد ظهر بين الشمس والقمر.
ما الشمس ما البدر في لالاء بهجته ... في كل ناحية من وجهه قمر
1 / 50