132

والجواب: أنه يعني العدلية الذين يجعلون أفعال العباد منهم ويزعم أنهم ينكرون الأقدار، والتحقيق أنهم لا ينكرون القدر، والقدر بمعنى الكتابة، والمراد تحقيق علم الله سبحانه بما سيكون قبل أن يكون، وهذا فائدة من فوائد كتابته للملائكة، أي أنه إذا وقع ما كان مكتوبا كان وقوعه آية تدل على علم الله سبحانه بما سيكون. والعدلية لا ينكرون أنه تعالى يعلم ما سيكون من المخلوقات التي يخلقها سبحانه، ومن أفعال عباده الطاعة والمعصية وغيرها. وليس معنى القدر القضاء على العباد بأن يعصي. ولا كتابة أن يعصي بمعنى إيجاب أن يعصي. ولكن كتابة أنه سوف يعصي مثلا. فالقدر لأفعال العباد سابق غير سائق. والمجبرة يظنون أن من لا يجعل القدر سائقا إلى المعصية فقد أنكر القدر، والواقع خلافه. أما الأحاديث التي تثبت القدر فهي غير منكرة، كحديث: ( وتؤمن بالقدر خيره وشره )(1)[83])، وإنما ينكرون نحو رواية: ( محاجة آدم وموسى وفيها أن آدم قال لموسى: كيف تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني ؟ إلى قوله: فحج آدم موسى )(2)[84])، وليس إنكارها لأجل إثبات القدر، ولكن لجعله عذرا يرفع اللوم عن العاصي، ولا شك في نكارة ذلك. ولو كان عذرا لما كان لآدم أن ينكر على موسى لومه إياه. لأن اللوم الواقع من موسى مقدر، فكيف ينكر عليه ما هو مقدر إذا كان التقدير يدفع اللوم ؟

مخ ۱۳۵