مسألة في نفي الأعضاء عنه سبحانه
نقول: إنه تعالى منزه عن الوصف بالجوارح والأعضاء والحواس، ومنهم من أثبت له أعضاء يدا وساقا وعينا ولسانا ونحوها، ومنهم من يقول: إن هذه صفات له.
فيقال للقوم: أله أعضاء معقولة كما في الشاهد؟.
فإن قالوا: نعم.
قلنا: فيجب أن يكون جسما مؤلفا محدثا ويجب أن لا يصح منه الاختراع، وأن يكون متحيزا متغيرا.
فإن قالوا: له أعضاء ليست كهذه الأعضاء.
قلنا: يجب أن تكون معقولة فعقلوناها حتى نتكلم عليها، فالكلام على صحة الشيء وفساده مبني على كونه معقولا، وبعد فاليد والعين واليد والقدم والساق أسماء لأعضاء مخصوصة، فإذا لم تكن في الغائب مثل هذه الأعضاء فليست بيد ولا عين ولا قدم.
وإن قالوا: لما ورد القرآن باليد والعين ونحوها ولم يجز أن تكون له أعضاء كما في الشاهد؟.
قلنا: إن العين صفة، واليد صفة، والساق صفة، والجنب صفة.
فيقال لهم: يجب أن تكون الصفة معقولة أولا حتى يصح أن نتكلم فيها ويصح أن نحمل عليها كتاب الله تعالى، ونحن لا نعقل اليد صفة، ولا وضعت هذه اللفظة لصفات فلا معنى لهذا الكلام.
فأما الآي في القرآن فاليد تذكر ويراد بها الجارحة، كقوله تعالى: ?فاقطعوا أيديهما?[المائدة:38] وهذا لا يجوز عليه تعالى، وتطلق ويراد بها القدرة، كقوله: ?يد الله فوق أيديهم?[الفتح:10]، وتطلق ويراد بها النعمة، كقولك: "لفلان عندي يد"، وكقوله تعالى: ?لما خلقت بيدي?[ص:75]، وتذكر ويراد بها الصلة، كقوله تعالى: ?ذلك بما قدمت أيديكم?[الأنفال:51]، فوجب أن تحمل الآي على ما يجوز عليه تعالى.
مخ ۷۹