مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين، وعليه أتوكل
الحمد لله المتفرد بالكبرياء، المتوحد بالبقاء، فاطر الأرض والسماء، رب الظلمة والضياء، العدل في القضاء، الحكيم في الإعادة والإبداء، وصلواته على محمد خاتم الأنبياء، وعلى آله سادات الأولياء.
أما بعد..
فإني لما نظرت في الآراء المختلفة، والأهواء المتفرقة، وجدت العقلاء مختلفين في جميع الديانات، وفي المحسوسات والمعقولات، فمن سوفسطائي نفى حقيقة كل شيء حتى المشاهدات، ومن مثبت للمشاهد دون الإستدلاليات، ومن قائل بالإستدلال منكر للصانع قائل بالهيولى والطبائع، ومن ثنوي أثبت أصلين قديمين، ومن مجوسي قال بصانعين، ونصراني وصف الصانع بالتثليث والإلحاد، ومشبه وصفه بالأنداد، وآخر بالمجيء والذهاب والمكان والجهات، وقرمطي نفى الصفات، وأبطل الشرائع والنبوات، وصفاتي أثبت معه أشياء، ومجبر أضاف إلى خلقه القبائح والفحشاء، وبرهمي سد باب النبوات، ويهودي أنكر نسخ الشرعيات، ومن غال ومفوض أضاف صنع الله إلى خلقه وأثبت العالم صنعا لغيره، ومن مناسخ أثبت للمكلف حالا أطاع وعصى ثم نسخ إلى الحالة الأخرى، ومن مرجي لا يرى وعيد الفجار ويثبت لهم الخلود في دار الأبرار، وخارجي كفر من ارتكب فسقا، وحشوي يراه مؤمنا حقا، ومن منكر للبعث والجزاء والموعود يوم اللقاء، ومن رافضي كفر الصحابة، وناصبي نصب لأهل البيت العداوة، إلى غير ذلك من المقالات المختلفة.
ورأيت كل فرقة تكفر صاحبتها وتضللها، وتدعو إلى عقيدة تعتقدها وتنتحلها، وكل أحد يوعد من خالفه عذابا أليما، ويرى لموافقته ثوابا ونعيما.
مخ ۲۵