لكرمه فَوجدت على بَابه بوابا فَمَنَعَنِي من الدُّخُول عَلَيْهِ فَقَالَ البواب مَا أوقفني على بَابه لأمنع مثلك الدُّخُول عَلَيْهِ لرقة حَاله وقصور يَده فَكتبت رقْعَة أَقُول فِيهَا
(إِذا كَانَ الْكَرِيم لَهُ حجاب ... فَمَا فضل الْكَرِيم على اللَّئِيم)
ثمَّ قلت أوصل رقعتي هَذِه إِلَيْهِ فَعَادَت الرقعة وَقد كتب على ظهرهَا
(إِذا كَانَ الْكَرِيم قَلِيل مَال ... تستر بالحجاب عَن الْغَرِيم)
وَمَعَ الرقعة صرة فِيهَا خَمْسمِائَة دِينَار وَعذر فَقلت وَالله لَا تحفن أَمِير الْمُؤمنِينَ بِهَذَا الحَدِيث فَجئْت إِلَى الرشيد فَلَمَّا رَآنِي قَالَ من أَيْن يَا عبد الْملك قلت من عِنْد رجل أكْرم الْأَحْيَاء حاشا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَمن هُوَ قلت رجل قراني علمه مَاله ثمَّ دفعت إِلَيْهِ الرقعة والصرة قَالَ هَذَا ختم بَيت مَالِي فَلَا بُد لي من الرجل الَّذِي دَفعهَا إِلَيْك قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله إِنِّي لأَسْتَحي أَن أروعه برسلك فَقَالَ لبَعض خاصته امْضِ مَعَ الْأَصْمَعِي فَإِذا أَرَاك الرجل فَقل لَهُ أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ من غير إزعاج قَالَ فَلَمَّا حضر الرجل بَين يَدي الرشيد قَالَ لَهُ أما أَنْت بالْأَمْس وقفت بموكبنا وشكوت رقة حالك وَأَن الزَّمَان أَنَاخَ عَلَيْك بكلله فدفعنا إِلَيْك هَذِه الصرة لتصلح بهَا حالك فقصدك الْأَصْمَعِي بِبَيْت وَاحِد فدفعتها إِلَيْهِ قَالَ وَالله مَا كذبت فِيمَا شَكَوْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من رقة الْحَال وصعوبة الزَّمَان وَلَكِنِّي استحيت من الله تَعَالَى أَن أُعِيد قاصدي إِلَّا كَمَا أعادني أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لله دَرك فَمَا ولدت الْعَرَب أكْرم مِنْك ثمَّ أَمر لَهُ بِأَلف دِينَار