وَقيل بَيْنَمَا الْمَنْصُور يطوف بِالْبَيْتِ لَيْلًا إِذْ سمع قَائِلا يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ظُهُور الْبَغي وَالْفساد فِي الأَرْض وَمَا يحول بَين الْحق وَأَهله من الطمع فَخرج الْمَنْصُور فَجَلَسَ نَاحيَة من الْمَسْجِد وَأرْسل إِلَى الرجل يَدعُوهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ واستلم الرُّكْن وَأَقْبل مَعَ الرَّسُول فَسلم عَلَيْهِ بالخلافة فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مَا الَّذِي سَمِعتك تذكر من ظُهُور الْبَغي وَالْفساد ق ٤٦ فِي الأَرْض وَمَا يحول بَين الْحق وَأَهله من الطمع فوَاللَّه لقد حشوت مسامعي بِمَا أرمضني فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أمنتني أَنْبَأتك بالأمور على جليتها وَمن أُصُولهَا وَإِلَّا احتجزت على نَفسِي فَقَالَ أَنْت آمن على نَفسك فَقَالَ إِن الَّذِي دخله الطمع حَتَّى حَال بَينه وَبَين إصْلَاح مَا ظهر من الْبَغي وَالْفساد أَنْت فَقَالَ وَيحك وَكَيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء فِي قبضتي والحلو والحامض عِنْدِي قَالَ وَهل دخل أحد من الطمع مثل مَا دَخلك إِن الله تَعَالَى استرعاك الْمُسلمين وَأَمْوَالهمْ فَجعلت بَيْنك وَبينهمْ حِجَابا من الجص وَالْأَجْر وأبوابا من الْحَدِيد وحجبة مَعَهم السِّلَاح والكراع وَأمرت أَن لَا يدْخل عَلَيْك إِلَّا فلَان وَفُلَان نفر سميتهم وَلم تَأْمُرهُمْ بإيصال الملهوف والمظلوم وَلَا الجائع وَلَا العاري وَلَا الضَّعِيف وَلَا الْفَقِير وَمَا أحد إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق فَلَمَّا رآك هَؤُلَاءِ النَّفر الَّذين استخلصتهم لنَفسك وآثرتهم على رعيتك وَأمر أَن لَا يحجبوا عَنْك جباء الْأَمْوَال وأمرتهم بجمعها وَلَا يقسموها قَالَ هَذَا قد خَان الله ﷿ فمالنا لَا تخونه وَقد سجن لنا نَفسه فأتمروا بَينهم أَن لَا يصل