تهذيب فی تفسیر

حکیم جوشامي d. 494 AH
67

(اللغة)

الاستهزاء: استفعال من الهزء، والهزء والسخرية بمعنى، وهو إظهار خلاف الإبطان على جهة العبث لمن يظهر له ذلك، وقيل: حقيقته الإيهام بما يجب في الظاهر، والأمر بخلافه في الباطن على جهة الاغترار، كمن يسمع شعرا رديئا فيقول: سبحان الله موهما استحسانه، فإذا سئل قال: كنت مستهزئا.

المد: أصله الزيادة في الشيء، يقال: مد الحبل يمده: مطله، والمد: الجذب؛ لأنه سبب الزيادة في الطول، والمادة: كل شيء يكون مدا لغيره، ومنه (مد الله في عمرك).

وطغى وعتى وبغى نظائر، طغا طغيانا، والطغيان: مجاوزة الحد، والطاغية: الجبار العنيد، فكل طاغ ضال.

والعمه: التحير، عمه يعمه فهو عمه، حائر، وقيل: هو المتحير المتردد في أمره، لا يجد مخرجا يؤديه إلى بغيته.

* * *

(المعنى)

ثم بين تعالى جواب قولهم: (إنما نحن مستهزئون) فقال الله تعالى: (الله يستهزئ بهم)

قيل: يجازيهم على استهزائهم، والعرب تسمي الجزاء على الشيء باسم الشيء، يقولون: الجزاء بالجزاء، ومنه: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) ومنه قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا وإنما جاز ذلك لأن حكم الجزاء أن يكون على المساواة، وقيل: إنه على طريق التشبيه، ثم اختلفوا في وجه التشبيه، فقيل: لما عابهم على الاستهزاء، وكان وبال استهزائهم يعود عليهم صار كأنه استهزأ بهم، وقيل: لما أظهر لهم في الدنيا من الأحكام التي ينتفعون بها خلاف ما لهم في الآخرة من العذاب كان كأنه استهزأ بهم،

مخ ۲۵۸