وفي رفع (أولئك) أربعة أوجه: الأول: أن يكون خبرا لموصوفين بالصفات الثلاث المتقدمة.
والثاني: أن يكون خبرا للفريقين من مؤمني العرب، ومؤمني أهل الكتاب.
والثالث: أن يكون خبرا لقوله: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك)
والرابع: الاستئناف، فيكون الرافع له: (أولئك على هدى من ربهم).
فأما (هم) في قوله (المفلحون) فيحتمل وجهين: أحدهما: أنه حرف، وقد بينا أنه عماد عند الكوفيين، وفصل عند البصريين، وإنما يؤتى بها للتوكيد ولا موضع له من الإعراب، وإنما يؤذن أن الخبر معرفة، أو ما قارب المعرفة، وقيل: إنما يؤتى به ليؤذن أن الذي بعده خبر ليس بصفة، وقيل: إنه اسم وخبره (المفلحون).
والأحسن أن يكون. أولئك على الاستئناف؛ ليكون المعطوف مشاكلا له.
* * *
(المعنى)
ولما وصف المتقين بهذه الصفات بين ما لهم عنده فقال تعالى: (أولئك) قيل: إشارة إلى الموصوفين بجميع ما تقدم من الصفات، وهم جملة المؤمنين، وقيل: إلى صنفين أحدهما: من آمن من العرب. والثاني: من آمن من أهل الكتاب. (على هدى من ربهم) قيل: من دين ربهم، وقيل: على دلالة وبيان من ربهم، وإنما قال: (من ربهم) لأن كل خير وهدى فمن الله تعالى، إما لأنه فعله، أو لأنه عرض له، وأولئك كرر تفخيما وتعظيما، (هم المفلحون) قيل: الظافرون بالبغية، وقيل: الباقون في الجنة؛ لأن. الفلاح البقاء.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على أن الفلاح لا يحصل إلا بهذه الخصال، التي علقها به؛ لأن المعلق به شرط لا يحصل عند عدم الشرط، فيبطل قول المرجئة.
قال مجاهد: أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين، واثنتان بعدها نزلت في الكافرين، وثلاث عشرة آية في المنافقين، وقيل: ذلك يدل على عظم حالهم
مخ ۲۳۲